أشعر باكتئاب وخوف من المرض وأن العالم غريب، فما تشخيص حالتي؟
2017-10-18 02:58:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 23 سنة، طموح، أحمل شهادة تدبير وتسيير مقاولات، عاطل عن العمل، أشعر باكتئاب، ذات مرة طلبت قهوة وفجأةً بدأ قلبي بالخفقان فخفت، ذهبت إلى المستشفى فأعطوني حقنة، وخوفا من مرض القلب بدأت في ممارسة الرياضة، فأصيبت أختي بمس، فخشيت أن سبب مرضي مسا، وازداد خوفي وهلعي، وكذلك مررت بمكان وتذكرت شخصا قد انتحر هناك، وبدأت الأفكار والخيالات تتوارد على عقلي وازددت خوفا، وازدادت دقات قلبي، وتعرق جسمي، فشعرت برجفة وصعوبة في التنفس، حيث تخيلت أني مكانه.
الخيال وكثرة التفكير يرعبني، وأخاف أن أكون وحدي وأؤذي نفسي، أشعر بشد في الفم والمعدة عندما أكون واقفا فأجلس.
سمعت أن شخصا اختل عقله بسبب الاكتئاب، فخفت أن أواجه نفس المصير، فبدأت أفكر وأتخيل، وأحيانا أحس أني لست في هذا العالم، وأن هذا العالم مثل الحلم، وأعتقد أن ضعف النظر يسبب هذا.
أخاف مراجعة الطبيب، وأخشى أن يصف لي أدوية إدمانية، علما أني اجتماعي، أخرج مع أصدقائي، وأمارس حياتي، لكني كثير التخيل، حيث أتخيل المستقبل وكيفية مرور الأيام.
عندما أبحث في الإنترنيت أشعر بالخوف، وفي مرة استيقظت فجرا وشعرت أن عقلي يخرج مني وكان شعورا غريبا، فسارعت للصلاة، هل الوسواس يؤثر في العقل ليختل؟ وهل الأدوية النفسية تؤثر على العقل سلبا؟ وهل هناك علاج غير طبي؟
شكراً لكل من أخذت جزءا من وقته لقراءة مشكلتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hamoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من خلال تدارسي لرسالتك الواضحة هنالك معالم نفسية مهمَّة جدًّا حوتها شكواك، ومنها أنك قد أُصبت بالفعل بنوبة هلع أو فزع، وبعد ذلك أُصبتَ بمخاوف، ومن ثمَّ بدأت تأتيك الوساوس، إذًا تشخيص حالتك هو قلق المخاوف الوسواسي، وهو -إن شاء الله تعالى- ليس من درجة مزعجة.
كل أعراضك الجسدية سببها الانشدادات العضلية التي تأتي من القلق النفسي والتوتر، هذه الحالات - أيها الفاضل الكريم - تُعالج بتجاهلها، وألَّا تنغمس في التفكير الوسواسي مطلقًا، تحاول أن تتجاهله، أن تقاومه تمامًا، ولا تدخل في حوارات نفسية مع نفسك، وهذا يمكن أن يحدث بتمارين سلوكية بسيطة جدًّا، يعني: إذا أتتك فكرة ذات طابع وسواسي - من نوع الأفكار التي تحدثت عنها - هنا قم مثلاً بأي نشاط آخر، غيِّر مكانك، خذ نفسًا عميقًا، ركِّز على التنفُّس لديك، قم بأي فعلٍ آخر مخالف، هذا يُخرجك -إن شاء الله تعالى- من دائرة هذه الأفكار.
وسيكون من المهم جدًّا أن تستثمر الوقت ولا تترك مجالاً كبيرًا للفراغ الذهني أو الفراغ الزمني، وبهذه الصورة تكون -إن شاء الله تعالى- قد تغلَّبتَ على كثير من مصادر قلقك وتوتراتك.
أنت الحمد لله تعالى تحافظ على صلاتك، ولديك أيضًا ميول اجتماعي إيجابي جدًّا، وهذه ميزات عظيمة جدًّا، فركّز على ما هو إيجابي في حياتك، واسعَ دائمًا لتطويره.
أيها الأخ الكريم: من المهم جدًّا أن تمارس أي نوع من الرياضة، الرياضة تقوي النفوس، الرياضة تجعل الإنسان يحس بارتياح جسدي ونفسي كبير، فكن حريصًا عليها.
وبالنسبة لسؤالك حول الوسواس إذا كان يؤثِّر في العقل: الوسواس يُؤثِّر في النفس قطعًا، وهو علة نفسية، لكن ليس له تأثير أبدًا على عقل الإنسان، ولا يؤدي إلى اختلال العقل، ولا شيء من هذا القبيل.
بالنسبة للأدوية الطبية النفسية: إذا كان الدواء موصوفًا بواسطة طبيب مقتدر، ولعلِّةٍ تمَّ تشخيصها دون أي شكوكٍ، في هذه الحالة نقول لك أن الدواء ممتاز والدواء سليم، والدواء نافع، ويجب ألَّا يحرم الإنسان نفسه منه، أما إذا تناول الإنسان الأدوية دون تشخيص، أو كانت من النوع التعودي أو الإدماني ففي هذه الحالة قطعًا سيكون هنالك ضرر، وكثير من الناس شاع لديهم أن الأدوية النفسية تضر، وهذا ليس صحيحًا، هذا الكلام ليس على الإطلاق، نعم هناك أدوية إدمانية تُعطى في حالات معيَّنة، وبعض الناس يتناولونها دون أي رشد، ممَّا يُسبب لهم الضرر، لكن الأدوية إذا وُصفتْ بالصورة الصحيحة وبالجرعة الصحيحة وتمَّ تناولها بصورة صحيحة أيضًا فهنا -إن شاء الله تعالى- تكون فائدتها عظيمة جدًّا.
أخي الكريم: لا أريدك أيضًا أن تكون شخصًا يتقبَّل أي فكرة أو أي تغيُّر يأتيك في مشاعرك، لا، يجب أن نُفلْتِر، ويجب أن نُميِّز. أنت مثلاً ذكرتَ أن في أحد الأيام قد أُصيبتْ أختك بمسٍّ، أخذتَ هذا الكلام كأنه حقيقة واقعة، المسِّ - أخي - نحن نؤمن بوجوده، لكن ليس بهذه الكيفية أبدًا، كثير من هذه الأشياء فيها أوهام، وفيها شعوذة، وشيء من هذا القبيل، فلا تكن شخصًا إيحائيًا تقبل أي شيء حولك، لا، لابد أن تكون هنالك فلترة وتصفية للفكر.
هذا هو الذي أنصحك به - أخي الكريم - وإنْ ذهبتَ إلى طبيبٍ نفسي يمكن أن يصف لك أحد مضادات القلق الوسواسي مثل عقار (زيروكسات) بجرعة صغيرة مثلاً، هذا يفيدك كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.