الأخ الأكبر يريد من إخوته الطاعة الدائمة، فما توجيهكم؟
2024-06-13 02:51:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعرف شخصاً طلب مني أن أسألكم عن استشارة، وهو شخص متزوج، لديه أولاد، وهو كبير في السن، وأخوه الكبير دائماً يتسلط عليه، ويقول له: أنا ولي المنزل بعد وفاة الأب، ويحق لي الأمر والنهي.
لدرجة أن أخته التي هي أكبر منه، وهي غير متزوجة أصبح يأمرها وينهاها، ويقول إن الولاية لي، وأنتم جميعاً عليكم طاعتي، فإذا أمرتكم بمباح فعليكم طاعتي، وإلا فأنتم آثمون.
هل هذا يجوز في الإسلام؟ وهل يجوز لأخيه الأصغر منه أن يعصيه ويعيش بعيداً عنه دون قطع صلة الرحم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل- وشكرًا لك على السؤال نيابة عن هذا الأخ، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يرحم موتانا وموتى المسلمين، وأن يعيننا على التوافق والتناصح في ما يرضي الله تبارك وتعالى.
لا شك أن الشريعة الإسلامية تعطي الكبير مقاماً ومكانة، وينبغي أن يطاع إذا أمر بطاعة الله تبارك وتعالى، والإنسان ينبغي أن يسمع كلام كل من يدعوه إلى الخير، ولكن هذا الأخ لا يمكن أن يكون في مقام الأب من حيث الحقوق، فالأب يظل أباً، والأخ يظل أخًا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين.
الشريعة تدعو الكبير دائمًا إلى أن يرحم الصغار، وفي المقابل تدعو الصغار إلى أن يوقروا الكبير، وفي الحديث: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويعرف لعالمنا حقه).
أما بالنسبة لهذا الأخ فنحن لا ننصحه باتخاذ المخالفة لأخيه الأكبر منهجًا، خاصة لو أمر بالصواب وأمر بالخير، بل الأصل أن يداريه، ويحسن إليه، ويحترم سنه، كما أن الكبير عليه أن يشفق على إخوانه الصغار، وعليه أن يهتم بأمر أخواته البنات.
بل الإحسان لإخوانه الصغار ولأخواته كبارًا وصغارًا، هذا لون من البر للأب والأم الذين مضوا إلى الله، فمن برنا لآبائنا وأمهاتنا أن نحسن لإخواننا ولأخواتنا، لأننا إذا أحسنا إليهم فهذا إكرام للرحم التي تربطنا بهم، والصلة التي بيننا وبينهم عن طريق الأب وعن طريق الأم.
لذلك أرجو أن توصي هذا الأخ بأن يتطاوع ولا يختلف مع أخيه، كما هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن بعثهم إلى اليمن، قال: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا).
الصغير ينبغي أن يعرف للكبير حقه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم في شريعته قال: (كبر كبر)، ينبغي أن نحترم من يكبرنا في السن، ونقول للكبير في السن: عليك أن ترحم من هم أصغر منك، وعبارة يتسلط علينا قطعًا عبارة صعبة، لأن هذا يدل على أن أوامره كثيرة، وأنه متشدد، وأنه يظلم، وأنه يقهرهم، قطعًا هذا لا يمكن أن يقبل، لكن أيضًا نحن لا نريد أن نجعل هذا سببًا للبعد والنفور، وسببًا للاختلاف بينهم، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يريد لنا أن نختلف.
لأن من كان قبلنا اختلفوا فهلكوا، فلا بد أن تكون كلمتهم واحدة، نحو الوفاق، والتفاهم، وإذا كان لك سلطان على كبير السن أيضًا توصيه خيرًا بإخوانه، وتوصيهم أيضًا باحترامه وتقديره، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.
حقيقة نحن ينبغي أن ننظر إلى التعليمات والتوجيهات، فإن كانت في الخير والطاعة لله، فعلينا أن نطيعه ونسعد بذلك، وإن كانت في غير ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن كانت ليست فيها مصالح دنيوية، فنحن ننصح الصغار أن يحسنوا الاستماع للكبار، فمن الحكمة أن يحسن الإنسان الاستماع لمن يتكلم من الكبار، ثم بعد ذلك نفعل ما فيه رضا لله، وما فيه مصلحة، ليس من الصواب أن نجادل في كل صغيرة وكبيرة.
إذًا: عليك أن تحسن التعامل، فحسن الخلق مطلب شرعي، والكبير ينبغي أن نعرف له كبر سنه، ونسأل الله أن يعينهم على التفاهم، والوئام، والمحبة، وعلى فعل كل ما كان يرضاه الوالد أو ترضاه الوالدة فيما بينهم يوم أن كانوا أحياء.
نرجو العمل بهذه التوجيهات، ونسأل الله أن يكتب لكم فيها النفع، وإذا استمرت المشكلة وظهرت تطورات جديدة؛ فنرجو معاودة الكتابة إلينا مرة أخرى.
والله الموفق.