الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، وأشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب.
هذا بالفعل نوع قبيح من الوسواس، لكنه في ذات الوقت هو أمر ليس واقعًا، إنما هو مجرد تصور افتراضي أنك سوف تحسدين أحدًا، وأعتقد أن نفسك اللوامة ستكون قوية ومسيطرة ولن تسمح لك – إن شاء الله تعالى – بأن تقعي في حسدٍ لأحدٍ، نعم هو وسواس ولا شك في ذلك، والأشخاص الذين لديهم منظومة قيمية مرتفعة، ودرجة عالية من الضميرية دائمًا تأتيهم مثل هذه الشكوك الوسواسية الظنانية.
أكثري من الاستغفار - أيتها الفاضلة الكريمة -، وسلي الله تعالى أن يطهر قلبك ونفسك من كل حسدٍ، وسيري على هذا الطريق، قاومي هذا الفكر، حقّري هذا الفكر واستبدليه بفكر آخر، وقولي نفسك (لا، أنا لا أحسد أحدًا أبدًا) وقاومي، وأكثري من الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
ونسبة لأن الحالة هي في الأصل وسواسية أعتقد أن تناول أحد المضادات للوساوس سوف يساعدك كثيرًا، سوف يؤدي إلى شعور استرخائي داخلي، وسوف يقلل من حدة ووطأة هذا الوسواس التوقعي، وما يحمله من آثار سلبية على نفسك. عقار (فافرين) والذي يسمى علميًا (فلوفكسمين) نعتبره دواءً مثاليًا جدًّا ومفيدًا جدًّا لمثل هذه الحالات، والجرعة هي أن تبدئي بخمسين مليجرامًا، تتناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء دواء بسيط وغير إدماني ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، لكن إذا كان عمرك أقل من ثمانية عشر عامًا فأرجو ألا تتناوليه، وإن استطعت أيضًا أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا هذا سوف يكون أمرًا جيدًا.
جميع الشكوك الوسواسية والظنانية يتخلص منها الإنسان أيضًا من خلال حسن إدارة الوقت، الفراغ الزمني والذهني والمعرفي كلها تستجلب هذه الوساوس، وتعطيها فرصة كبيرة، فلا تعطيها مجالاً أبدًا. وتمارين الاسترخاء أيضًا ذات عائد إيجابي جدًّا في علاج جميع أنواع الوسواس، فارجعي إلى استشارة إسلام ويب والتي هي تحت رقم (
2136015) وطبقي ما بها من إرشادات سلوكية، وسوف تجدين فيها – إن شاء الله – خيرًا كثيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة -، ونحييِّ فيك هذا الرفض الصريح لوساوس الشر والسوء، وهذا دليل على الخير الذي عندك، والمؤمن يُدافع الحسد بهذه الطريقة، وأنت على خير ونور، فتعوذي بالله من شيطانٍ يريد أن يعكّر عليك ويشوش عليك.
أنت لست محاسبة بمجرد هذه الخواطر والوساوس، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " لا يخلو جسد من حسدٍ، ولكن المؤمن يُخفيه" فأنت تخفينه، بل تبالغين في إخفائه، بل تبالغين في دفعه بالوصفة الشرعية، بالاستغفار، بالدعاء، قول (ما شاء الله)، ولذلك لا تحمّلي نفسك ما لا تُطيق، فأنت على خير، وأنت مأجورة على هذه المدافعة، والحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة، فاتقي الله واصبري، ولا تُعطي هذا الموضوع أكبر من حجمه، حتى لا يسيطر الشيطان عليك ويحقق ما يريد.
فأنت على خير، وتقومين بعمل عظيم، ولن تستطيعي أن تضري أحدًا إلا إذا قدَّر الله، فالحاسد لا يستطيع أن يضر إلا إذا كتب الله وقدَّر الله تبارك وتعالى، ولذلك لا تكلفي نفسك فوق طاقتها، وابتعدي عن هذا الانزعاج الزائد، والحمد لله أنت تستخدمين الوصفة الشرعية في معالجة الحسد بالدعاء لمن نحسدهم، وذكر الله، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقول (ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وتبارك الله) ونحو ذلك من العلاجات النبوية التي تُطبل آثار الحسد وأضرار الحسد.
ونحمد لله تبارك وتعالى أنك رافضة لهذا العمل، وأنك غير قاصدة لهذا العمل، وأنه فوق طاقتك، وأنه حديث نفسٍ، وكل ذلك مما يغفره الله ومما لا يُسائل عليه العظيم، خاصة مع كرهك ونفورك من هذا الشر.
نتمنى أن تشغلي نفسك بالذكر والتسبيح والتلاوة، وأهملي هذه الوساوس، فإن الإهمال جزء كبير في برنامج العلاج، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والسداد، ونسعد بهذه الاستشارة، ونسعد أكثر بدوام التواصل بعد أن تتخلصي من هذه الوساوس، بإهمالها، وبعدم الوقوف عندها، لأنك - ولله الحمد - لا شيء عليك من الناحية الشرعية، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا وحُبًّا لإخوانك وأخواتك، وأن يرفعك بهذا العمل درجات، هو ولي ذلك والقادر عليه.