ابنتي تعاني من العصبية الزائدة وعدم التركيز.. كيف نعالجها؟
2022-08-30 23:45:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تبلغ ابنتي من العمر 28 عامًا، وكانت قد عانت أثناء ولادتها من حالة موكونيوم (سوائل الولادة دخلت لرئتيها)، واستمرت أسبوعين في الحضانة حتى خرجت بالسلامة بحمد الله، ولكن حدثت لها بعض المضاعفات لاحقًا، ولكنها بسيطة جدًا من رعشة في اليدين، وضعف في التركيز، ولكنها نجحت في دراستها الثانوية والجامعية، وتعمل حاليا بإحدى الوظائف المرموقة، ولكنها تعاني من العصبية الزائدة وعدم التركيز، وعلاقاتها سيئة بزملائها وأقاربها وحتى في الجوانب العاطفية، فهي متقلبة المزاج من النقيض إلى النقيض، وبدون مبرر...
هل حالتها أثناء الولادة هو ما أثر على حالتها من رعشة في الأيدي وما سبق إيضاحه؟ وهل هناك علاج لحالتها النفسية السيئة وطباعها الحادة المتقلبة؟
أثناء طفولتها ذهبنا للعديد من الأطباء الذين أجمعوا على أنها حالة طبيعية، ولكن حالتها النفسية سيئة للغاية مما جعلها تذهب لدكتورة أمراض نفسية، وهل حالتها تحتاج أن الدكتورة النفسية تعرف تاريخها المرضي، أم أنه لا تأثير حاليًا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khaled el حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرًا على ثقتك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لهذه الابنة الصحة والعافية.
أنا لا أرى أبدًا أن ما حدث لها أثناء الوالدة له تأثير على الصحة النفسية.
دخول الـ (موكونيوم) – وهو سائل لزج طبعًا – للرئتين يحدثُ كثيرًا لبعض الأطفال، وليس له أثر نفسيّ حقيقيّ على التطور اللاحق للطفل أو لمكوّناته العقلية، وكذلك مكوناته الوجدانية والنفسية؛ لأن تأثير البيئة من هذا النوع – وهو تأثير بيولوجي – يكون في بدايات الحياة، بمعنى أن الطفل ليس له إدراك في ذاك الوقت، لكن الطفل الذي يتعرّض مثلاً بعد عمر الخامسة لصعوبات حياتية؛ هنا ربما ينعكس ذلك على حياته النفسية لاحقًا.
هذه الابنة والحمد لله تعمل في مجال البنوك ومستوى الذكاء لديها مرتفع، وهذا دليل على أن مقدراتها المعرفية والعقلية ممتازة، وهذا دليل أكيد على أن تجمُّع الموكونيوم في الرئتين – والذي حدث لها – لم يُؤثّر عليها، فأرجو أن تطمئن من هذه الناحية.
حالتها من حيث الناحية النفسية: الآن أرى أن هذه الفتاة – حفظها الله – لديها درجة من القلق النفسي، مع تقلُّب مزاجي، والقلق النفسي في حدِّ ذاته قد يُؤدي إلى تقلُّب مزاجي، وإلى العصبية في بعض الأحيان، والاندفاعية والانفعالية، وعدم الثبات في العلاقات، لأن القلق حين يكون جزءًا رئيسيًّا في شخصية الإنسان – كأحد المكونات الوجدانية الأساسية إذا كان قلقًا زائدًا ومحتقنًا – قطعًا له آثار سلبية، لكنه إذا كان قلقًا معقولاً ومنضبطًا يُؤدي إلى النجاح ويُؤدي إلى الإبداع.
وهذه الفتاة لا يُساورني شكٌّ أبدًا في أن القلق قد أفادها في نجاحها الوظيفي والأكاديمي طبعًا، لكن بدأ القلق بعد ذلك يحتقن ويتحوّل إلى مكوّن سلبي، أثّر على صحتها النفسية بالطريقة التي تراها.
أنا أرى أنها إذا التزمت بنمط الحياة الإيجابي، كَحُسن إدارة الوقت، وتجنُّب السهر، وممارسة الرياضة، وممارسة التمارين الاسترخائية، وتجنّبت الفراغ، وأدارت وقتها بصورة جيدة، وحرصتْ على الصلوات في وقتها، وبنت علاقات اجتماعية راشدة، أعتقد أن ذلك سيكون مفيدًا جدًّا لها.
وليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد الأدوية البسيطة المثبتة للمزاج، والتي تُزيل القلق، وهناك أدوية كثيرة جدًّا طيبة وفاعلة، وليست إدمانية، ولا تضرُّ الهرمونات النسائية، عقار مثل (اسيتالوبرام) بجرعة صغيرة سيكون مفيدًا جدًّا لها.
إذًا عرضها على طبيب نفسي أعتقد أنه قرار سليم، بالرغم من أني لا أرى أنها صاحبة علَّة نفسية معقّدة، لا أرى ذلك أبدًا، ومثل هذه الحالات غالبًا تتحسَّن مع مرور الزمن، لكن طبعًا التعجيل في الشفاء دائمًا أمر مرغوب. ولا أرى داعيًا لمعرفة التاريخ المرضي بالنسبة للطبيبة النفسية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.