أراعي مشاعر زوجتي دائماً ومع ذلك تطلب الطلاق!!
2024-03-04 23:31:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ ٣ أشهر، ولكن عقد القران كان منذ ٩ أشهر، كل شيء كان بدون مشاكل، ولكن بعد عقد القران حدثت مشاكل كثيرة مع أهل زوجتي، ولم يلتزموا بالاتفاقات التي اتفقنا عليها، وزيادة على ذلك تعاملوا معي بأسلوب سيئ جداً، ومع أهلي كذلك، ودائماً ما كانوا يقللون من كرامتي.
في هذا الوقت زوجتي كانت متمسكة بي وأنا متمسك بها، ولم أرد الإساءة لأهلها حتى لا تحدث مشاكل بينهم أكثر وأكثر؛ لأن زوجتي كانت متعبة نفسياً من المشاكل التي يحاول أهلها اختلاقها.
قمت بتجهيز بيت المعيشة وحدي؛ لأن أهلها لم يلتزموا باتفاقهم، وقمت بالتغاضي عن الإهانة والأسلوب السيئ الذي أراه منهم، ولكن بعد الانتقال لبيت الزوجية حدثت بيننا مشاكل كثيرة، جعلتني أخاف من هذه العلاقة؛ فهي لم تقف بجانبي أثناء مرض والدي، وقيامه بعملية جراحية، بل كانت تفتعل المشاكل معي في الوقت الذي كنت فيه قلقاً جداً عليه.
وأيضاً لم تقف بجانبي عندما عرفت أن خالي عنده السرطان -عافانا الله وعافاكم- وأن الأطباء قالوا حالته ميؤوس منها، بل قالت: إنه من الممكن أنني أكذب، وغيرها الكثير!
هي تغضب عندما والدتي تكلمني، وقد تسألني عن ما أفعله بغرض الاطمئنان، وأنا لا أقول لوالدتي أسرار بيتنا، بل إذا كنت أتناول الغداء مع زوجتي في مكان ما فإنني أجيب عليها، ولا تعرف أشياء أكثر من هذا، فهل أنا مخطئ؟
أنا أحب زوجتي وأراعي نفسيتها، وما حدث مع والدتها وتأثيره عليها، في نفس الوقت لم أستطع التركيز في عملي ومستقبلي فماذا أفعل؟
زوجتي طلبت الطلاق وقلت لها أن تفكر، فأنا أراعي مشاعرها دائماً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -ابننا الفاضل، وأخانا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يؤلِّف القلوب، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
من المؤسف أن تحدث بعض المشكلات بين عائلة الزوج وعائلة الزوجة، والأخطر من ذلك أن يكون الزواج هو الضحية، ونحن حقيقة سعداء بهذه الحالة التي حرصت فيها على إتمام الزواج؛ لأن زوجتك لا ذنب لها فيما يحصل من أهلها، كما أنه لا ذنب لك فيما يحصل من أهلك.
ومثل هذه الاحتكاكات التي تحدث للنمَّامين وللنمَّامات فيها دور كبير، وللشيطان فيها مدخلٌ عظيمٌ، والحياة الزوجية لا يمكن أن تستمر إلَّا إذا ارتفعنا فوق هذه الأمور البسيطة، وعلى الجميع أن يعلم أنه من أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها، والمكر السيئ لا يحيق إلَّا بأهله.
وأرجو أن تؤسسوا حياتكم على قواعد غاية في الأهمية يكون فيها الاحترام لأهلها وإن أساؤوا، والاحترام لأهلك وإن أساؤوا أو قصّروا، ورعاية المشاعر المشتركة بينكم؛ فإن هذه الحياة تهُمُّك، والزوجة أنت تزوجت بها ولم تتزوج بأهلها، وهي رضيت بك ولم تتزوج بأهلك؛ فلذلك ينبغي أن تُحصر المسألة بينكم، ويجتهد كل طرفٍ في رعاية مشاعر الطرف الآخر.
نحن لا ننفي بأن التوترات الحاصلة في الخلفيات – يعني عند أهلها وعند أهلك – سيكون لها انعكاسات كبيرة على حياتكم، لكن عندما نعرف الحدود الشرعية، عندما نراعي ونحرص على طاعة رب البرية، عندما نعلن ما بيننا من العلاقة، الميثاق الغليظ بينك وبين أهلك -فإن زوج المرأة بمكان لا يعدله أحد- فإننا عند ذلك نتجاوز ما يحدث.
ونتمنّى أيضًا أن تُقدّر مشاعرك إذا مرض أحد من أهلك، وأنت أيضًا تُقدّر مشاعرها وتكون قريبًا منها في حال حصول مرض أو أذى لأهلها مهما كان تقصيرهم، من أجل عين تُكرم ألف عين – كما يقول أهلنا في مصر – هذا مثل جميل؛ فالإنسان يُكرم الزوجة ليس لأنها أهلها جيّدون، لكن لأنهم أهلُها، وهي تُكرم أهله ليس لأنها موافقة على كل ما يحصل، لكن لأنهم أهل هذا الزوج.
فكرة الطلاق أرجو أن تبتعد عنها، وإن طلبتها الزوجة، فاستمر في مراعاة مشاعرها، وكن أنت على الخير، فإن الرجل هو المؤثر الأكبر، وهو الأقدر على تحكيم العقل، وقبل ذلك نحن مطالبون بأن نحكّم الشرع، وليس العقل أو العواطف، لكنّ الرجل هو الذي ينظر إلى مآلات الأمور وعواقبها وآثارها، وينظر بعيدًا، وهذا الذي يحدث لا يدوم، بل الأهل أيضًا رغم قُربهم مِنَّا فإنهم لا يدومون لنا.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يُسعد الجميع، وأن يُصلح الأحوال، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وليس لها أن تطلب الطلاق، وإن طلبت الطلاق بغير ما بأسٍ فذاك حرام عليها، وهي تحت تهديد قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فرائحة الجنة عليها حرام).
أرجو أن تحذّرها بأن هذا ممنوع من الناحية الشرعية، وليس لك أيضًا أن تُسارع في طلاقها؛ فإن الطلاق لا يسرُّ سوى عدوّنا الشيطان، وليس من الصواب أن تُطلِّقها لفعل أهلها أو لمثل هذه المواقف، يعني: المهم أن تتطور هي في تقديرها لمشاعرك والاهتمام بأهلك، وأنت أيضًا بنفس الطريقة، وأرجو أن تعلموا أن العلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، وأن خير الأزواج عند الله من هو خيرٌ لصاحبه، فالسباق بينكم في إرضاء الله، والأقرب إلى الله هو الذي يُحسن عشرة الشريك.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.