ما هي الأسباب المعينة على تنظيم الحياة ونبذ الفوضوية؟
2004-10-30 23:41:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
جزاكم الله خيراً على جهودكم.
أريد أن ترشدوني إلى كيفية التنظيم، فأنا فتاة جامعية عمري 20 عاماً، لا أعرف معنى التنظيم؛ لأن حياتي فوضى، فوضى في الدراسة، في العبادة، في تأدية الواجبات الاجتماعية....إلخ
طبعاً من جراء ذلك أتعرض إلى مشكلات عديدة، سواء في البيت أو الجامعة، كيف أحل هذه المشكلة؟ أتعرض إلى النقد كثيراً من والدي، ومعلمتي؛ لإهمالي الشديد وتأخري في كل شيء.
ومع أنني أحاول أن أكون منظمة وأخطط دائماً لذلك بأن أضع جدولاً ولكنني أفشل، دائماً أفشل ولا ألتزم بما في الجدول، سئمت من كثرة التخطيط، فكيف أتظم حياتي؟ ثم إنني أخجل أن أطلب النصح من معلمتي أو من والدي.
أتمنى أن أجد الحل المناسب.
شكراً جزيلاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ابنة الخليج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.
فإن ديننا يهتم بتنظيم الجهود والصفوف؛ لأن الفوضى لا يمكن أن تحقق نصراً، وقد حرص رسولنا صلى الله عليه وسلم على تنظيم صفوف الصحابة في الصلاة، وحتى القتال، قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ))[الصف:4]، ووزّع الأدوار والمهام، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ومع أنه رسول مؤيد منصور إلا أنه كان يخطط لدعوته؛ ليعلّم أتباعه وأمته، ويربي فيهم الحرص على النظام، ومما يدل على حسن التنظيم وكمال التخطيط موضوع الهجرة النبوية، التي خرج لها عند الظهيرة، حيث تتوقف الحركة، واتجه إلى جهةٍ مخالفة للمكان الذي يريد، ووزّع المهام فكان لعلي رضي الله عنه دور، ومثله لأسماء ذات النطاقين، وعامر بن فهيرة، وولد أبو بكر الصديق، وغيرهم من الذين ساعدوا في إنجاح مشروع الهجرة النبوية، التي نتعلم منها حسن التخطيط وكمال الترتيب.
وقد تعلم الصحابة من رسولنا صلى الله عليه وسلم الدقة في احترام المواعيد، والرعاية الكاملة للعهود والمواثيق، كيف وقد قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ))[المائدة:1]؟
والمسلم يتعلم النظام من خلال العبادات التي شرعها الله في أوقات مختلفة، ومن خلال الدقة في بداية الصيام وحلول وقت الإفطار، ومن خلال الأذكار المشروعة في أوقات مختلفة.
ولا شك أن التنظيم يوفر الجهد والوقت، ومما يعينك على تنظيم حياتك ما يلي:
1- اللجوء إلى الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه.
2- عدم اليأس من الفشل المتكرر، فإذا حاول الإنسان ألف مرة، فلماذا لا يحاول مرات بعد الألف؟
3- لا تؤخري عمل اليوم إلى الغد.
4- أن توقني أن عملك لا يقوم به غيرك.
5- كوني واقعية عند وضع الجدول، ولا تبالغي في الوظائف والواجبات، فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، والمتسابق الذي يسرع جداً في بداية السباق يفشل وتهلك دابته.
6- تذكري الحوافز والثمار الطيبة التي ينالها من ينظم وقته.
7- بادري بأداء العبادات في أول وقتها.
8- ابحثي عن صديقات مجتهدات.
9- احرصي على وضع جدول مشترك مع الصديقات؛ حتى تكون عندك روح المنافسة.
10- لا تقولي لا أستطيع، ولكن عليك باتخاذ الأسباب، ثم التوكل على الوهاب.
11- لا داع للخجل من طلب المساعدة من الوالد أو المعلمة، فإن الإنسان ضعيف بنفسه، قوي -بعد توفيق الله- بمساعدة من حوله.
12- حاولي حل بعض الوظائف قبل أن تُطلب منك لتكسري حاجز الهزيمة النفسية.
13- تذكري أنهم ينتقدوا كسلك لحرصهم على مصلحتك، وإن كنا لا نتفق معهم في الأسلوب.
14- بالصبر ينال الإنسان ما يريد، قال الشاعر:
بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد
ومما يعين على حسن التنظيم والترتيب تحديد الهدف، والمسلم له هدف ثابت، وهو تحقيق الغاية التي خلق لأجلها، قال تعالى: (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ))[الذاريات:56]، وله هدف متغير يختلف من شخص لآخر حسب طموحه ورغبته وعلو همته ومواهبه التي منحها لها الوهاب سبحانه.
كما أن التنظيم الناجح يراعي الطاقة الذاتية، والإمكانيات الزمنية، والمسلمة تعرف قيمة الوقت الذي يبدو من أرخص الأشياء، لكننا لا نستطيع شراءه حتى بأغلى الأثمان، وتشعر أنها مسئولة عن عمرها وشبابها بين يدي الله.
ولابد من تقويمٍ للذات والإنتاج؛ لكشف مواطن الخلل، وهل المشكلة داخلية أم هي من عوامل خارجية، سببها كثرة الزيارات، أو طول الجلسات، أو كثرة استخدام الهاتف؟ وقد كان الإمام ابن الجوزي يجعل مجالس الثقلاء الذين يطلبون الجلوس لترتيب الدفاتر وتجهيز الأقلام، وربما طلب منهم أن يساعدونه في ذلك؛ حتى يحفظ وقته.
ولا تنسي ضرورة الإخلاص لله والاستعانة به، واجتناب المعاصي، ومحاسبة النفس، وقبول النصيحة، والتوبة والاستغفار.
وبالله التوفيق.