أرغب في الزواج ولا أجد خاطبا رغم مميزاتي.. فما العمل؟
2019-03-17 04:52:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لكم على إنشاء هذا الفضاء لنتعلم من أخطاء الناس وتجاربهم ونصحكم لهم.
أنا فتاة أبلغ 22 سنة، أدرس في الجامعة، أعيش مع أبي وأمي، هناك أمر يزعجني وأعتبره سوء حظ، فأنا فتاة خلوقة، ولم أنشأ علاقة مع شاب أبدا لأني أخاف الله وأريد الحلال، لكن رغم أني جميلة وسلوكي جيد، وجيدة في أعمال البيت -والحمد لله- إلا أنه لم يتقدم لي أحد.
أرى فتيات أصغر مني وتزوجن دون صعوبة، أما أنا إذا أعجبت أحدهم لا ينوي الخير أبدا، و مما زاد من تدهور حالتي توجد امرأة من عائلتي أرادت خطبتي وتكلمت معي، ويكبرني كثيرا، ومع ذلك قبلت وانتظرت اتصالها، لكن لم تتقدم، وهناك الكثير من القصص المماثلة، هل أصبح الرغبة في الحلال صعب لهذه الدرجة؟
وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
جزاك الله خيرا ووفقك وأسعدك وأعطاك ما تتمنين، ولقد سرني أنك بهذه الدرجة من الأخلاق العالية ومبتعدة عن التواصل مع الشباب وعن إنشاء علاقة خارج إطار الزوجية، وهذا هو المطلوب من كل فتاة مؤمنة، فأنت في الحقيقة أنموذج يحتذى به وقدوة ينبغي السير على طريقتها في زمن كثرت فيه الفتن والانحراف إلا ما رحم ربي.
ابنتنا الكريمة: لا بد أن تكوني على يقين أن كل أمور هذا الكون تسير وفق قضاء الله وقدره، ولا يتخلف عن ذلك شيء، يقول تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء) ولما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة) وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة، يقول شَدَّاد بن أَوْس رضي الله عنه: (يَا أَيهَا النَّاس لَا تتهموا الله فِي قَضَائِهِ فَإِن الله لَا يَبْغِي على مُؤمن فَإِذا نزل بأحدكم شَيْء مِمَّا يحب فليحمد الله وَإِذا نزل بِهِ شَيْء يكره فليصبر وليحتسب فَإِن الله عِنْده حسن الثَّوَاب).
البحث عن الحلال لا يسبب للشخص الكآبة والنكد، ولا يتسبب في حرمانه مما يحب، بل يكون ذلك سببا من أسباب سعادته وتحقيق مراده.
الزواج رزق من الله سبحانه يسير وفق قضاء الله وقدره، فهنالك من قدر لها أن تتزوج في سن السادسة عشر، وهنالك من تتأخر لسن الخامسة والعشرين أو الثلاثين، لأن ذلك هو تقدير الله سبحانه لحكمة نحن لا نعلمها.
الواجب على المؤمن أن يرضى بما قسم الله وقدره وألا يتضجر أو يتسخط، لأن الإيمان بالقدر جزء من الإيمان الذي قال فيه نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره).
الجزاء يكون على قدر البلاء، فإن عظم البلاء عظم الجزاء، والابتلاء عنوان محبة الله للعبد، يقول عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره وحذار أن تتسخطي وإلا فالجزاء من جنس العمل.
قدر الله كله خير للعبد، وإن بدا له أن غير ذلك ولكنه سيتضح له فيما بعد أن ذلك كان لطفا من الله بالعبد.
أنت لا زلت في عمر الزهور ولا زلت تدرسين فلا يضيق صدرك تأخر زواجك، فلعل الله أراد لك أن تتفرغي لإكمال دراستك وألا تشغلي ذهنك بالتفكير بالزواج وتفرغيه للتحصيل العلمي.
الزواج لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك، فرزقك سيأتيك بالوقت الذي قدره الله لك، وبالشخص الذي قدره أن يكون شريكا لحياتك.
أوصيك أن توثقي صلتك بالله تعالى وتجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح وتنوعه، فالحياة الطيبة والرزق الحسن لا يوهبان إلا لمن توفر فيه الإيمان والعمل الصالح، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم يقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة وتحيني أوقات الإجابة، ومن أهمها ما بين الأذان والإقامة والثلث الأخير من الليل ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر والساعة الأخيرة من الجمعة.
أكثري من تلاوة القرآن الكريم وحافطي على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
بري بوالديك وتوددي لهما وقومي بخدمتهما ونالي رضاهما، واطلبي منهما الدعاء فدعوة الوالدين مستجابة.
ارقي نفسك صباحا ومساء بما تيسر من الآيات القرآنية والأدعية المأثورة، ولا بأس أن تستكشفي حالتك لدى راق أمين وثقة بحضور محرمك، فلربما كنت مصابة بحسد، فإن تبين أنك سليمة فالحمد لله، وإن تبين أنك مصابة فاستمري بالرقية حتى تشفي -بإذن الله تعالى-.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.