الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يفتح عليك فتوح العارفين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يُعينك على ترك ما لا يُرضيه، إنه جوادٌ كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فيما يتعلق بالمشكلة الأولى، وهي قضية سماع الأغاني كثيرًا في أوقات فراغك، فأقول لك: إنَّ الأغاني كالسُّمِّ، والسُّمِّ لا يلزم أن يكون أثره عند تعاطيه أو تناوله، وإنما قد يظلَّ أثره في جسد الإنسان إلى أن يموت، والدليل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما استضافته المرأة اليهودية التي وضعت السُّمَّ في الطعام، فكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما زال أثر سُمَّ اليهودية يُعاودني)، ولذلك يذهب كثير من علماء السِّيَر أن النبي مات مسمومًا -عليه الصلاة والسلام- رغم أن هذا الأمر مرَّ عليه سنوات.
فكذلك الأغاني - مع الأسف الشديد - أثرها لا يتوقف على وقت سماعها، وإنما قد يمتدّ لفترة طويلة تتمثّل في قسوة القلب وانغلاق النفس، وعدم استيعاب العقل لأي معلومة مفيدة نتيجة التشويش الذي يحدث عليه من جرَّاء الأغاني.
ولذلك أنا أتمنى - بارك الله فيك - أن تأخذ قرارًا بالتوقف عن سماع الأغاني؛ لأنها مزمار الشيطان، وفي نفس الوقت أيضًا - كما ذكرتُ لك - هي سُمٌّ يكون في قلبك يؤثِّر على قلبك وعقلك، ويُذهب نضارة وجهك، وقد يؤدِّي إلى تأثُّر ذاكرتك أيضًا بهذه الأفكار التي لا تُرضي الله تبارك وتعالى.
ومعصية الأغاني معصية خاصة، بمعنى أنه لن يستطيع أحد أن يمنعك من سماعها إلَّا انت شخصيًا، ولذلك إذا كنت تُحِبُّ نفسك فعلاً فعليك أن ترحمها وأن تُنقذها بأن تتوقف عن سماع هذه السُّموم التي تضُرُّها وتؤثِّرُ فيها، فأنت صاحب القرار، ولو لم تُنقذ نفسك - صدقني - لن يستطيع أن يُنقذ أحد.
انظر إلى الفوائد التي تعود عليك، هل أنت تحصل على قدر من الحسنات نتيجة استماع الأغاني؟ هل يزيد إيمانك باستماع الأغاني؟ هل يزيد ذكاؤك وفطنتك باستماع الأغاني؟ قطعًا ستقول لا، إذًا لماذا تُضيع وقتك في أشياء لا تعود عليك بالنفع؟
المشكلة الثانية (حب الشباب): يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول حب الشباب والدمامل والتخلص منه
235019 –
18315 –
18257 -
18550 -
2108238.
والمشكلة الثالثة وهو أنك تفكِّر في الجانب السلبي فيما يتعلق بدراستك، وهو الغش - والعياذ بالله تعالى - رغم علمك أنه مُحرَّم: هذا من الشيطان الرجيم - لعنه الله -؛ لأن الشيطان لا يُريد لك أن تجدَّ وتجتهد وأن تأخذ بالأسباب حتى تكون عالِمًا متميِّزًا، وإنما يريدك إنسانًا فاشلاً ضعيفًا في مستواك العلمي، وبالتالي في مستواك الوظيفي؛ لأن الذي يغُشُّ في دراسته لا يستبعد أن يغشّ في حياته كلها، وكثير من الذين يغشون في مراحلهم الدراسية تجد أن عطاءهم الوظيفي متواضع؛ لأن عقولهم لم تعمل بالطريقة الصحيحة التي هيأها الله تبارك وتعالى لها.
وبما أنه معصية ومحرَّم فلماذا تُصِرُّ عليه؟ ألست تحبّ الله ورسوله؟ أنت تقول أنك تنحدر من عائلة محافظة على دينها وعلى أخلاقها وعلى قيمها، فلِمَ تبيع الدين والأخلاق والقيم بهذه الطريقة - ولدي الكريم - ؟ غيِّر هذه الفكرة - بارك الله فيك - واعلم أن ما عند الله لا يمكن أن تصل إليه بمعصية الله، والله مهما حاولت أن تغشّ ولو وضعوا كل الكتب بين يديك فاعلم أنك لن تزداد من الله بهذه المعصية إلَّا بُعدًا، فاتقي الله تبارك وتعالى، واستغفر الله من هذه النية، واعقد العزم على أن تُذاكر وأن تجدَّ وتجتهد، ونحن ما زالنا في أوائل العام الدراسي، وأن تتوكل على الله، وأن تأخذ بالأسباب، وأن تُلحَّ على الله أن يجعلك من المتميزين المتفوقين، حتى تشعر بحلاوة النتيجة؛ لأنك ستشعر أن نجاحك جاء نتيجة هذا الجهد البنَّاء والعمل المتواصل، فتشعر أن له طعمًا ولذَّة غريبة.
أما لو جاءك النجاح نتيجة الغش فأنت تعلم أنك غشَّاش، وأنك دجَّال ومُخادع ومنافق، ولست رجلاً قد حصلت على هذه النتيجة بجهدك وعرقك وتعبك، وشتَّان - يا ولدي - ما بين الثرا والثُّريَّا، وشتَّان ما بين الظلمات والنور.
فاستغفر الله من هذه المعصية، واعقد العزم على تركها، وضع لنفسك جدولاً للمذاكرة، وانتبه لشرح المعلم، وسَلِ الله أن يفتح عليك وأن يوفقك، وأبشر بفرج من الله قريب.