صغر شكلي الذي لا يتناسب مع عمري الحقيقي يفقدني الثقة بنفسي!
2021-07-11 02:37:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 21 عام ولكن مظهري يبدو أصغر من عمري بكثير، فأنا قصير القامة ونحيف وليس لدي لحية كبقية الشباب في عمري، وهذا يؤثر علي! لا أستطيع تكوين صداقات بسبب قلة ثقتي بنفسي، كما أني أخاف من التجمعات وأرتبك كثيرا عندما أقابل أشخاصا جددًا، ويظهر ذلك علي فيخجلني كثيرا، لذلك غالبا ما أتهرب من أي مقابلات أو تجمعات، وهذا يُفقدني بعض الفرص التى أحتاجها لكن أرفضها خشية التجمع ومقابلة الناس، وأشعر دائما بالحزن بسبب الوحدة!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، وشكرًا لك على هذا السؤال، ونسأل الله أن يملأ نفسك أمنًا وإيمانًا وثقةً، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.
لا يخفى عليك – ابننا الكريم – أن الرجال لا تُقاس بأحجامها، ولا تُقاس بأموالها، بل إن ربَّنا العظيم لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أجسادنا، لا ينظر إلى صورنا ولا إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، وعندما تعجَّب الصحابة من دِقَّة ساقي ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هما أثقل عند الله من جبل أُحدٍ)، هكذا الناس يرتفعون بطاعتهم لله، بإيمانهم بالله، بحرصهم على إرضاء الله تبارك وتعالى.
فلا تشغل نفسك بمثل هذه الأوهام، واعلم أن الإنسان يعلو بإيمانه، يعلو بتقواه، قال ربُّنا: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، لم يقل (الذي عنده جسم ضخم وشكل كذا) ولم يقل (الذي عنده أموال) أو (عنده عقار)، بل ذمَّ المنافقين فقال: {كأنهم خُشبٌ مسنَّدة}، فالأحجام لا تُفيد الإنسان ولا يكون الحكم فيها لأنها أولاً ليست من كسب الإنسان، فالواحد مِنَّا لم يُخيّر في شكله طويلاً، قصيرًا، متينًا، ضعيفًا.
فلذلك أرجو أن تطرد من نفسك هذه الأوهام، واعلم أن أي إنسان لا يخلو من نقائص، وربما الطويل مُحرجٌ من طُوله، والقصير مُحرجٌ من قِصره، والمتين مُحرج لأنه سمين، والنحيف مُحرجٌ لأنه ضعيف البنية، هذا كله لا يُقدِّمُ ولا يُؤخّر، والنجاح للإنسان أن يعرف نقاط القوة ونعم الله التي أنعم الله بها عليه فيؤدِّي شُكرها، ثم يشغل نفسه لما خُلق لأجله.
فنسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذا الأمر، واعلم أن الناس جميعًا بشر، نحن بشر النقص يُطاردُنا، ولذلك أرجو ألَّا تنظر لما عندك من النقائص، ولكن ركّز على ما عندك من الإيجابيات، واعلم أن هذا الذي تذكره من قِصَرِ القائمة أو عدم وجود اللحية أو نحافة الجسم؛ هذه ليست عيوبًا، وليست من أمور الإنسان ليختفي من أجلها، ولذلك أرجو أن تتجاوز هذه المسألة، وإذا وُجد في الناس مَن ينظر أو يضحك فعلى نفسه يضحك، وعلى ربِّه يُسيءُ، لأن هذا هو الخالق الذي خلقنا في أحسن تقويم سبحانه وتعالى.
فكن راضيًا بما أعطاك الله، واكتشف نعم الله عليك، وأدِّي شُكْرها، وانظر إلى مَن هم أقلَّ منك في كل أمور الدنيا، وانظر إلى مَن هم أعلى منك في أمور الآخرة، في الأمور التي فيها رضوان الله، فإن الإنسان إذا نظر إلى أهل الدنيا وجد المرضى، ووجد الذين ليس لهم أموال، ووجد الذين لا يعرفون الكتابة ولا يتواصلوا ولا يقرؤوا القرآن، يعني: هو أفضل من هؤلاء جميعًا، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كي لا تزْدَروا نعمة الله عليكم).
فأنت ولله الحمد في نعم كثيرة، اعرف هذه النعم وقم بشكرها، وسل الله بعد ذلك المزيد، وسل الله بعد ذلك من فضله، ولا تعزل نفسك عن الناس، فالمؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يُخالط ولا يصبر، وتجنّب الوحدة، فإن الشيطان مع الواحد، وهذه الأحزان من عدوّنا الشيطان، فهمّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان.
تذكّر الذين في السلف ورجال الأُمَّة الكبار، الصغار، الصحابة الذين لم يلتفتوا إلى نحافة أجسادهم، ولا لهذه المظاهر، وإنما تقدَّموا بإيمانهم وتقدَّموا بطاعتهم لله فكانوا نماذج تتأسَّى بهم الأمم.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.