لا أريد أن أعفو عمن آذاني في الدنيا لآخذ حقي كاملا يوم القيامة!
2015-10-01 02:43:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا فتاة تعرضت للتحرش الجنسي من ابن عمي وأنا طفلة، ولم أكن أفهم ما يحصل معي، ولكن بعد أن كبرت وفهمت ما يحصل؛ توقفت، ولم أعد أقبل أن أذهب معه، مع العلم أنه تحرش بي أكثر من مرة، حتى وبعد أن بلغت حاول التقرب مني، لكني رفضته، وأبعدته عني؛ خوفاً من الله، وخوفا على نفسي.
تعبت بعدها نفسيا، وأصبحت انطوائية جدا؛ أكره الرجال، وأخاف حتى من أعمامي، ولكن -الحمد لله- تغلبت على ذلك، والحمد لله ما زلت عذراء.
سؤالي هو: لا أريده أن يتأذى في حياته، وليس خوفا عليه، بل حتى آخذ حقي منه كاملا يوم القيامة، هل يجوز ذلك؟ مع العلم أني لم أستطع أن أسامحه، ولربما لا أريد ذلك، أريد حقي منه يوم القيامة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Heba حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يسترك بستره الذي لا ينكشف، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فإنه ممَّا لا شك فيه أن من حق كل إنسان أن يعفو وأن يصفح عمَّن ظلمه أو أساء إليه، ومن حقه أن يحتفظ بحقه إلى يوم القيامة؛ لأن الله تبارك وتعالى قال عن نفسه: {مالك يوم الدين} وقال: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلم نفسٌ شيئًا} إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على العدل التام والكامل يوم القيامة، وأن أي إنسان أخطأ في حق أي إنسان آخر لا بد وأن يقتصَّ الله تبارك وتعالى منه إلَّا أن يُحدث توبة.
ولذلك أقول: الأمر من حقك أن تسامحيه في هذه الحياة، خاصة وأن العلاقة بينكما قد توقفت، وأن الله كتب لك النجاة والسلامة، وما زلتِ عذراء، وأنا أقول أيضًا: قد يكون هناك احتمال أنه كان يجهل ما يفعل، ولا يعرف الحكم الشرعي له، فأيضًا هناك فرصة، لو أنك -مثلاً- فكرت أن تسامحيه؛ ابتغاء مرضاة الله تعالى، وأن تعفي عنه عسى الله تبارك وتعالى أن يعفو عنك، لأن الله تبارك وتعالى قال: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا).
ما دام الله قد ستر عليك فلم يعلم بأمرك أحد، وما دام الله تبارك وتعالى قد ستر عليك فلم يحدث هناك تهتُّك لغشاء البكارة وأنك ما زلت عذراء، فأنا أرى لو أنك سامحته فلعل ذلك أن يكون أنفع لك، ولا تُخبريه بذلك، هذا بينك وبين الله تعالى؛ لأن قطع العلاقة مع أمثاله هو أفضل في مثل هذه الحالات، وأنا أؤيد ذلك بقوة، لأن الاختلاط الفاسد هذا مع الأسف الشديد -أو الغير منضبط- هو الذي يؤدي إلى مثل هذه الأخطاء التي وقعت بينك وبين ابن عمك، وإن شئت أن تحتفظي بحقك إلى يوم القيامة فهذا حقك، ولكن أقول: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}.
وإن عُذِّب بالنار فأنت لن تستفيدي شيئًا كبيرًا، وإنما إن عفوت عنه خاصة إذا كان قد ترك هذه المعاصي أيضًا، ولم يعد يحاول معك، ولعله بدأ يستقيم حاله، وبدأ يتوجه إلى الله تعالى بالتوبة، وبدأ يترك هذه الأخطاء معك أو مع غيرك، أقول: قد يكون العفو أفضل، ولكن إذا كنت مُصِرة على أخذ حقك كاملاً يوم القيامة، أقول: هذا من حقك، أن تفعلي ذلك؛ لأن هذا اعتداء، وهذا حق ما زال مسلوبًا وأنت لم تأخذي حقك منه، ويبقى لك الخيار في الشرع، إمَّا أن تُسامحيه في الدنيا؛ فيعفو الله عنك ويعطيك جزاء العافين عن الناس، كما قال الله تبارك وتعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} وقال: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحب المحسنين}، وإمَّا أن تحتفظي بحقك إلى اليوم القيامة، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يسترك، وأن يستر عليك، وأن يمُنَّ عليك بزوجٍ صالحٍ طيبٍ مباركٍ، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.
هذا، وبالله التوفيق.