أعاني من نسيان الأحداث اليومية وصعوبة الحفظ، ما سبب ذلك؟
2015-12-02 23:24:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أسعد الله أوقاتكم بكل خير.
أعاني منذ سنوات من فقدان شديد بالذاكرة، أنسى بعض تفاصيل يومي كساعة استيقاظي أو نومي، أو موعد دواء، وأحيانا تتداخل علي الأشياء، كأن أتذكر تفاصيل يوم سابق على أنه الأمس، وأنسى أغلب التواريخ، وأحيانا أشعر بأنني مخدرة، ورأسي ثقيل، ولا أشعر بأطرافي.
لا أستطيع الحفظ، أقرأ المعلومة أكثر من مرة؛ لكي ترسخ بذهني، وعندما أحاول أن أتذكرها أنسى شيئا من التفاصيل، وغالبا أنسى التاريخ والمكان والأرقام، وأحيانا عندما يخبرني أحدهم بقصة بعد فترة أنسى من الشخص الذي أخبرني، مع العلم أنني استخدمت أدوية نفسية لعلاج الاكتئاب، وخدرت تخديرا عاما (5) مرات؛ لإجراء عمليات جراحية، فهل يمكن أن يكون لها دور في ذلك؟
جزيتم خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنوف حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنت لم توضحي عمرك، لكن أحسبُ أنك في سِنِّ الشباب مثلاً.
شكواك تتركَّز حول فقدان الذاكرة، ومن خلال اطلاعي على رسالتك لا أعتقد أن لديك فقدانا حقيقيا للذاكرة، إنما لديك ضعف في التركيز، وعدم قدرة على إخراج المعلومة الصحيحة في الوقت المطلوب، وهذا يكون ناتجًا من القلق النفسي أو الإجهاد النفسي والجسدي، أو الاكتئاب النفسي، وفي بعض الحالات هنالك حالات طبية عضوية مثل الضعف الشديد في وظائف الغدة الدرقية، هذه تقريبًا هي الأسباب التي تؤدِّي إلى مثل هذه الظاهرة، أي ظاهرة عدم إخراج المعلومة المطلوبة في الوقت المطلوب، أو عدم تسجيل واستخراج المعلومات بصورة جيدة.
العلاج في مثل هذه الحالة -أيتها الفاضلة الكريمة– هو أن تذهبي إلى الرعاية الصحية الأولية، وتقابلي الطبيبة؛ لتُجرى لك فحوصات عامة، لا بد أن نتأكد من: مستوى هرمون الغدة الدرقية، مستوى تركيز الدم، نسبة الدهنيات، وظائف الكبد، وظائف الكلى، نسبة فيتامين (ب12)، نسبة فيتامين (د)...، هذه فحوصات روتينية ضرورية ومهمة.
وإن اتضح أن هنالك أي سبب يؤدِّي إلى عدم التركيز فيمكن علاجه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بنقص في الفيتامينات أو اضطراب أو ضعف في وظائف الغدة الدرقية كما أسلفنا.
أنت ذكرتِ أنك تناولت أدوية كثيرة لعلاج الاكتئاب، وهذا يعني أن حالتك قد تمَّ تشخيصها فيما مضى اكتئابًا، فإن كان لديك علامات اكتئابية حقيقية، الدواء الجيد هو عقار (فلوزاك Flozac) /( بروزاك Prozac ) والذي يسمى علميًا باسم ( فلوكستين Fluoxetine )، هذا الدواء يُجدد الطاقات النفسية والذهنية.
فبعد التناصح مع طبيبك يمكنك أن تتناولي هذا الدواء بجرعة كبسولة واحدة في اليوم وليس أكثر من ذلك، فهو سليم لا يؤدِّي إلى الإدمان، ولا يؤدِّي أبدًا إلى اضطرابات في وظائف الهرمونات النسائية. إذًا هذا من ناحية العلاج الدوائي.
التخدير لا أثر له، لا أعتقد أنه قد أثَّر عليك أثرًا شديدًا، في بعض الحالات يكون التخدير عميقًا وقد تكون هناك أخطاء طبية مثلاً انخفض من خلالها مستوى الأكسجين في الدم ممَّا أثَّر على الدماغ، هذا يحدث أثناء التخدير، لكن هذا الأمر نادر جدًّا ولا أعتقد أنه قد حدث لك، فلا تشغلي نفسك به.
بعد ذلك تحرصين حرصًا شديدًا على الآليات التي تُحسِّن الذاكرة، ومن أعظم الأمور التي تحسِّن ذاكرة الإنسان: الصلاة في وقتها وبطمأنينة، وتلاوة القرآن الكريم، قال تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت} وقال: {سنُقْرئك فلا تنسى*إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى * ونُيسِّرك لليسرى} وقال: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}.
إذًا ذكر الله تعالى، والقرآن هو أعلى درجات الذكر وأعظمها، هذا قطعًا يُحسِّنُ من ذاكرة الإنسان. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: ممارسة الرياضة؛ فالرياضة تُحرِّك كل المركبات الدماغية والجسدية التي تجعل نفوسنا مسترخية، وتجعل نفوسنا ذات قدرة على استقبال المعلومات وتسجيلها وإخراجها، فاحرصي على أي رياضة تناسب المرأة المسلمة.
التمارين الاسترخائية أيضًا تُحسِّن من تركيز الإنسان واستيعابه.
النوم الليلي المبكر يُتيح فرصة كبيرة في خلايا الدماغ من أجل الترميم، ومن ثمَّ تحسين المزاج.
الاستيقاظ المبكر ومحاولة القراءة والحفظ في أثناء الصباح الباكر، أي بعد أن يُصلي الإنسان الفجر ويقوم بتناول كوب من القهوة مثلاً أو الشاي، يمكن أن يقرأ أي مادة تتطلب حفظًا، هذا هو الوقت الأفضل.
هنالك بعض التمارين الجيدة والتي تتعلق بتقوية الذاكرة من خلال القراءات القصيرة والمتكررة مع الاستيعاب التام للمعنى، مثلاً تقرئين ثلاث آيات من القرآن وتقومين بحفظ هذه الآيات، ثم تقرئين وتطلعين على شروحها ومعانيها، وأسباب نزولها إن وجدتْ، وتُكررين هذا مرتين أو ثلاث، ثم بعد ذلك تُحاولين استذكاره، وهكذا. هذه تمارين جيدة جدًّا لتقوية الذاكرة.
وتمرين آخر مثلاً: أن تقرئي موضوعا معينا، وأنت جالسة في الغرفة وحدك، وهنا يُساعد الحيِّز المكاني والحيِّز الزماني في أن يكون الإنسان غير مُشتَّت الذهن، القراءة بتكرار بعد ذلك الاسترجاع، هذه أيضًا تمارين تُحسِّن من ذاكرة الإنسان.
ختامًا: أرجو أن تأخذي بكل ما ذكرتُه لك في هذه الاستشارة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.