طفلي صامت مع الغرباء.. كيف نساعده؟
2020-08-26 06:31:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا أعيش في ألمانيا منذ ٣ سنوات، لدي طفل عمره ٦ سنوات وضعته في الحضانة لمدة سنتين، ولم يتكلم أبدا، في البداية ظننت أنه بسبب اللغة، وعدم قدرته على التعبير، لكن مع الوقت كان يتعلم اللغة ويتحدث بها جيدا في المنزل، لكن ظل صامتا في الحضانة، والآن بدأ مدرسته الابتدائية من جديد.
كنت أعوّل على دخوله المدرسة بما أنه أصبح أكبر سنا، وأقدر على التحدث باللغة الألمانية، لكن المفاجأة كانت أنه لم يتحدث بكلمة واحدة حتى الآن، مع أنه ذكي جدا، يستطيع الكتابة والتحدث باللغتين العربية والألمانية، لديه القدرة على الرسم، وحل الرياضيات، وله هوايات كثيرة لكنه مع الغرباء ( الألمان بالذات ) لا يتحدث بالمرة.
مع العلم أنه يتحدث على الهاتف مثلا مع الجميع بشكل جيد، ويتحدث مع العائلة بشكل طبيعي جدا، هل طفلي بحاجة لمعالجة نفسية؟ ما هي مشكلته بالتحديد؟ وكيف لي أن أساعده لكي لا تتفاقم مشكلته مع الوقت؟
أرجو الإجابة بأسرع وقت.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Umyazangermany حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لابنك العافية والشفاء.
الحالة التي يعاني منها الطفل تُسمَّى (elective mutism) أي (الصمت الاختياري)، أو (الصمت التخيُّري) بمعنى أن الطفل يكون ليس لديه خلل لغوي، لا من ناحية المسارات العصبية ولا من ناحية حركة اللسان وعضلات اللسان، كلها سليمة، لكن الطفل يتخيّر أوقاتًا مُعينة يتكلّم فيها وأوقاتا أو ظروفا أو أماكن أخرى لا يتكلّم فيها.
وهذا الموضوع تدارسه علماء النفس كثيرًا، بعض الأطفال يكونون أطفالاً طبيعيين جدًّا، ويكون هذا الموضوع موضوعا مرحليا وينتهي، بعض الأطفال تكون هذه العلة ناتجة من عدم القدرة على التكيّف مع ظرفٍ مُعيّن، الطفل لم يتأقلم، لم يتكيّف، لم يتوائم مع ظرفه، ولذا يُعبّر عنه احتجاجه وتظلُّمه من خلال هذا الصمت الاختياري.
في بعض الأطفال الأمر قد يكون ناتجًا من عدم استقرار نفسي عام حادث للطفل، أو من مخاوف، وشيء من هذا القبيل.
هذه الحالات غالبًا تكون عارضة، والطفل إذا تم تشجيعه وتعزيز السلوك الإيجابي لديه أعتقد أن ذلك سوف يُساعده، وفي ذات الوقت طبعًا إذا عُرض على مختص في الطب النفسي للأطفال؛ هذا ربما أيضًا يُساعد كثيرًا؛ لأن ظروف الطفل يجب أن يتم تدارسها بدقة، (ظروفه الأسرية، ومحيطه)، وإن كان الطفل قد تعرَّض إلى أي نوع من المخاوف ...؟ هذه كلها يجب أن تُدرس، لكن بصفة عامة هذه الحالات من وجهة نظري تكون عابرة وتكون مؤقتة.
من جانبك وكذلك والده: عاملوا الطفل بشيء من التحفيز، وحاولي أن تُطبقي طريقة النجوم معه، وهي طريقة معروفة، يُثاب الطفل على أي أفعال إيجابية يقوم بها، ويُكافئ من خلال إعطائه نجوما مُعيّنة، وتكون هنالك لوحة مثبتة على الحائط في غرفته، يُتفق على عدد النجوم في حالة السلوك الإيجابي، وفي حالة الفعل السلبي تُخصم منه بعض النجوم، ويمكن يُقال له مثلاً: (إذا تكلمت - في وضع خارج المنزل - سوف تأخذ هكذا عددًا من النجوم)، وفي نهاية الأسبوع يتم استبدال ما اكتسبه من النجوم بشيء مفضّل ومُحبب إليه، وليس من الضروري أن تكون الأشياء التي يُكافئ بها الطفل أو تُهدى إلى الطفل ذات قيمة مادية عالية.
الأمر الآخر هو: أن نجعل هذا الطفل بقدر المستطاع يختلط بالأطفال الآخرين، وأعتقد أيضًا الذهاب به إلى المراكز الإسلامية - خاصة في عطلة نهاية الأسبوع - والالتقاء بالأطفال الآخرين، أعتقد أن هذا أيضًا فيه خير كثير.
أيضًا أود أن أشير إلى أن هذا الطفل يحتاج إلى الرقية الشرعية، فأرجو إن كنت تعرفين أحد الرقاة فقدموا له الطفل ليقوم بذلك، وإن لم يكن هنالك أحد من المشايخ يمكنك أنت أو والده تقوموا برقيته، ويوجد على اليوتيوب الكثير من الأخوة المشايخ الذين لديهم رقية مسجلة، مثل الشيخ محمد جبريل مثلاً، فهذه أيضًا يمكن الاستماع إليها وأن نجعل الطفل يستمع إليها، ويدعو بدعواتها -إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.