الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ maryam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا حقيقة أجد لك العذر في مخاوفك كلها، حيث إن والدتك الكريمة تعاني من مرض الفصام، ولا شك أنك قد عشت معها مراحل هذا المرض وما ينتابها من أعراض، وكثرة اطلاعاتك عن هذه الحالات، وقد أصابك ما نسميه بالتأثير الإيحائي، يعني أنه أصبح لديك صورة ذهنية تتجسَّد فيها المخاوف حول أنك سوف تُصابين بهذا المرض، والعلاقة الوراثية لهذا المرض، وبالرغم من أن التأثير الوراثي ضعيف جدًّا، لكن قطعًا إذا عاش الإنسان حياة فيها احتكاك وتواصل مع مريض بمرض مثل الفصام يتأثر بذلك، ناهيك أن هذا المريض هي والدتك.
مخاوفك وأعراضك هي مخاوف قلقية، فيها توجسات وفيها بعض الصعوبات، وكما ذكرت لك القلق هو المهيمن عليك، وكثرة الأحلام تكون دائمًا من القلق ومن التوتر.
العرض الذي استوقفني هو سماعك لهلاوس قبل النوم: هذه ليست هي الهلوسة التي تحدث لبعض أمراض الفصام، هذه تُسمى بالهلاوس الكاذبة، وهي بالفعل تحدث في بدايات النوم أو عند الاستيقاظ من النوم، وهي مرتبطة بالقلق النفسي.
إذًا لدينا هذه الهلاوس الكاذبة، ولدينا أحلام مزعجة، ولديك نفس أرى أنها بصفة عامة قلقة وغير مطمئنة ومتخوفة من مرض الفصام. إذًا حالتك هي حالة قلقية مسبَّبة، وأنا أقول لك اطمئني، اطمئني تمامًا، واجتهدي في رعاية والدتك، فأنت لست مُصابة بمرض الفصام، وأريدك أن تتجاهلي هذه الفكرة تمامًا، ولا تشغلي نفسك بهذا الأمر، وكوني فاعلة في حياتك، وكوني إيجابية، كوني مؤثِّرة، وكوني مفيدة لنفسك ولغيرك، ونظّمي وقتك، نامي مبكرًا، ومارسي شيئاً من الرياضة، فالرياضة تساعدك في زوال هذه الأحلام المزعجة، ولا تنامي نهارًا أيضًا، وتجنبي تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساءً، ثبّتي وقت الفراش ليلاً، ووجبة العشاء إن كنت تتناولينها يجب أن تكون مبكرةً وخفيفةً جدًّا، لأن ذلك يُقلل كثيرًا من موضوع الأحلام المزعجة، ولنصف ساعة قبل النوم يجب أن تكوني في حالة استرخاء تام.
طبقي تمارين الاسترخاء التي أوردناها في استشارة موقعنا والتي تحت رقم (
2136015) سوف تجدين فيها فائدة كبيرة جدًّا.
احرصي على أذكار النوم، ففيها فائدة عظيمة جدًّا، واجعلي نشاطك الذهني قبل النوم مسترخيًا كما ذكرت لك، واشغلي نفسك بما هو إيجابي، وهذا هو الأفضل.
أيتها الفاضلة الكريمة: يمكنك أن تتناولي دواء بسيطاً لعلاج القلق، ولا أريد أن أُدخلك في موضوع الأدوية النفسية كثيرًا؛ لأن قطعًا والدتك تتناول أدوية، وأنت لا تحبين أن تسيري على نفس المسار، دواء بسيط مثل (فلوناكسول) والذي يسمى علميًا باسم (فلوبنتكسول) إذا تناولته بجرعة نصف مليجرام (حبة) صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم حبة صباحًا لمدة أسبوعين، ثم توقفت عن تناوله، أعتقد أنه سوف يفيدك كثيرًا، وإن أردت أن تقابلي الطبيب النفسي فلا بأس في ذلك.
بالنسبة لسؤالك: هل هذه الأعراض نفسية أم روحية؟ أعتقد أنها ظاهرة نفسية أكثر من أي شيء آخر، وبالنسبة للجانب الروحي – أيتها الفاضلة الكريمة – فاحرصي على أذكارك، وأذكار الصباح والمساء، وصلِّي صلاتك في وقتها، وهذا هو المطلوب، واجعلي لنفسك وردًا قرآنيًا، وارقي نفسك من وقتٍ لآخر.
الحالة نفسيةٌ في المقام الأول أو ظاهرة نفسية كما ذكرت لك، لكن هذا لا يعني أبدًا أن يكون الإنسان غافلاً عن الجوانب الأخرى، وكما ذكرت لك سلفًا الأذكار مهمة جدا وضرورية.
ختامًا: أرجو أن تأخذي كل ما أوردته لك في هذه الإجابة، ودائمًا الحزم العلاجية متكاملة من حيث الإرشاد، والدواء، وتغيير نمط الحياة، والتوجهات الإيجابية، هذا كله مطلوب، ويكمّل بعضه البعض.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.