أجرح نفسي عندما أحزن..فهل أنا مريضة نفسيًا؟
2021-11-30 08:19:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من مشكلة منذ الصغر، والدي انفصل عن والدتي وكنت في الصف الثاني الابتدائي، وكان لدي أخ أكبر مني، ولكن توفي في عمر 19 سنة.
من صغري إذا واجهتني مشكلة أجرح نفسي، كنت في البداية أخدش نفسي فقط، ثم تطور الأمر إلى استخدام آلات حادة، وعندما أجرح نفسي لَا أشعر بما أفعل من جروح في اليد، وما زالت آثار الجروح إلى الآن.
أحاول كثيرا أن لا أفعل ذلك، ولكن عندما ينجرح قلبي أو يخذلني أقرب الناس لا أعرف كيف أفعل ذلك، علما أني أصلي وأدعو الله أن يهديني، فهل أنا مريضة نفسياً، أم هذا شيء آخر؟
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Menna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحييك ونرحب بك في الشبكة الإسلامية.
مراحل الطفولة المبكرة والطفولة المتأخرة لا شك أنها مراحل تكوينية مهمّة جدًّا في حياة الإنسان، وافتقاد الوالدين أحدهما أو كليهما له آثار وتبعات سلبية على الصحة الوجدانية والتطورية للطفل، خاصة إذا لم تُوجد وسائل تربوية بديلة.
لكن في ذات الوقت نعرف أن هنالك الكثير من الأطفال الذين تعرضوا لحرمان من الأبوية والأمومة، وما شاء الله بعد ذلك انطلقوا في الحياة وكانت شخصياتهم متوازنة جدًّا.
ما كنت تقومين به من جرحٍ لنفسك وخرابيش لنفسك فقط – كما ذكرت – هذه أحد المتنفّسات النفسية السلبية المعروفة، استشعار الذات عن طريق جرح الجسد هو نوع من الفعل الاندفاعي الانفعالي السلبي، لكن سبحان الله صاحبه يجد متنفَّسًا كبيرًا بعد أن يقوم بهذا الفعل، وكثير من علماء النفس والسلوك ربطوا هذا الأمر باضطرابات في الشخصية، أو لعدم نضوج الشخصية. هذا هو التفسير العلمي لما كان يحدث لك.
الآن – أيتها الفاضلة الكريمة – أقول لك أنك لست مريضة نفسية أبدًا، ما حدث قد مضى وقد انتهى، وأنت الآن في عمر يُؤهلك لاكتساب الكثير من المعارف والمهارات، وتطوير ذاتك بصورة إيجابية، دون القيام بأي أفعالٍ سلبية. الإنسان يجب أن يعيش قوة الآن – أو ما نسميه بقوة الحاضر – ويمكنك أن تقرئي كتاب (إيكهارت تول Eckhart Tolle) المسمَّى (قوة الآن The Power of Now)، وبالفعل الآن دائمًا أفضل للإنسان من الماضي، والإنسان لا يعيش في ضعف الماضي، إنما يعيش في قوة الآن، فأريدك أن تنطلقي انطلاقات إيجابية في الحياة، تنظمي وقتك، يكون لك أهداف.
أنا سعيد جدًّا أنك تصلين وحريصة على الدعاء، فنطالبك بالمزيد في هذا السياق، وعليك بالتواصل الاجتماعي، وعليك ببر الوالدين بأي أسلوب وبأي طريقة متاحة بالنسبة لك، وانظري للمستقبل بتفاؤل وبأملٍ وبرجاء، وبناء العلاقات الاجتماعية الراشدة لا شك أنه يُفيد الإنسان كثيرًا.
وأنت الآن في هذا العمر من المفترض أن تكوني في المرحلة الجامعية، فأتمنّى ذلك، وإن كان هذا هو الحال فاجتهدي في الدراسة، وإن لم يكن هذا هو الحال فأرجو أن تبحثي عن تعليم بديل، لأن التعليم مهم، ويمكن أيضًا أن يكون لديك مشروع مثلاً لحفظ القرآن الكريم، أو على الأقل أجزاء من القرآن الكريم ... هذه كلها مشاريع حياتية ممتازة جدًّا ومفيدة جدًّا.
خلاصة الأمر: أنت لست مريضة نفسيًّا، ما حدث في الماضي أمرٌ قد انتهى، والآن أنت مُدركة وواعية، ويجب أن تستفيدي من مقدراتك ومهاراتك، وتُساعدي نفسك من خلال الإيمان المطلق بجدوى الحاضر وأهميته.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.