ابني لا يرد علي عند اندماجه باللعب
2024-06-12 02:56:47 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أكتب اليوم في هذه الصفحة بعد قلق وبكاء دام شهرين.
ابني يبلغ من العمر 23 شهرًا، منذ صغره وهو هادئ، غير مزعج؛ مما دفعني إلى إهماله، فأنا لم أتكلم معه قط، ولم أعلمه أي شيء، فقط أتركه أمام التلفاز مع أخواته اللاتي يبلغن من العمر 5 و 3 سنوات، لكن بعد أن لاحظت أنه متأخر جدًا أطفأت التلفاز، وركزت على تعليمه، فكان لا يعرف أي كلمة، ويقول ماما وبابا، لكن لا يقصدها، ولا يشير إلى ما يريد، وفي بعض الأحيان لا يستجيب لاسمه.
بعد شهرين من التركيز عليه أصبح يقول بعض الكلمات، وأسماء الحيوانات، ويلعب مع أخواته، ويشير للأشياء، لكن ما يقلقني أنه عندما يكون مندمجًا مع الألعاب لا يرد على اسمه، إلَّا إذا قلت له (تعال)، أو (هاك)، أو (أعطني)، أو (انظر إلي)، وتواصله البصري ضعيف، وعندما ألعب معه أو أغني له يقلدني بالحركات، ويركز في عيني، لكن عندما أحاول أن أتكلم معه وأعلمه لا يهتم ولا ينظر إلي أبدًا.
وشكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سامية .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على رسالتك التي اطلعت عليها اليوم، والتي تتحدث عن ابنك البالغ من العمر ثلاثة وعشرين شهرًا. وكما ذكرتِ في رسالتك أنك في الفترة الأولى من نموه تركته مع التلفاز، ولم تتفاعلي معه بشكل طبيعي، وبالتالي لاحظتِ في فترة متأخرة وجود ضعف في التواصل أو في الكلام.
أولًا: هناك أشياء كثيرة لا بد من استصحابها خلال هذه المرحلة من العمر، وعملية التعلُّم تختلف من طفل لآخر، والأطفال أيضًا يختلفون فيما يسمى بالتفاعلات مع الآخرين (Interactions with others)، وبعضهم يكون سريع التفاعل، وبعضهم يحتاج إلى تسخين بعض الشيء لفترة من أجل أن يبدأ في التواصل مع الآخرين.
عمومًا طفلك لا زال عمره أقل من سنتين، وإذا كان موضوع التأخُّر في الكلام وضعف التواصل شيئًا مقلقًا بالنسبة لك؛ فهناك الكثير ممَّا يسمى بأدوات الفحص المبدئي، التي بموجبها أن يتأكد الإنسان إذا كان هناك ما يقلق، وبالتالي يحتاج إلى مقابلة الطبيب. ليست هذه الحالات تحتاج إلى طبيب استشاري لتشخيصها، ولكن عمومًا في هذه الفترة عرض هذا الطفل على طبيب الأطفال مسألة مهمة، لعمل اسكرين Screen (فحص) في البداية، للتأكد من أن هناك ما يحتاج إليه من فحص أو تدقيق فيه، ومن ثم موضوع ما أشرت إليه من هل الطفل مصاب بالتوحد أو لا؟
التوحد هو من اضطرابات النمو المتطورة التي تحتاج إلى تقييم بواسطة الأخصائيين - سواء كانوا أخصائيي في طب أطفال أو أخصائيي في الأمراض النفسية لدى الأطفال - لا بد من أن يكون عندهم القدرة على عمل هذا التشخيص؛ لأننا لا نقبل التقييم من أي شخص غير متدرب على كيفية عمل التقييم الصحيح، وعمل هذا التشخيص السليم.
وبالتالي مجرد السماع أو الالتفات إلى ما هو موجود في الإنترنت، وبالتالي إصدار أي إسقاط ومخاوف على ابنك، هذا لا يجوز، وإنما المهم هو أن تحاولي أن تعرضيه - إذا كان هذا هو ما يقلقك - على الطبيب حتى يطمئن قلبك، وتستطيعي أن تجدي إجابات لبعض الأعراض.
طبعًا عملية التقييم تشمل عملية تقييم دقيق للنمو والتطور خلال الفترة هذه -24 شهراً من عمره- وكذلك متابعته بعد ذلك، وهناك أيضًا أشياء كثيرة يمكن أن تحدث خلال هذه الفترة تأتي بعلامات قد تكون قريبة من موضوع التوحد، لكنها ليست مكتملة لتشخيص التوحد.
ولذلك أنصحك بالآتي:
أولًا: أنت لك طفلان قبله، عمرهما ثلاث سنوات وخمس سنوات - كما ذكرت - فإذا كانوا أصحاء ولم تشتكي ولم تعاني معهما مثل معاناتك مع هذا الطفل الأخير، وكنت تتفاعلين معهما؛ فتعاملي مع ابنك هذا بنفس الطريقة التي كنت تتعاملين بها مع أطفالك قبله، وبالتالي كما ذكرتِ أنك في بعض الأحيان تجدي منه التجاوب أو الاستجابة والتفاعل.
موضوع التلفزيون والإلهاء باللعب في بعض الألعاب وأنها يمكن أن تضعف التواصل، فطبعًا هذا يعزز ضعف جانب التواصل، لكنه إذا وجد التواصل مع إخوانه أو التواصل مع أقران له وأطفال في مثل عمره - سواء كان ذلك في باحات الألعاب، أو في روضة من الروضات، أو حديقة أطفال، أو مع أطفال الأسرة الكبيرة، أو التواصل معكِ، أو مع أي شخص كبير في العمر بشكل متواصل، كمعلّم للحروف الهجائية، مثل (القاعدة النورانية) مثلًا، حتى يستطيع أن يتحصل على اللغة المناسبة، وبالتالي يستجيب للتواصل.
نصيحتي - كما ذكرت - هي عرض ابنك على طبيب ليتم فحصه، ونتأكد من خلوه من أي شيء ممكن أن يكون سببًا في تأخر النمو من ناحية التواصل، وبالتالي إعطاءك النصائح على أسس علمية بعد التقييم.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم جميعًا.