هل إذا سألت الله بعد الأدعية النبوية سيستجاب دعائي فوًرا؟
2017-06-13 02:41:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
سؤالي: هل الأذكار والأدعية مثل دعوة ذي النون وكذلك حديث النبي فيما معناه من تعار من الليل ودعا بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك... إلى نهايته، فهل هذه الأدعية التي وردت أن الدعاء بعدها مستجاب يستجاب كما دعا الداعي بالأمر، مثل أن أقول دعوة ذي النون، وأدعو بالزوج الصالح فيستجاب لي كما قلت بإذن الله، أم أن حالها كحال أي دعاء، وتؤول إلى كف البلاء أو ادخارها في الآخرة؟
أرجو التفصيل في هذا الأمر كما أنني أعلم أن الدعاء كله خير، ولكن سألت عن الأذكار المخصصة هل يستجاب بعدها الدعاء فورا كما قيل أم ماذا؟ وإذا كان الدعاء بعد هذه الأذكار يؤول لماذا خصصت أحاديث عن النبي أن الدعاء بعدها مستجاب وهي قد تؤول؟
الأمر الآخر: أنا أعاني من أب قاس وجلف جدا وبذيء الألفاظ، وحياة مريرة عند الأهل، أرشدوني إلى طرق تساعدني على تيسير أمر الزواج بالرجل الصالح.
وادعوا لي بالزوج الصالح عاجلا غير أجل الذي يعوضني عن حياتي عند أهلي ويسعدني ويبعدني عن مدينة أهلي، لأني لا أرغب العيش فيها، وحسبي الله ونعم الوكيل.
وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تضمّنت رسالتك –أختي العزيزة– ثلاث مسائل: عن الدعاء, وعن التعامل مع الأب القاسي, وعن الزواج.
أما بخصوص سؤالك عن الدعاء, فاعلمي أنه ليس شيءٌ أكرم على الله من الدعاء, وأن الدعاء هو العبادة بنص الحديث ويدل عليه قوله تعالى: (وقال ربكم أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، وقد دلّت النصوص المتواترة معنوياً بأن دعاء العبد لربه تعالى مستجاب كما في قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون), وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم تبارك وتعالى حيٌ كريم – وفي رواية: حيٌ ستّير – يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً خائبتين)، وقال أيضاً: (لا يرد القضاء إلا الدعاء, ولا يزيد في العمر إلا البر).
- وكما ذكرتِ –أختي العزيزة– أن الدعاء مستجابٌ كله, لعموم الأدلة, إلا أنه قد تقرر في القواعد الفقهية المأخوذة من أدلة الكتاب الكريم والسنّة النبوية أنه (لا تتم الأمور إلا بشرطين: توفّر كل الشروط وانتفاء كل الموانع) فالصلاة مثلاً إذا اختل فيها شرط واحد كالطهارة أو توفّر فيها مانع واحد كالحيض للمرأة لم تصح الصلاة.
- والدعاء كذلك قد وعد الله تعالى بإجابته كما في النصوص السابقة إلا أن له شروطاً وموانع كما في نصوص كثيرة, ويمكن تلخيص أهم هذه الشروط والموانع بالآتي: "الطاعة لله والإيمان به, عدم الدعاء بالقطيعة والإثم, وعدم الاستعجال, اليقين بالله وخشوع القلب وحضور العقل عند الدعاء, وترك الحرام في المأكل والمشرب" ويدل عليها ما ورد في قوله تعالى: (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، أي أن الرشاد متعلق بالاستجابة لله أي طاعة أوامره واجتناب نواهيه, وبالإيمان به سبحانه, كما أن من موانع إجابة الدعاء ما دل عليه الحديث الوارد في صحيح مسلم: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم, مالم يستعجل. قيل يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أرَ يستجب لي فيستحسر ويدع الدعاء).
وكذلك ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة, واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ) ومن ذلك أيضاً قوله: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذّي بالحرام, فأنا يستجاب له) رواه مسلم.
- كما أنه لا يلزم أن يستجاب الدعاء في كل الأحوال؛ ذلك أنه من حكمة الله تعالى ورحمته أن يجعل الدعوة إلى ثلاث أحوال, كما دل عليها الحديث المروي في مسند أحمد وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا عطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجّل له دعوته, وإما أن يدخرها في الآخرة, وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها, قالوا: إذن نكثر, قال : الله أكثر".
- ومن مظان إجابة الدعوة سؤال الله بما دل عليه الحديث المروي عند أحمد وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دعي به أجاب".
- كما وللدعاء آداب من شأن الحرص عليها تحقق الإجابة دلّت عليها الأحاديث الصحيحة: كاستقبال القبلة ورفع اليدين والإلحاح في الدعاء عن وضوء وتكراره، وتحرّي أوقات الاستجابة كالدعاء في ليلة القدر وفي جوف الليل ووقت السحر ودبر الصلوات المكتوبة وبين الأذان والإقامة..، والبدء فيه بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكذا الدعاء بأسمائه الحسنى ومن أبرزها ذو الجلال والإكرام كما في حديث صحيح.
- وأما بخصوص سؤالك عن أبيك القاسي –هداه الله وأصلحه وغفر له–: فاعلمي أن الواجب مع الوالدين ولو كانا قاسيين – بل وكافرين – التعامل معهما بمقتضى البر والإحسان, كما في قوله تعالى : (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني صغيرا)، وقال سبحانه : (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس ل كبه علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
- وأوصيك بمقتضى النصوص السابقة بترك الجدال الذي يؤدي إلى إغضاب والديك، وإظهار المحبة له والدعاء له بالهداية والصلاح ونحو ذلك من الأقوال والأفعال التي تحقق له الرضا في حدود المعروف، وبما ليس فيه معصية للخالق سبحانه (إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري ومسلم.
- وأما بخصوص سؤالك عن الطرق التي تؤدي بك إلى الزواج من الرجل الصالح للبعد عن مضايقة والدك –غفر الله له– كما وفي الزواج ما يعين على تحصيل العفّة والسكن النفسي والمودة والرحمة, فيمكن تلخيص ذلك بالتالي:
- اللجوء إلى الله تعالى بصادق وخالص الدعاء, ويدل عليه ما ورد في إجابة السؤال الأول.
- بذل الأسباب , فلا مانع شرعاً من اتخاذ وسائط من النساء أو الرجال الفضلاء والعقلاء للبحث لكِ عن رجل صالح تتوفر فيه صفات الدين والخلق والأمانة كما فعل الخليفة عمر حين عرض ابنته حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعثمان رضي الله عنهم.
- لزوم الاستغفار لحديث: (من لزم الاستغفار جعل له من كل همٍ فرجا ومن كل ضيقٍ مخرجا) وهو حديث في سنده ضعف لكن معناه صحيح دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة نحو قوله تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين..) وقوله سبحانه: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجلٍ مسمّىً ويؤتِ كل ذي فضلٍ فضله).
- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لقوله لرجل قال له كم أجعل لك من صلاتي؟ فقال له : ما شئت وإن زدت فهو أفضل, فقال الرجل: أجعل لك من صلاتي كلها. قال : "إذن يكفيك الله همك ويغفر لك ذنبك".
- الإكثار من الذكر وقراءة القرآن وطاعة الرحمن والحرص على تقوى الله والتوكل عليه (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيءٍ قدرا).
هذا وأسأل الله تعالى أن يفرّج همك وييسّر أمرك ويشرح صدرك ويتقبّل دعوتك ويصلح والدكِ ويرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة والأسرة السعيدة والحياة الهانئة والمطمئنة.