أمي تحرمني من برها بخدمة نفسها، فهل هذه عقوبة إلهية؟
2020-11-23 01:31:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا انطوائية، لا أتحمل الأذى، وللأسف شديدة الحساسية؛ وهذا ما يجعلني أحاول عدم الاختلاط بالآخرين. تعاملي الأكبر مع أمي، وكلما حدث خلاف بيني وبينها اسودت الدنيا في عيني، وتمنيت أن أموت.
أحاول التقرب إلى الله بكل ما أستطيع من قوة، وأمي تحاول أن تثنيني عن ذلك، إذا حاولت تحضير الطعام تسارع هي بتحضيره، إذا حاولت أن أحضر لها دواءها تسارع هي بإحضاره بل تأخذه أحيانًأ قبل موعده لكي لا أحضره لها، وتقول لي أنا هكذا أرتاح لأني تذكرت موعد دوائي بنفسي، إذا حاولت المساعدة في المنزل، تقول لي لا أريد أن أتعبك. أبتغي مرضاة الله وبرها، ولكنها تحول بيني وبين تحقيق ذلك، هي تقول إنها لا تريد أن تشق عليّ، فستحضر هي الطعام وتحضر لنفسها الدواء وتنظف المنزل، إذا أحضرت حلوى أو طعام تصر على إعطائي ثمن المشتريات، فتقول ادخري نقودك لنفسك، وترى أنها المكلفة بالإنفاق علينا.
أحاول أن أشتري أشياء دون علمها وأخفيها في الثلاجة أو في المطبخ، أضع نقودًا بين نقود مصروفات البيت، دون أن تأخذ بالها، فأنا بفضل الله أعمل عملاً هي تحبه، إذا سألتني بكم اشتريتِ الخضار أقلل من المبلغ بكثير، وهي لا تلاحظ ذلك.
سؤالي بارك الله فيكم: هل أنا بذلك أكذب حينما أخبرها بثمن أقل من الثمن الفعلي؟ ثانيًا: هل ربنا غاضب عليّ فلا يجعل أمي تساعدني في برها؟ ثالثًا: هل هي محقة فيما تفعل؟
أنا أعاني حقًا، فقط أسكت وأبكي بمفردي في غرفتي، لا أتحمل فكرة أن الله لا يرضى عني في صورة رفض أمي لمساعداتي، بالله عليكم أجيبوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ JannahSeeker حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدلُّ على روحٍ طيبةٍ ورغبة في الخير، والرغبة في الخير خير، نسأل الله أن يُسعدك ببرِّ الوالدة، وأن يُطيل في عمرها، وأن يُلهمنا جميعًا السداد والرشاد والبِرُّ بآبائنا وأُمَّهاتنا في حياتهم وبعد الممات.
لا شك أن هذا الشعور الرائع في حد ذاته بِرٌّ، وبما أن البِرُّ عبادة عملية وعبادة إيمانية وطاعة لربِّ البرية فإن المُحاسب فيها والمُجازي فيها هو الله، والله تبارك وتعالى عذر مَن يحرص على البر ومَن يصدق في البر ومَن يحاول البِرَّ، بل عزَّاهم بقوله تعالى: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إنْ تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا}.
فالمهم هو بداية صدق النية في البِرِّ، وصدق الرغبة في مساعدة الوالدة، والوالدة تُشكر أيضًا على حرصها على أن تُساعدك، وعلى أن تبادر بخدمة نفسها، لكن هذا بابٌ ينبغي أن تُسارعي فيه، وتحاولي أن تسدّي الثغرات المكشوفة، وحاولي أن تتفنَّني في البِرِّ؛ فإن البرّ لا يقف عند الأشياء التي ذُكرت في السؤال، بل من البِرّ الدعاء للوالدة، بل من البِرِّ عمل المساج لها، ملاطفتها، تسريح شعرها، وهذا كان ممَّا يفعله السلف، حتى الرجال منهم مَن كان يُمشِّطَ شعر أُمِّه بِرًّا.
فأرجو أن تفتحي لنفسك آفاقا جديدة وأصنافا جديدة من البِرِّ بالنسبة للوالدة، واستمري في المساعدة، واستمري في وضع النقود مع نقودها، لكن لست مطالبة أن تُخبري بخلاف الحقيقة، يعني: لست مطالبة أن تُخبري بخلاف الحقيقة عندما تشترين بعض الأشياء، ولكن اجعلي الإجابة إجابة دبلوماسية، إذا قالت: (هذا غالي) قولي: (أنت أغلى، أنتِ تستحقين، وأنا أبتغي ثواب الله، وأنا سعيدة بما تقومين به تجاهي ...) يعني: أسمعيها من الكلام الطيب الجميل، وهذا من البِرِّ.
والوالدة طبعًا إذا جُبلتْ على هذا – على المسارعة وخدمة نفسها – نحن نسأل الله أن يُبارك فيها، لكن هذا بابٌ للتنافس من قبل الأبناء والبنات، ولكن لا نريد أن تعاني أو تتألَّمي أو تبكي لأجل ما يحصل، وإذا فعلت الوالدة كل شيء فاجتهدي في الدعاء لها، وإذا فعلت الوالدة كل شيء في خدمة البيت فاحرصي على خدمتها خدمة شخصية، في ثيابها، في جسمها، في شعرها، بأن تُريّحي الوالدة، بأن تذهبي وهي نائمة لتُغطّيها من البرد، بأن تقومي بأشياء هي لم تفعلها وتفعليها أنت، لتقوم فترى ما قمت به، يعني: أبواب البر كثيرة، فعليك أن تفتحي لنفسك نوافذ جديدة وأبوابا جديدة من البر، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم جميعًا ممّن إذا أُعطي شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر.