صلة الرحم، هل هي زيارة الأهل والأقارب والسؤال عليهم أم ماذا؟
2015-05-11 02:10:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي: عن صلة الرحم؛ هل هي زيارة الأهل والأقارب والسؤال عليهم، أم ماذا، وما هي مزاياها من الناحية الدينية، وما هي علاقتها بطول العمر بالتحديد، وما هو المقصود بطول العمر؟
المشكلة أنني لا أستطيع زيارة الأقارب والأهل والسؤال عليهم؛ بسبب الخجل والإحراج منهم، حتى أبي وأمي وأخواتي لا أزورهم، لا أعلم ماذا أفعل؟
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك -مرة أخرى- في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يجعلك من الصالحين، وأن يمُنَّ عليك ببرِّ والديك، وأن يجعلك ممَّن يرضى عنهم -سبحانه وتعالى- برضا والديك عنك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: فإن الحق جل جلاله وضع قواعد في كتابه المُنزَّل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذه القواعد متعددة ومتنوعة، ومنها قاعدة: (الجزاء من جنس العمل)، وهذا ما ورد في حديث النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (برُّوا آبائكم تبرُّكم أبناؤكم).
من الأمور التي يستفيد منها العبد في الدنيا قبل الآخرة؛ بِرُّ الوالدين والإحسان إليهما، فإذا ما أحسن الإنسان إلى والديه وأكرمهما أكرمه الله تبارك وتعالى برؤية ذلك في أبنائه في الدنيا قبل الآخرة، وكذلك العكس بالعكس، إذا ما أساء فإنه يرى الإساءة بنفسه في الدنيا قبل الآخرة، وهذا هو ترتيب الله -تبارك وتعالى-، والله -جل جلاله- كما أخبرنا بقوله: {لا يُسئل عمَّا يفعل}.
فصلة الرحم؛ هي زيارة الأهل والأقارب والسؤال عنهم وتفقد أحوالهم، وإذا كانوا في حاجة إلى شيءٍ أستطيع أن أقوم به يجب عليَّ أن أقوم به، وألا أنتظر منهم ردًّا، وإنما صلة الرحم أن أصل من قطعني، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في الحديث قال: (وأن أصل من قطعني، وأعفو عمَّن ظلمني، وأعطي من حرمني).
أحيانًا قد يكون أرحامك لا يصلونك، وأنت إذا عاملتهم بالمثل أصبحت مُكافئًا، مكافئًا في القطعية، أما إذا كانوا لا يصلونك وتصلهم أنت فأنت تُسمى (الواصل)؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكنَّ الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها).
ولذلك -بارك الله فيك- عليك أن تحاول، وأن تجتهد، وأن تدفع عنك هذا الكسوف والخجل، لأن هذا من عمل الشيطان، وهذا يُفسد عليك دينك ودنياك -أخِي الحبيب- تذهب إلى أمك أو أبيك، تُقبِّل قدم أمك أو قدم أبيك، وتُقبِّل رأسهما، وتسهر على حاجتهما، وتقوم بعمل مساج خفيف لهما إذا كانوا في حاجة إلى ذلك، وتحاول أن تُظهر بِرَّهما، وأن تقوم بإكرامها، بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، ثق وتأكد أن هذا سوف يكون سببًا أولاً في سعة رزقك وفي طول عمرك؛ لأن هذا كلام النبي الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-.
أنت تقول: ما المقصود بطول العمر؟
ذكر أهل العلم أن طول العمر هنا يأتي على صورتين: إما أن يزيد الله في عمرك زيادة حقيقية، بمعنى أنك قد يكون لك من العمر خمسين فالله تبارك وتعالى ببركة صلة الرحم يصل بها إلى سبعين أو ثمانين أو تسعين أو أكثر، هذه الزيادة (قالوا) زيادة حقيقية، وهناك أدلة حقيقة في السنة على ذلك.
وقد يُبارك الله لك في عمرك، فيكون كما لو عشت ألف عام، بعض الناس يُبارك الله له في دينه فتشعر أن دينه وافر، وأنه يستطيع أن يؤدي عبادات عظيمة في اليوم الواحد، لا يستطيع غيره أن يؤديها في شهر، بعض الناس قد يُبارك الله له في علمه فيفتح الله عليه بعلوم في اليوم الواحد، يفتح بها على غيره في شهر أو أسبوع كامل، كما كان شيخ الإسلام ابن تيمية يجلس ما بين المغرب والعشاء يُؤلِّف كتابًا.
كذلك أيضًا قد يُبارك الله لك في مالك، فقد تكون صاحب تجارة وصاحب أموال، فالله -تبارك وتعالى- يسوق لك الرزق سوقًا، فتدخل التجارة وأنت (مثلاً) في وقتٍ معينٍ فتُفاجئ أنك في فترة بسيطة أصبحت من كِبار تُجَّار المسلمين، أو من كِبار التُّجار في السوق، وهذا مُلاحظ، بعض الناس يبدأ في فتح مشروع بسيط جدًّا، ولا تمر عليه سنوات إلا وقد أصبح من أصحاب الأرقام الكبيرة في عالم التجارة.
هذه كلها صور -بارك الله فيك- من صور طول العمر وبركة الرزق، ولذلك أنا أنصحك بضرورة كسر هذا الحاجز، والذهاب إلى والديك، وإخوانك، وزيارتهم، كلُّه ابتغاء مرضاة الله، اجعل ذلك قُربة تتقرب بها إلى الله، وقل: (اللهم أعني على صلة رحمي وإكرام والديَّ).
وابدأ بوالديك -أخِي الكريم- أنا أعرف بعض الناس يزورون آبائهم وأمهاتهم يوميًا ثلاث مرات في اليوم، رغم أنهم معه في نفس المدينة، يبدأ يزورهم بعد الفجر، وبعد العودة من الدوام، ويُمسي معهم بالليل حتى يناموا، فاتق الله تعالى، واجتهد، وسل الله التوفيق، وسيعينك الله، وأبشر بفرج من الله قريب.