ما هي الطرق المعينة على تقويم سلوك الأبناء بعمر الشباب؟
2020-09-29 02:25:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ...
بصفتي إمام المسجد جاءني أحد المصلين، فقصّ علي قصة فيها آثار من ألم من أبنائه قائلاً:
لديه ثلاثة من الشباب الذين تجاوزوا العشرين عاماً، ولم يتزوجوا، وهم في بيت واحد، ولكنهم في تمرد وعدم تقبل أي توجيه من والديهم، يتظاهرون باحترامهم ويسيرون وفق ما يريدون هم فقط، إذا أراد والدهم تقديم توجيه، أو نصيحة فإنه يجد نفسه أمام صخور، وليس بشرا، يسمعون ولكنهم لا يلتزمون، دائما يقولون: إن شاء الله، أبشر، ولكن دون عمل.
مثال: عراك مستمر مع الوالدين حول الصلاة وتأديتها، ولا يصلون إلا أمام والديهم، لا يرتادون المسجد، ولا يؤدون السنن الرواتب، وهم يعلمون أجرها وفضيلتها.
وأما القرآن فقد كانوا يحفظون أجزاء من القرآن بعد أن ارتادوا مراكز التحفيظ، لكنهم بعيدون عنها.
يقال عن أحدهم بأن له علاقات هاتفية مع بنت أو أكثر، وكان والدهم يتمنى أن يكونوا أحسن حالا مما هم عليه، كما أن الوالدين لا يجدان منهم همة ولا طموحا، يجلسون أمام الأجهزة ليلا ونهارا باستمرار، يغلب عليهم الكسل والسخرية والانتقاص من والديهم، وأنهم أعلم منهما.
الاستجابة بطيئة لطلبات المنزل، لا يبادرون ولا يُصلحون شيئا في منزلهم.
يشكو الوالدان من قلة البركة في مالهم مع أن الله فتح عليهما.
كيف يكون التأثير على أمثال هؤلاء الشباب؟
ما هي الوسائل التربوية المعينة على تهذيبهم؟
هل قصر الوالدان في تربيتهما؟
هل من نصيحة لوالدهم؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – الأخ الفاضل والشيخ الكريم – ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بك، وشكرًا لك على الاهتمام بأمر هذا الرجل من المصلين، وهكذا ينبغي أن يكون أئمة المساجد، ونسأل الله أن يهدينا جميعًا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى، ونكرر لك الشكر على الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يُحبُّه ويرضاه.
لا يخفى على فضيلتكم، وأمثالك من الفضلاء أن الشباب المذكورين في مراحل عمرية تحتاج إلى تعامل خاص، بل هم قد تجاوزوا مرحلة المراهقة بسنواتها المرسومة، غير أن الناس في هذا الزمان – الذي قصّر فيه الناس في التربية على القواعد الشرعية وعلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم – هناك من يدعو إلى رفع سِنّ المراهقة إلى سنوات حتى تشمل المرحلة التي هم فيها هؤلاء الشباب. وعليه: فإننا بحاجة إلى أن نوجّه الرسائل التالية لآبائهم وأُمَّهاتهم:
الأولى: لا بد من الاستمرار في الدعاء لهم.
الثانية: على الأب والأم أن يتفقا على خطة تربوية موحدة.
الثالثة: عليهم أن يعرفوا طبيعة هذه المراحل العمرية.
الرابعة: عليهم أن يستبدلوا الأوامر والتعليمات المباشرة بالحوار.
الخامسة: من الضروري أن يتحمّل هؤلاء الأبناء المسؤوليات ولو بالتدرّج، لأن تحميلهم للمسؤوليات وتكليفهم بعض المهام من المهم بمكان.
السادسة: من المهم جدًّا أن يكون هناك عدلٌ من الآباء في التعامل بين أبنائهم، فلا يُميّزوا بين أخ وبين أخيه.
السابعة: من المهم جدًّا أن تكون طريقة التعليمات وطريقة الطلبات بطريقة صحيحة، ومن المهم أن يُشيد الآباء والأمهات بأي تطور إيجابي أو أي عمل إيجابي يقوم به هؤلاء الأبناء، فإن من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات مَن لا يُركّز إلَّا على السلبيات، ودائمًا نحن نقول: التركيز على الإيجابيات يزيدها، وأيضًا التركيز على السلبيات يزيد من السلبيات.
الثامنة: لابد من اختيار الوقت المناسب لمحاورتهم ومناقشتهم.
التاسعة: لابد من اتخاذ الوسائل النافعة والألفاظ الجميلة في الوصول إلى قلوبهم.
العاشرة: ترك التسلُّط عليهم، لأن من الآباء مَن لا يُرضيه أي حال، لذلك أرجو دائمًا أن تكون هناك فرصة لهم وإعطاء مقدارًا من الثقة المشوبة بالحذر، وأيضًا إعطاؤهم فرصة في أن يعطوا أنفسهم حظّها وحقّها.
الحادية عشر: من المهم جدًّا ربطهم بأصدقاء صالحين، وهذا طبعًا يكون بطريقة غير مباشرة، فمن المناسب أن تقوم أنت كإمام مسجد والصالحين بزيارتهم في البيت، بالثناء على هؤلاء الشباب، بالتواصل معهم، والاهتمام بهم.
وختامًا: نبشّر هذا الأب بأنه إذا كان الأبناء قد بدؤوا والتحقوا بمراكز تحفيظ وحفظ القرآن فنحن نأمل خيرًا، وننتظر إن شاء الله أن يعودوا إلى صوابهم، وهذا يتطلب مِنَّا جميعًا مجهودات واتخاذ أساليب مناسبة، ونسأل الله أن ينفع بك وبأمثالك، ونكرر الترحيب بك وبهذه الأسرة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والثبات.
والله الموفق.