محتارة في إكمال الدراسة ولا أعرف كيف أستخير!
2024-09-25 02:12:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة، والآن أكملت ٦ سنوات في الدراسة، والمفروض أني خريجة منذ ٣ سنوات؛ لأن مدة دراسة تخصصي هي ٣ سنوات فقط، لكن هناك ظروف مادية اضطررت معها لحذف "أترام"، وأحيانًا تأجيلها، والآن بقي لي سنتان على التخرج، يعني مجموع السنوات التي سأدرسها سيكون ٨ سنوات.
علمًا أن دراستي كانت عسيرة جدًا من ناحية المواصلات؛ لأن مكان جامعتي بعيد قليلاً، وبكل ترم تتعقد وأؤجل، ومرة أحذف، لكني ضغطت على أهلي من الناحية المادية، وصارت الأمور جيدة من ناحية الدراسة، لكن المادية اهتزت جدًا؛ لأن تكاليف السائق غالية.
المشكلة هنا أني أحس أن عمري ذهب كله سعياً، وأخاف أن يكون بدون فائدة؛ لأني منذ فترة غير طويلة جاءتني لحظة إدراك: أنه يمكن أن تكون الأوقات التي تعسرت فيها دراستي، كانت علامة من ربي لأترك الموضوع، وأنه ليس فيه خير لي، ومعروف أن الخيرة فيما اختاره الله، حتى لو كان أمره أني سأترك الدراسة، فتركها فيه خير لي.
أحببت أن تكونوا على بينة من أمري، وأوضح لكم الأسباب التي تجعلني أترك الدراسة.
أحب أن أسأل عن صلاة الاستخارة، لو استخرت في أمرين هما أن أكمل الدراسة أو أن أتركها، والمتعارف هنا أنه بعد الاستخارة يأتيك شعور انشراح للقرار، أو يضيق صدرك، وتنفر منه، كيف أعرف أي الأمرين خير؟ فرضًا أنا استخرت أن أكمل، أو أترك، ثم جاءني شعور انشراح، هل هذا الشعور الذي جاءني، جاء لأي قرار، إكمال الدراسة أم تركها؟
كيف أعرف أيهما الذي ارتحت له؟ لأني أخاف لو استخرت، وجاء شعور انشراح يمكن فهمه على أنه: توكلي على الله، وأكملي، لكن هو بالأساس قد يكون جاء لقرار عدم إكمال الدراسة، وأنه هو الأنسب، ولأجل هذا انشرح صدري؛ لأن تركها فيه خير لي.
نوروني الله ينور عليكم، والله إني في حيرة من أمري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ البندري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أعانكِ الله ويسّر لكِ أمركِ، وجزاكِ خيرًا على سعيك وصبرك.
من الطبيعي أن تمرّي بمثل هذه الحيرة عندما يتعلق الأمر بقرارات مهمة في حياتك، خصوصًا عندما يكون لهذه القرارات تأثيرات عميقة على مستقبلك المهني والشخصي.
أولاً: نحب أن نذكركِ أن الله سبحانه وتعالى يعلّمنا من خلال القرآن الكريم أن السعي والاجتهاد في الحياة، من أهم الأمور التي يقوم بها الإنسان، قال الله تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً) (الكهف: 30)، وهذا يشمل كل الجهد الذي بذلته طوال هذه السنوات في محاولتك لإكمال دراستك.
صلاة الاستخارة طريقة عظيمة لطلب التوفيق والهداية من الله، وهي تُعَدّ من الوسائل التي يلجأ إليها المسلم حين يكون متحيرًا في أمرين أو أكثر، عند إقدامك على الاستخارة، الله سبحانه وتعالى قد يفتح لكِ الطريق بشكل أو بآخر، من خلال انشراح الصدر أو الشعور بالراحة تجاه أحد الخيارين، لكن قد لا يكون الأمر واضحًا جدًا منذ البداية.
للإجابة على سؤالك حول شعور الانشراح بعد الاستخارة، وكيف تعرفين أي قرار هو الأفضل، هناك عدة نقاط يجب مراعاتها:
1. عند الاستخارة، تأكدي من أنك توجهين نيتك لله تعالى بشكل كامل، بأن يختار لكِ ما هو خير لكِ في الدنيا والآخرة، سواء كان الاستمرار في الدراسة أو تركها، قد يكون الانشراح مرتبطًا بواحد من الخيارين، بناءً على ما هو الأفضل لكِ، والله وحده يعلم الغيب.
2. الاستخارة لا تعتمد فقط على الشعور، فبعد الاستخارة من المفيد أن تأخذي وقتًا لتفكري في الجوانب العملية للقرار. اسألي نفسك:
- هل سأشعر بالندم إذا تركت الدراسة؟
- هل سأكون قادرة على مواجهة التحديات إذا استمررت؟
بمعنى آخر: استكمال الأسباب الموضوعية للمضي في الدراسة، مثل توفير المال اللازم للتنقلات والدراسة، فإذا تعذر هذا الموضوع لأمر أو لآخر، فليس أمامك إلا تأخير بعض الفصول الدراسية لحين تيسر الأحوال المادية، وهكذا إلى أن تصلي إلى مرحلة قد لا تتقبل الجامعة استمرارك بهذه الطريقة، عندها يكون الأمر قد خرج من يدك فعليًا، ولن تكوني ملامة على التفريط في دراستك.
3. إذا شعرتِ بعدم وضوح القرار بعد الاستخارة الأولى، فلا بأس بتكرارها، بعض العلماء يشيرون إلى أن الشخص قد يحتاج إلى تكرار الاستخارة، حتى يصبح الأمر واضحًا له.
4. استشارة الناس الموثوقين بعد الاستخارة، من المفيد استشارة من تثقين بهم من أهل العلم، أو من ذوي الخبرة في مجالك؛ لأنهم قد يقدمون لكِ نصائح مفيدة تساهم في توجيهك.
5. الوقت والمجهود ليس ضائعًا، بالرغم من كل التحديات التي مررتِ بها، لا يُعتبر ما فعلته ضياعًا، السعي في سبيل العلم والعمل هو عبادة، وكل جهد تبذلينه في هذا الطريق يكتبه الله لك.
6. من الممكن أن تكون هذه التحديات جزءًا من اختبار الله لكِ، لتصبحي أكثر صبرًا وقوة، وإن كان ترك الدراسة هو الخيار الأفضل لكِ، فالله سيرشدك إلى ذلك، في النهاية، الثقة في الله بعد الاستخارة تعني: أن تقبلي بما يحدث، وتؤمني بأن الله يختار لكِ الخير.
ختامًا: نرجو أن تطمئني، وأن تعلمي أن ما أنتِ فيه من حيرة هو جزء من رحمة الله بكِ؛ لأنه يريدكِ أن تتوجهي إليه ليهديك إلى الصواب، وسيرشدك إلى الصراط المستقيم، سواء كان إكمال الدراسة أو التوقف عنها، وكل ما عليكِ هو التوكل عليه بعد الاستخارة.
ونؤكد على أهمية المضي قدمًا فيما ترينه (ظاهريًا) هو الخيار الأنسب لك، وهو هنا مواصلة الدراسة، فإن تعسرت الأمور فأنت معذورة، وحينها سيكون ترك الدراسة في هذه الحالة هو (الخيار) الذي اختاره الله لك؛ لأن أسبابك المادية تعسرت.
نسأل الله أن يوفقكِ لكل خير، وأن يشرح صدرك لما فيه صلاح دينكِ ودنياكِ.