أصبحت أكره أخي لما يسببه لي من مشاكل، فماذا أفعل؟
2020-07-07 05:15:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
دكتوري الفاضل، أنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما، وطالب جامعي، ولدي طموحي وخططي التي أجتهد كثيراً من أجلها، والحمد لله مُلتزم دينياً، وبار بوالدي، لدي أخ أصغر مني كثيرا يسبب المشاكل، فيكون سبب ذلك أن يأتي أشخاص يسبون أبي ويشتمونه بسبب أخي، وأنا في هذه اللحظات لا أتمالك نفسي فيمنعني الناس من فعل شيء، أهون علي أن أقتل هذا الشخص ولا أرى أبي هكذا يُهان من أشخاص لا قيمة لهم على الإطلاق.
لقد ابتليت بهذا الأخ كثير المشاكل ونفسيتي تعبت كثيراً، وأخاف أن أرتكب جريمة في أحد وأضيع مستقبلي هدرا، فقد أصبح الأمر مُقلقا بالنسبة لي كثيراً، أنا لا أحب العراك، وليس لدي الطاقة للعراك نهائياً نفسياً وجسدياً، فكيف أتصرف في مثل هذه الأمور التي لا تخرج عن تفكيري وتعكر صفو حياتي كثيراً؟
ننصح أخي باللين كثيراً وبالشدة أحياناً ولكن لا فائدة، أصبحت أكرهه كرهاً شديداً لأنه يظلمني ويظلم أبي معه، فأنا نفسياً مُهلك تماماً وأصبحت أتمنى الموت.
أمي توفت منذ شهرين، وزاد الحال بي سوءاً، أصلي القيام بفضل الله بانتظام، وأحافظ على الأذكار يومياً، ولكن التعب النفسي مستمر منذ سنوات، ويزداد بالمشاكل والمصائب التي تحدث لنا، حتى أصبح التشاؤم يملأ حياتي، وأصبحت لا أطيق شيئا على الإطلاق، أرجو من حضراتكم أن ترشدوني للأصح وأن تفيدوني.
كما أريد أدوية للمخاوف والقلق والتوتر الذي أعاني منه، والخوف من المستقبل، أنا أريد أن أهتم لمستقبلي وحياتي، وكل أملي أن ينقضي اليوم بدون شعور بالخوف والقلق الدائم، فقد أصبحت رنة هاتفي وهواتف البيت كلها تصيبني بالرعب والقلق، تغيرت حياتي 180 درجة، أصبحت منطويا منذ سنوات، وازداد الأمر سوءاً واسودت حياتي، وكلما حصل شيء يفرحني تأتي بعده كارثة أو مصيبة حتى أصبحت لا أفرح بشيء خوفاً من حدوث شيء بعدها .
أصبحت متبلد المشاعر، متقلب المزاج، ليس لدي القدرة على فعل شيء، وأصبحت مرهقاً تماماً حتى أني فكرت في الابتعاد عن عائلتي تماماً حتى أتجنب المخاوف.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mustafa حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدتك.
أنا أرى حقيقة أن الذي تعاني منه هو نوع من عدم القدرة على التكيُّف، أنت لديك إيجابيات كثيرة فيما يتعلّق بشخصيتك، فيما يتعلّق بمنظومتك القيمية، لكن نسبةً لعدم مقدرتك على التكيّف مع تصرفات شقيقك الأصغر، وما ينتج من ذلك من مشاكل وتفاعلات سلبية مع بقية الناس، أرى أنك – أخي الكريم – يجب أن تكون مُصلحًا لشقيقك وللآخرين.
أنت قلت تريد خطوات عملية، ولا تريد دواءً، ولا تريدُ أمر روتيني، نحن نقول لك: المنهجية الصحيحة هي أن تعزم، وأن يكون لك الإصرار، وأن تنتهج منهج حياتي جديد، أن تأخذ بيد أخيك هذا وتجعله يُلازمك في الصلوات ويحضر معك كل ما هو مفيد وكل ما هو إيجابي.
أنتَ قُم بخطوات عملية، لا تنفر منه، لا تنصحه فقط، إنما يجب أن تأخذ بيده حقًّا وحقيقةً، وتُبدّل بيئته، مسْلَكه، طريقته، وفي ذات الوقت الذين يُهاجمونه ويقومون بنعت الوالد – رحمه الله – بكلمات غير مُرضية؛ قم بنصيحتهم، أصلحهم. هذا الأمر يتطلب منك درجة عالية من تحمُّل الأذى والصبر على الآخرين، وهذه من شيم الأفاضل والأكارم، وأنت تريد هذا المنهج.
أنا أعتقد هذا دور يجب أن تلعبه في الحياة، والذي يُسبِّب الإحباط للناس والاكتئاب والتوتر والخوف وكل الأعراض التي ذكرتها هو تقلُّص أدوارهم في الحياة. فأنت الآن يجب أن تعالج مشاعرك السلبية وتقلُّبات المزاجية ومخاوفك، ولتزيل السبب الذي تسبّب فيه أخاك أنا أقول لك: قم بفتح صفحة جديدة جدًّا مع هذا الأخ، وتكون أنت القدوة الحسنة له، أنت المثال الأفضل والحقيقي في الحياة بالنسبة له، أنت النموذج الصالح بالنسبة له، وأنا متأكد أنه سوف يتغيّر. التغيير لا يأتي فقط من خلال الكلام أو النُّصح أو حتى العقاب، لا أبدًا، أن تكون مثالاً وقدوة حقيقية، وحتى مَن يقومون بالكلام الغير لائق كن أنت مثاليًا وقدوة لهم، انصحهم، وأنا متأكد أن ذلك سوف يكون له وقع عظيم عليهم، كم من الأجر سوف تحصل عليه إذا انتهجت هذا المنهج؟ كم من الإضافات المهارية الجديدة سوف تُضيفها لشخصيتك؟
أنا أعتقد أن هذا هو الحل، وأرجو أن تنتهج هذا المنهج، ولا تحتاج لدواء ولا لشيء من هذا القبيل، لأنك أصلاً لست مريضًا، لكن هناك إشكالية مقدرة على التكيف، وقد أوردنا لك السُّبل الجيدة والمفيدة والعملية التي تُسعدك كثيرًا إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
____________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ. الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
______________________________________
مرحبًا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك التواصل المستمر مع الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم السعادة والآمال، وأن يهدي شقيقك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يرحم والدتك، وأن يكتب لك التوفيق في حياتك، وأن يُعينك على بر والديك في حياتهم وبعد مماتهم.
لا يخفى عليك – ابننا الكريم – أن هذه الحياة لا تخلو من الجراح، (جُبلت على كدر وأنت تريدها صفوًا من الأكدار والأقذاء ... مكلِّف الأيام فوق طباعها متطلبٌ في الماء جذوةِ نارٍ)، وأمام هذه الحقيقة ننصحك بما يلي:
أولاً: كثرة الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإنه لا ذهاب للهموم والمشاكل والغموم إلَّا بتوفيقه سبحانه.
الأمر الثاني: ينبغي أن تأخذ كل مشكلة حجمها المناسب في حياتك.
الأمر الثالث: ينبغي أن تفرح في مكان الفرح، وحُقّ لك أن تحزن في مكان الحزن، على أن ساعات الحزن ولحظات الحزن ينبغي أن تكون محدودة.
رابعًا: ليس من مصلحتك توقع الأسوأ، دائمًا الإنسان يتفاءل بالخير ليجد الخير، أمَّا أن تتشاءم من كل طارق ومن كل متصل فهذا أمرٌ تتبع هي نفسك.
خامسًا: عليك أن تُدرك أنك لست مسؤولاً عن جرائم هذا الأخ، وكذلك الأب، إذا كان الشقيق كبيرًا فمن حق من يُقصّر في حقه أن يطلب الجهات الرسمية ويتعامل معه كشخص، ولا عيب على أسرة إن كان فيها إنسان شاذ عن القاعدة، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، لكن بدلاً عن ذلك اجتهد في إصلاح هذا الشقيق، وهوّن على مَن يأتي ليتكلّم، وشجّع الوالد وصبّره، وأيضًا تواصل مع هذا الشقيق وبيِّن له أن عواقب ما يفعل عواقب سيئة على والديه وعلى مستقبله وعلى حياته.
اجتهد في طرد التشاؤم، لأن الشؤم على مَن تشاءم، والطِّيرَةُ على من تطاير، فالإنسان دائمًا يتفاءل بالخير كما أشرنا.
كذلك أيضًا أرجو أن تتجنب التفكير الطويل، وهذا لأنه يُعطي مساحات للحظات السيئة في حياتك. تجنب اصطحاب المواقف القديمة والخبرات السالبة، واعلم أن البكاء على اللبن المسكوب لا يُفيد، كما أن محاولة عبور الجسر قبل الوصول إليه أيضًا لا تُجدي، وهي متعبة. عليك أن تستمر وتجتهد في صلاتك وخشوعك لله تبارك وتعالى، ثم عليك أن تجتهد في دراستك، وتنتبه لمواهبك، وحاول أن تتفهم مرة أخرى مع هذا الشقيق، وأرجو أن تستفيد من إجابة دكتورنا الفاضل: الدكتور محمد.
ونذكّر مرة أخرى بحقيقة هذه الدنيا، وأنها لا تخلو من الأزمات، وليست هاهنا المشكلة، ولكن المشكلة كيف سنتعامل مع المشكلات، وكيف سنُفتِّتها ونُحلِّلها إلى أجزاء صغيرة، كيف سنعطيها حجمها المناسب، كيف نحصرها في إطارها الزماني والمكاني، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية.