وحيدة ليس لي صديقة ولست محبوبة من الناس!
2022-04-11 03:42:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 26 سنة، مشكلتي أني وحيدة ليس لي صديقة، ولست محبوبة من الناس، حاولت أن أكون صداقات لكنني فشلت، درست في الجامعة وكثير من المعاهد التعليمية، وكلما تعرفت على صديقة هجرتني، قريباتي كثيرات لكنهن لا يحببن شخصيتي ويفضلن أخواتي علي، حتى أخواتي لا يحببن الجلوس معي، لدرجة أن أختي المتزوجة لا تزورنا إلا عندما نكون أنا وأختي في البيت، تتحدث معها، ولا تهتمان لحديثي، يعتبروني صغيرة، ولا أحد يحبني، ويعتبروني مجنونة لأني لا أحب حديث الفتيات عن الشباب والزواج والعلاقات، وأحب التحدث عن قصص الأنبياء والعلم ومعرفة الثقافات الأخرى.
أحس بفراغ كبير جدا لدرجة تجعلني أفكر في أشياء سيئة، حتى أمي لا تحب الجلوس معي بسبب حديثي عن العلم والثقافة والقرآن!
أرجوكم انصحوني فإني تعبت من هذا الفراغ، أتمنى صديقة تهتم لأمري، وأشكو لها حزني، وأزورها عندما أتضايق، فكل أخواتي لديهن صديقات يتزاورن بينهن، تعرفت على الكثير من البنات، ولم تستمر أي واحدة معي، لدرجة أصبحت لا أتكلم كثيرا، وأنظر لنفسي في المرآة دائما، لا أعرف سبب كره النساء لي، أو بالأحرى يرفضن صداقتي بسبب شكلي، فأنا لستُ جميلة، أنا عادية جدا، فهل أنا حقاً مجنونة كما يقولون؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُحببك إلى خلقه، وأن يُحبب إليك الصالحات منهن، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
لا شك أن فتاة استطاعت أن تدرس الجامعة وتخلص وتدرس المعاهد العلمية هي على خير، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وأرجو أن تبحثي عمَّن يُشاركك الاهتمامات والقواسم المشتركة، فابحثي عن الصالحات وعن الداعيات، وعندهنَّ اهتمامات بسير الأنبياء والأمور الشرعية وبالأمور الثقافية، فإن هذا القاسم المشترك أساسي في تكوين العلاقات، فإن الاهتمامات المشتركة تُعين على تكوين صداقات أيضًا في نفس الاتجاه.
وعليه: فنحن لا نستغرب بُعد الكثيرات عنك، لأن طريق الجدّية وطريق العلم وطريق الدّين، هذا كثير من الناس يهجره بكل أسف، ولكن أرجو ألَّا تُصابي باليأس، بل استمري في التواصل أولاً مع موقعك، مع قسم البحوث، ومع النظر في الاستشارات، حاولي أن تطوري قدراتك وما عندك من مواهب، استبدلي هذا بتواصل مع مهتمّات في نفس الثقافة التي تهتمّي بها.
وبالنسبة للأخريات أيضًا لا بد أن تعيشي الحياة الواقعية، خاصة مع الوالدة، فكوني إلى جوارها، ساعديها، لاطفيها، قومي بواجباتك تجاهها، تعاملي مع الناس بقدر اهتمامهم، أيضًا راعي هذا الجانب، وهذه هي المُداراة، أن نتعامل مع كل إنسانٍ بما يقتضيه حاله، فإذا وجدتِّ مثقفة فعيشي معها الثقافة، وإذا وجدت امرأة عادية فكوني معها أيضًا تكلمي عن الأمور العادية فيما لا يُغضب رب البريّة سبحانه وتعالى.
وبالطريقة هذه تستطيعين أن تفتحي على نفسك آفاقا جديدة، أمَّا الإصرار على أن تكوني جادة وتتكلمي عن العلم وتتكلمي عن الثقافة؛ فهذا قد يُصعّب عليك مهمّة وجود مَن يُشاركنك الاهتمام في هذه الأمور، وهذا لا يعني أن هذا النوع غير موجود، لكنّه نادر.
وإذا كان شكلك عاديا - كما قلت - ونحن نقول دائمًا: أرجو ألَّا تنظري طويلا في المرآة، واعلمي أن كل أُنثى خلقها الله جميلة، جميلة بأدبها، جميلة بحيائها، جميلة بالتزامها، جميلة بتمسُّكها. كما أن أيضًا كل فتاة ستجد مَن يُسعدها ويسعد بها ويميل إليها ويفرح بها، لأن وجهات النظر تختلف، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، فلا تهتمّي بهذا الجانب، واجعلي همّك أن تُحسّني ما بينك وبين الله تبارك وتعالى، أن تُلاطفي من حولك، أن تعاملي الناس بقدر ما يقتضيه حالهم، أن تبحثي عن صديقات يحملن نفس الهموم والاهتمامات، فإن هذا يُعين على إيجاد صديقات صالحات.
واعلمي أن الفتاة أيضًا ينبغي أن تجعل كتاب الله جليسها، فهو جليس لا يملّ وصاحب لا يغش، وما جالس أحدٌ هذا الكتاب إلَّا قام عنه بزيادة ونقصان، زيادة في هدى، ونقصانٌ من عمى وضلالة وجهالة.
عليه: أرجو ألَّا تسجني نفسك، وألَّا تترددي في التواصل بسبب هذا الذي يحدث، وابحثي عن الأسباب الأخرى، وتواصلي مع الموقع، فإن مزيدا من التعريف بنفسك ومزيدا من المواقف التي حصلت لك مع صديقات سابقات؛ يستطيع أن يعطينا مؤشرات مهمّة تُعينك وتُعيننا على تصحيح هذا الجانب.
لست مجنونة كما يظنُّون، بل أنت عاقلة، واعية، لكونك تهتمّين بهذه الأمور المهمة، وليس من الضروري أن يُجاري الإنسان الناس في كلِّ ما يُغضب الله أو في ما يُغضب الله، لكن لا مانع من أن نجاريهم ونجالسهم ونضحك معهم في الأمور المباحة التي لا تضرنا من الناحية الشرعية.
أسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، ونتمنّى ألَّا تعاتبي نفسك أو تجلدي ذاتك، ونتمنّى ألَّا تتأثر صورتك عن نفسك بسبب كلام الناس، فإن رضا الناس غاية لا تُدرك، وابحثي عمَّن يُشابهنك ويُشاركنك الاهتمامات، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات.