وساوس الموت تداهمني دائما وأشعر معها بقرب أجلي
2016-01-10 23:18:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أعاني من ألم في القلب منذ عدة أشهر، أشعر كأنني سوف أموت، أو أصاب بجلطة أو نوبة قلبية، ولكن نتائج الفحص الطبي كانت سليمة، وذكر لي الطبيب: أن ذلك أمر عادي في مرحلة الشباب، وبعد فترة سمعت كلاما عن عذاب القبر، مما جعلني أشعر بالخوف من الموت كثيراً، وأصبحت فكرة الموت لا تفارقني أبداً، صارت حياتي كالجحيم، وأصبحت أعاني من ضيق التنفس والغثيان، وصعوبة التحكم والاتزان، وأحاول أخذ نفس عميق ولكنني أشعر بالاختناق، وكأن روحي تسحب من جسدي، كما أشعر بالرعشة في يدي خاصة عند القيام من النوم، أو عندما أجلس، حيث أتخيل أشياء تتحرك، وأشعر كأنه الموت ولكنني لا أموت.
أخاف من المستقبل، وأشعر بالقلق المستمر، وأرى أحلاماً مزعجة، ورأيت حلماً كان تفسيره قرب الأجل، وبعدها لم أحاول تفسير أي حلم مزعج أراه، أصبحت أخاف أن تصيبني جلطة، أو أصاب بالجنون من كثرة التفكير، كنت متفوقة في دراستي الجامعية، أما الآن فلا أرغب بها، وأشعر بالتعب والضعف، كنت مشبعة بالتفاؤل والإيجابية، أحيانا أرى أن تلك أفكار وسواسية سلبية، وأحياناً أقتنع بها وأشعر بأنني سوف أموت، ويمضي اليوم دون أن أموت.
أنا في حيرة من أمري، والشعور بالموت ما زال يلازمني، والأعراض تنتابني بشكل مستمر، وأشعر كأنها أعراض مرض عضال، أصبحت أخاف عند سماع خبر لأي ميت، وأشعر بالضيق والخوف والاختناق، أتمنى أن أعود لطبيعتي في السابق، مع العلم أنني فتاة ملتزمة بالصلاة والفروض، وأقوم بكثير من السنن، ولا أفارق القراءة اليومية للقرآن منذ سنوات، ولهذا السبب أرى أن تلك الأعراض ليست وساوس، بل هي قرب الأجل، أو أعراض مرض عضال أو جلطة، فهل من علاج لهذه المشكلة دون اللجوء إلى الأدوية؟ حيث أن تناول الأدوية يزيد اقتناعي بأنني مريضة.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما تشعرين به -يا أختِي الكريمة- هو وسواس، والوسواس هو نوع من أنواع اضطرابات القلق، ووسواس الموت عادة من أكثر الوساوس التي يتعرض لها الكثير من الناس.
ما هو الوسواس؟ هو فكرة أو شعور يتسلل إلى الإنسان ويتكرر بانتظام، ويحاول الإنسان أن يقاومه ولكن لا يستطيع، ويحدث القلق والتوتر عندها، ففي كثير من الأحيان، قد يستجيب الإنسان للوسواس للتخلص من القلق والتوتر، وليستريح بعض الوقت، ثم تبدأ الفكرة في التكرار مرة أخرى، ولكن عند وسواس الموت لا يستطيع الشخص أن يستجيب، إذا كان مثلاً وسواس لها علاقة بالنظافة أو القذارة أو الطهارة، فالإنسان يستجيب بالغسيل المتكرر، ولكن في حالة وسواس الموت والخوف منه، لا يستطيع الإنسان عمل شيء، وهذا ما يُسبب التوتر والضغط، هذه فكرة تتكرر، ولذلك الشخص يقول أنها سوف تحدث الآن، لماذا؟ لكي يستريح من تكرار هذه الفكرة.
العلاج -يا أختِي الكريمة- هو علاج سلوكي معرفي، وماذا نعني بذلك؟ يعني تحويل التفكير من التفكير في هذه الأمور إلى التفكير في أشياء أخرى، وهذا يُسمى (وقف التفكير الوسواسي)، ووقف التفكير الوسواسي لا يتأتَّى بمقاومته، لأنك قاومت كثيرًا وفشلت، ولكن بتحويل التفكير إلى شيء آخر، -فالحمدُ لله- أنك تقرئين القرآن، وتقومين بالدعاء، وتحافظين على الصلاة، ومع وجود هذه الأشياء الطيبة في حياة الإنسان لا يعني وجود الوسواس، الوسواس نعم يُصيب معظم الناس لأسباب مختلفة، فعليك بتغيير التفكير، فكِّري في أشياء جميلة دائمًا قمت بعملها في حياتك، لحظات جميلة عشْتيها، رحلة قمت بها، زيارة لأحد الأقرباء أو الأصدقاء واستمتعت بها، فكِّري في أشياء طيبة، عندما تفكري في الأشياء الجميلة والطيبة تؤدِّي إلى الاسترخاء والطمأنينة، وهذا لا يدع مجالاً للفكر الوسواسي سبيلاً، أو يغلق الأبواب على هذا الفكر السلبي، والتفكير في الموت.
الأشياء الأخرى المفيدة: الرياضة، رياضة المشي، والرياضة البدنية أيضًا من الأشياء التي تؤدِّي إلى الاسترخاء، ولتكن لك هوايات أخرى، وحاولي ألا تكونين لوحدك معظم الأوقات، كوني مع الناس، انشغلي عن نفسك، انشغلي عن وساوسك، ولا تنشغلي بها، فإن هذا -بإذن الله تعالى- سوف يساعد كثيرًا في التخفيف من هذه الأعراض، وإلا فإذا لم تتحسَّنين على هذه الأشياء، فلا بد من زيارة طبيب نفسي، وأخذ الأدوية، لأن الأدوية أحيانًا تكون هي العلاج المناسب وتساعد، والآن توجد أدوية نفسية كثيرة ليس بها أضرار، ولا تُسبب الإدمان.
وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.