أغار كثيرا وأخشى من تلك الغيرة المفرطة على حياتي الزوجية مستقبلا، أرشدوني.
2018-12-12 10:18:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري ١٧ عام، لدي مشكلتان:
أولا: الغيرة المفرطة، حيث أني لا أطيق ذكر اسم أحد من أقراني أمامي من قبل أحد أفراد أسرتي، وأبرز لكم المواقف التي حدثت لي:
ذات مرة كانت معي ابنة خالي التي لم تكمل ٥ سنوات، فجاء أحد أصدقائي فسلم عليها، وعندما تمادى في السلام وقام بمداعبتها قمت بإمساك يدها، وقلت لها اذهبي إلى البيت، فقال لي لماذا؟!
والثاني: ذات مرة كنا نتناول الغذاء، وكانت معي أمي كاشفة شعرها، وأختي عمرها 12 سنة أيضا، فلاحظت أحد جيراني يطلع فوق بيته وهو في عمري، فأحسست بضيق، حتى أنني فكرت في غلق الشباك، وتوقفت عن الأكل وغضبت جدا ولكن داخليا، ولاحظ ذلك جميع أسرتي، فقال أبي بم تفكر؟
كما أتضايق عندما يذكر أحد بنات خالي أو أختي أمامي، سواء كان بخير أم بشر، كان مدحا أو ذما، فلا أقبل، وأعرف أن غيرة المسلم على عرضة واجبة، ولكن هل تكون بهذه الطريقة؟ فأنا أخاف عندما أتزوج أن أقلب حياة هذه المسكينة إلى حياة بائسة، مليئة بمثل هذة المواقف.
والأمر الثاني: لا أحب أن أمشي مع النساء في الشارع سواء كانت أمي أو أختي، أو أي امرأة، ولكنني أمشي مع أمي برا لها، ولكن عند بعض المهام التافهة أقف وأقول لا، وحتى عندما أذهب معها إرضاء لها أكون متضايقا ولا أعرف السبب؟
ما يؤرقني هو أنني في يوم سأكون زوجا فماذا أقول لزوجتي حينما تريد الذهاب إلى مكان ما؟
أنا والله لا أمل من الحديث معكم، ولكن حتى لا أطيل عليكم، وأرجوا منكم التوجيه والنصح والإرشاد.
جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابننا وأخانا الفاضل- الغيور في موقعك، ونشكر لك الغيرة على الأعراض، ونسأل الله أن يحفظك، ويصلح لنا ولكم الأحوال وأن يحقق لنا جميعا في طاعته العفاف والطهر والسعادة وكل الآمال.
عندما تعجب الصحابة من غيرة سعد -رضي الله عنه- وكان معروفا بشدة الغيرة، قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أتعجبون من غيرة سعد، فأنا أغير منه، والله أغير مني، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
والغيرة هي أن يكره الإنسان المزاحمة فيما حقه الاختصاص، وأخص خصوصيات الإنسان عرضه، والغيرة منها ما هو محمود وهو ما كان في ريبة، ومنها ما هو غير محمود، وهو ما كان في غير ريبة، بل هو مجرد أوهام وظنون وشكوك.
ولا شك أن الاعتدال مطلوب، والشيء إذا خرج عن حده ينقلب إلى ضده، والإسلام دين يهذب الإنسان في كل جوانب حياته، ونطمئنك بأن ما عندك من الغيرة دليل على كمال الفحولة والرجولة، إلا أننا ننبهك لما يلي:
1- الاحتكام في غيرتك وسائر الأحوال إلى كمال الشرع وليس للمفاهيم والعادات، فغيرتك من نظر الشاب من النافذة في مكان، وعلاجها يتم في منتهى الهدوء، وذلك بإغلاق النافذة أو بمطالبة الوالدة والأخت بالتستر.
أما تحرجك من الذهاب مع والدتك أو أختك أو أي واحدة من محارمك فليس في مكانه، بل الغيرة على الأعراض تقتضي أن تخرج المرأة مع محرم يحميها، والناس يهابون المرأة التي معها محرم لها.
2- لا شك أن المقارنات بين الأقران مزعجة، وهي ظلم لأننا لا نعرف من الآخرين إلا ما ظهر، فكيف نقارن بينهم وبين من عرفناهم من الداخل والخارج كما يقال، والمقارنة الصحيحة هي أن نقارن موقف بموقف للشخص ذاته، نقارن صالح بالأمس في نجاحه بصالح اليوم، أو نقارن صالح بالصحابة والسلف الكريم، وأننا نريده كذا وكذا مثلهم، وإذا لم ينتبه من حولك إلى هذا وذكر آخرين ولم يذكرك، فتذكر أن لكل إنسان إيجابيات وسلبيات، وأن المهم هو مكانة الإنسان عند ربه.
3- لا ترفض ذكر قريباتك أو أي مسلمة إذا كان مدحا وخيرا، أما إذا كان ذما أو إساءة أو عدوانا، فلا بد من غيرة ورفض ومنع للحديث؛ لأن تغيير المنكر مطلوب باليد إن استطعت بدون إضرار، ثم باللسان، ثم بالإنكار بالقلب.
4- عليك بتقديم حسن الظن في أهلك وفي من حولك؛ لأن ظننا الحسن ينفعنا وينفع من حولنا، كما أن ظننا السيء يجلب لنا الذنوب والكدر، ويدفع من نظن بهم السوء إلى السوء.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يكثر من أمثالك، وأن يجعلنا جميعا ممن تصان بهم الأعراض، وتحفظ بهم الحرمات، وأن يرفعنا بفضله إلى عال الدرجات في صحبة من بعث خاتما للرسل والرسالات.