أختي تعاني من شرود الذهن والهلوسة والأرق، فما الذي أصابها؟
2014-12-30 03:22:25 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحالة التي سأطرحها، هي حول أختي الصغرى، والتي عمرها 17سنة، ففي الآونة الأخيرة، أي منذ حوالي شهر، ألاحظ اختلافًا إلى حد ما في سلوكياتها، ولم أستطع تفسيرها إلا أنها حالة نفسية، وذلك بعد استبعاد مس الجن وغيره عن طريق الرقية الشرعية.
الأعراض تبرز من خلال حالتين:
الأولى: تجلس لوحدها، وتدخل في حالة شرود ذهني، ولا تتحرك، وتفقد الإحساس بمن حولها، وتلاحظ كأن جبلًا من الهمّ على رأسها.
الثانية: تجلس، فتحرك بعض تعابير وجهها ويدها بطريقة كأنها تتفاعل مع حدث ما، ثم تبتسم، وفي بعض الأحيان تضحك، وأحيانًا تنظر إلى جنبيها، كأنها ترى شيئًا يتحرك فيشد انتباهها، ويتبع هذه الحالة أنها تلمس شعرها، وتقطع شعرة، ثم تنظر إليها وترميها!
إذا سألتْها أمها أو أختها ما الذي يُضحِكها؟ إما أن تتجنب الجواب أو تخبرهم أنها تذكرت شيئًا مضحكًا، وسألتُها أنا أول مرة؟ فأجابتْ: إنها تسمع صوت جدها وجدتها وهما يتناقشان فيجعلانها تضحك. مع العلم أنهما يسكنان في الطابق السفلي، ومن الاستحالة سماعهما، كما يُلاحظ أن الحالة الثانية ازدادت مؤخرًا؛ فدائمًا تتبسم، وهذه الابتسامة غير إدراكية إلى حد ما.
كما يُلاحظ عليها قلّة اهتمام بالدراسة بشكل كبير، وعدم الاهتمام بالتلفاز، مع أنها كانت تشاهده كثيرًا، فاذا جلست أمامه، فلا تتجاوز دقائق، وتسرح بعيدًا عنه، ويلاحظ أيضًا قلة الكلام ما لم تكلمها، وأحيانًا تُصدر صوت (همهمة) أو تردد كلمة (أف)، وكأن صوتًا يصدر من شخص مهموم.
عندها أرق في الليل، حيث تتأخر كثيرًا عن النوم، مع ملاحظة أنها تقوم من فراشها، وتنظر من حولها، وبعض الأحيان تمشي فتنظر من النافذة المطلة على الردهة، وفي بعض المرات تستيقظ في أوقات مختلفة من الليل، وتجلس في فراشها لعدة دقائق، ثم ترجع إلى النوم.
مما حدثتني به: أنها تشعر أن الجو مضغوط حولها، وكانت تحس ببعض الوخز الخفيف بين الحين والآخر في جسمها، وأن رأسها ثقيل، ومعدتها ثقيلة أو متحجرة، وقالت مرة: إنها تحس أن قولها أو فعلها يتكرر عدة مرات، مثل: (deja-vu).
في إحدى المرات قالت: إنها عندما ترى أشياء كثيرة، تتشكل لها على شكل القلب، فمثلًا: إذا سقطت قطرة من كوب القهوة، فإنها تتشكل على شكل القلب، وإذا حركت المرق في الصحن، ترى قلبًا، ومرة رأت وسادة داخل قميص، فأخوها قام بإلباس الوسادة قميصًا، فقالت: إنها تتخيلها شخصًا بدون رأس، ونزعت القميص من الوسادة.
منذ أيام قمنا بعمل فحوصات طبية؛ بسبب أنها تشعر بالبرد والدوخة، فتبين أنها مصابة (بالأنيميا)، وهي الآن تتناول الأدوية، كما وصف الطبيب لها دواء (سلبيريد)، 0.5غ/100مل، من أجل الهلوسة المحتملة والمسببة للأرق في الليل، مع القيام بمراقبتها؛ لاكتشاف أعراض أخرى.
هناك أيضًا سلوكيات أخرى: في بعض الأحيان تبدأ بالمشي في أنحاء المنزل، وقد تمسك كتابًا، فتقلّب صفحاته بسرعة، ثم تذهب، ثم تعود وتقلب الكتاب مرة أخرى، أي أنها تكرر الفعل عدة مرات، ومؤخرًا: اكتشفت أنها تستمع إلى نوع من الموسيقى كانت تكرهه بشدة، وأغلب هذه الأغاني التي تستمع إليها ذات دلالة على الشعور بالوحدة، مع أنها الآن غير مهتمة، أي صارت لا تستمع للموسيقى.
أرجو منكم تحديد حالتها: أهي فصام أم ذهان أم شيء آخر؟ وإذا كان فصامًا، فما هو نمطه؟ وأريد أن أعرف الطريقة العلاجية المتّبعة، والأدوية وجرعاتها المناسبة قبل أن أعرض حالتها على الطبيب؛ لأن الأطباء النفسانيين في مدينتي غير مؤهلين بما فيه الكفاية.
هل هنالك أي إرشادات أسرية للتعامل مع المريضة؟ وهل يجب إخبار المريضة بحالتها؟ وهل ينفع العلاج بالجلسات الإرشادية؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه الأخت -حفظها الله- لديها تغيرات نفسية واضحة، وهنالك أشياء استوقفتني، وهي تبسمها لوحدها، وكذلك الهمهمة، وأيضاً الأرق الليلي كاضطراب بيولوجي يعتبر مهماً جداً، وما حدث لها من عدم اهتمام بدراستها؛ هذا -أيها الأخ الكريم- يشير بوضوح أنها بالفعل تحتاج لمساعدة طبية نفسية عاجلة، لا أريد -أخي الكريم- أن أشخصها أنها تعاني من الذهان أو تعاني من الفصام؛ لأن هذه التشخيصات ليست سهلة، وإذا ما أُلصِقت بالإنسان ربما تسبب نوعاً من النمط الاجتماعي السلبي، وتشكل وصمة كبيرة.
إذا كان التشخيص هو أحد هذه الأمراض، فالأمور يجب أن تسمى بمسماها، والعلاج الآن متوفر، أنا أعتقد أنها تعاني من حالة نفسية أساسية؛ ولذا اذهبوا بها إلى الطبيب النفسي مباشرة، والحالة واضحة جداً، ولا تحتاج لطبيب نفسي حاذق، أي طبيب نفسي معقول التأهيل والخبرة يستطيع أن يعاينها ويسألها، ويفحصها (اكلينيكاً)؛ ليصل إلى التشخيص الصحيح، ومن ثَم يتم إعطاؤها الدواء والعلاج المبكر -أي التدخل المبكر أخي الكريم- مهم جداً، خاصة أنها صغيرة في السن، ويجب ألا نتركها لوحدها تتمزق وتتعذب مع هذه الظنانيات والهلاوس التي تعاني منها، فيا أخي الكريم، استعجل جداً الذهاب بها إلى الطبيب لإعطائها العلاج.
عقار (سلبرايد) الذي أُعطي لها من قبل الطبيب هو اجتهاد جيد، لكنْ قطعاً هذه الجرعة صغيرة، وفي ذات الوقت (السلبرايد) لا ننصح به في مثل هذه الأعمار؛ لأنه قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في هرمون الحليب، مما يؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية لدى الكثير من البنات، التعامل معها -أيها الفاضل الكريم- يكون من خلال مساندتها، ومعاملتها بلطف، وحضّها على دراستها، وأن نجعلها تتفاعل مع الأسرة، وألا تجلس وحيدة، وفوق كل ذلك: الاستعجال بالعلاج الدوائي؛ لأن هذه الأمراض هي أصلاً بيولوجية، وما هو بيولوجي أو كيمائي لا يعالج إلا عن طريق الدواء.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.
================
انتهت إجابة الدكتور الفاضل/ محمد عبد العليم، ونحب أن نشير عليك أيضاً باستخدام الرقية، فهي إن لم تنفع فلن تضر، فيمكنكم أن تقرؤوا عليها الرقية والتي هي آيات من القرآن وأدعية من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وسلم، ولا تنسوا الدعاء لها..شفاها الله وعافاك.