أرهقتني المعاصي والديون وضيق الرزق، فهل من نصيحة؟

2024-06-27 04:18:21 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

متزوج، وحاصل على مؤهل عال، وليس لدي عمل رغم أني طرقت جميع الأبواب، ودخلت مشاريع كثيرة ولكني فشلت، وحظي سيء وغير موفق في حياتي.

رغم أني أحاول جاهدًا أن أكون عبدًا مطيعًا لله، ولكن حظي في المعاصي كبير، وديوني كثيرة، ولا أعرف ماذا أفعل، ولا كيف أتصرف؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي- في استشارات إسلام ويب.

اعلم -وفقك الله- أن الشعور بعدم التوفيق -رغم ما يبذله الشخص من الأسباب- من القضايا التي تشغل الكثير من الناس، ولمعرفة سبب حدوث ذلك والعلاج، لا بد من أن يكون الشخص واعيًا بثلاثة أمور:

أولًا: اليقين بعلم الله وإحاطته بكل شيء: فكلما زاد يقين المسلم بعلم الله وقدرته وإحاطته، شعر بالرضا التام عن أقدار الله، فلا يحبط ولا يشك ولا يحزن، بل يزيده ذلك تعلقًا بالله وثقة فيه سبحانه، جاء في الحديث: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له" [رواه مسلم].

ثانيًا: الامتحان والابتلاء: فالله يصيب الإنسان بأنواع الابتلاءات ليس لتكفير السيئات فحسب، ولكن قد تكون أيضًا لرفعة الدرجات، أو لتربية المسلم وتزكيته لنفسه، مما قد يفسد عملها كالعجب والغرور، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" [رواه مسلم].

ثالثًا: فقه الأخذ بالأسباب: وهذا في غاية الأهمية، وخلاصتها أن حكمة الله تعالى تقتضي أن يأخذ الإنسان بكل سبب ممكن، وكأن الأسباب هي كل شيء، ثم يتوكل على الله تعالى وكأن الأسباب التي أخذ بها لا تساوي أي شيء.

كذلك من فقه الأسباب المادية حسن الإعداد وتهيئة النفس بالوسائل الموصلة للغايات، ثم السعي في كل الوسائل الممكنة لتحقيقها، وتهيئة النفس وإعدادها لتكون أهلًا لبلوغ هذه الغاية بالتأهيل وتنمية المهارات، فقد تكون هناك عوائق يتم تجاهلها تؤدي لعدم التوفيق، ومن ذلك على سبيل المثال:

- المنافسة الشديدة: فربما تكون المنافسة على الوظائف التي تتقدم لها عالية جدًا، فتحتاج إلى إعداد وتميز أكبر.
- قد تكون سيرتك الذاتية، أو رسالة التغطية غير فعالة في إبراز مهاراتك وإنجازاتك بالشكل المناسب عند التقديم لوظيفة.
- قد تكون هناك حاجة لتحسين مهاراتك وتنمية قدراتك في التعبير عما تحسن، وطرق إقناع الآخرين بها.
- قد لا تكون شبكة العلاقات لديك قوية بما فيه الكفاية، فالعلاقات لها دور مهم جدًا في النجاح المهني.
- قد تكون هناك فرص عمل محدودة في المنطقة التي تقيم فيها، فتحتاج إلى تغيير موقعك، أو قد تكون مهاراتك وخبراتك أكثر طلبًا في مناطق أخرى، أو قد تكون بحاجة إلى تدعيم مؤهلاتك بتخصصات مرغوبة، ولها طلب في سوق العمل.

أخي العزيز: من اليسير أن يعلق الإنسان تقصيره على أي شيء حتى يعفي نفسه من البحث عن الخلل، وينسى الإنسان كم فيه من خير ونعم لا تحصى، فيبالغ في تعظيم المشكلة، وهذا يحول نتائج هذه الابتلاءات إلى عجز وضعف، ويضعف المسلم عن مدافعة أقدار الله بأقدار الله، وعندما ينظر المسلم لهذه الأحداث أنها امتحان وابتلاء وتمحيص؛ تصبح هذه الابتلاءات وسيلة لتعزيز الثقة بالله، والقرب منه سبحانه، قال تعالى: "الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، فالشيطان يريد أن يضعفك، ويجعل هذه الأحداث سببًا في الشك والريب والضعف.

لذلك عليك بالدعاء بقلب كله ثقة بأن ما اختاره الله لك هو الخير، ثم تأخذ بالأسباب، وتعد وسائل النجاح، وتسلك كل وسائل تحقيق الغايات، فإن لم يتحقق ذلك فقربك من الله وحسن ظنك به والصبر هو ما ينجيك، لا أن تيأس أو تحكم على نفسك وحياتك كلها بعدم التوفيق.

يسر الله أمرك، ووفقك للخير.

www.islamweb.net