أفتقد الحنان وأخاف من كل شيء حولي، فما هي مشكلتي؟
2018-02-20 23:52:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
في طفولتي رأيت أمي وأبي يتقاتلان بالسكاكين، وكنت خائفا أن أحدا منهما يقتل الآخر، في طفولتي لم تحضني أمي قط، ولا حتى أبي، وكانا دوما يتقاتلان، كنت أسمع أخبار وفاة أقربائنا على الهاتف في وقت متأخر من الليل بخوف شديد، مات أحد جيراننا وجاء الإسعاف، وكنت في حالة رعب شديد.
في صغري دائماً ما كنت أراقب نبضات قلبي وأراقب تنفسي وأراقب حتى أي تغيرات تطرأ على جسمي، كنت أخاف من ذهابي إلى المدرسة، وكانت تأتيني نوبات فزع شديدة في المدرسة يعقبها نوبات بكاء.
كنت نائماً بجانب أحد أخوتي وفزعت من نومي في وقت متأخر، ورأيته جنبي ميتا، وأحسست بخوف وصدمة وفزع شديد، وكنت لا أستطيع النوم لفترة طويلة.
سافرت في يوم من الأيام بالطائرة، وعندما أغلق باب الطائرة جاءتني نوبة فزع شديدة، وكنت أريد النزول، وأشعر بالاختناق وأحس كأن روحي سوف تخرج.
في أيام كنت لا أستطيع الخروج من البيت لكي لا أصاب بنوبة هلع، ومكثت في البيت أيام لم أستطع الذهاب إلى الكلية خوفاً من نوبات الفزع الشديدة التي تأتيني على فجأة.
وفي أيامي هذه لا أستطيع السفر خارج المدينة التي أسكن فيها، ولا تحاول أن تقول واجه خوفك، لأني واجهته وانهزمت ولا أستطيع المواجهة، لأني كررت مواجهتي كثيراً وفشلت.
أريد أن أعرف ما هي مشكلتي؟ وما هو علاجها؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
حالتك واضحة جدًّا، وهي أنك تعاني من قلق المخاوف، ومخاوفك مخاوف مكتسبة، وهكذا تكون المخاوف دائمًا ناشئة من تجارب في سنوات التطور والتكوين الأولى، أي في مرحلة الطفولة، الطفولة المبكرة وكذلك الطفولة المتأخرة.
التجارب التي تحدَّثت عنها تجارب هامَّة من الناحية النفسية، لكن - أيها الفاضل الكريم - ليست مصيبة في حياتك، لا تعتبرها أمرًا سيعطّل حياتك إلى الأبد، لا، هي تجارب سلبية ولا شك في ذلك، لكنَّك الآن -الحمد لله- وصلتَ مرحلة النضوج النفسي، وأنت رجلٌ متزوج، وكوّنت أسرة، وقطعًا لديك الكثير من المهارات والمقدرات والإيجابيات في حياتك، فيجب أن تغلق تمامًا ذكريات الماضي هذه وتنهض بنفسك وتقوى، وقطعًا تواجه مخاوفك، هذا هو العلاج الرئيسي، بالرغم من قولك: (ولا تحاول أن تقول واجه مخاوفك)، أنا أقول لك: يجب أن تحقّر مخاوفك، ويجب أن تعلم أنك أنت أقوى من هذه المخاوف، وأن علاجها يكون في تجاهلها واختراقها.
لا تنس أنك قد اكتسبت مهارات ومعارف كثيرة جدًّا، أنت لست كما كنت فيما مضى، هذا يجب أن تُدركه، والعلاج النفسي السلوكي الذي يُسمَّى (التعريض) أو (التعرَّض مع منع الاستجابة السلبية) هو العلاج، ولن يحدث لك أي شيء.
ابدأ - أيها الفاضل الكريم - بأنشطة اجتماعية، أوَّلها أن تصلِّي مع الجماعة في المسجد، وأن تُشارك الناس في مناسباتهم - أفراحهم وأتراحهم - وأن تخرج مع الأسرة، تذهب للمتنزِّهات، إلى المطاعم، إلى أماكن التسوّق، أن تكون شخصًا فاعلاً، ولا تتخلَّى ولا تُسقط واجباتك الاجتماعية، هذا علاج وعلاج أساسي جدًّا.
أنا أؤكد لك أن تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف سوف يساعدك كثيرًا، أخي: نحن حين نقول لك: يجب أن تواجه المخاوف لن نتركك لوحدك، فالدواء داعم، وداعم قويٌّ جدًّا، وسوف تحسّ بفائدته بعد أسبوعين إلى ثلاثة من بداية العلاج، وهنا تشرع وتُطبِّق برامجك، وتُحرِّر نفسك من هذا الخوف.
هنالك عدة أدوية، إن تمكَّنت أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا أمرٌ جيد، وهو المطلوب، لأن المتابعة أيضًا مهمَّة في مثل هذه الحالات، وإن لم تتمكَّن من الذهاب إلى الطبيب النفسي فأنا أقول لك أن العقار الذي يُعرف علميًا باسم (سيرترالين)، ويُسمَّى تجاريًا (زولفت) و(لسترال)، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، سيكون هو العلاج الأفضل والأسلم في حالتك، حيث إنه قليل الآثار الجانبية، ولا يُسبب الإدمان، له أثر جانبي واحد مهم، هو أنه ربما يؤدي إلى تأخُّرٍ في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، لكنّه لا يؤثِّرُ أبدًا على الصحة الإنجابية أو الذكورية للرجل.
جرعة هذا الدواء هي أن تبدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة كاملة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
توجد أدوية أخرى ممتازة مثل الزيروكسات، والسبرالكس، لكن أعتقد أن الزولفت سيكون هو الأفيد في حالتك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.