الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Basma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا.
ليس غريبا أن تشعر الفتاة بالاختلاف الكبير بين المراحل التعليمية المختلفة، فالمراهقة المبكرة ليست كمرحلة الشباب في نهاية المرحلة الثانوية وقبل الجامعة! والتحدي الكبير للكثير من الطالبات هو كيف تبقي نفسها على الحماس السابق وعلى حبها للحياة والدراسة وغيرها؟ وكيف تستعيدي نشاطها الذي كانت عليه، وتتابعي حياتك بالهمة التي كنت عليها؟
ربما الحالة التي عندك ليست عدم رغبة في المدرسة بقدر ما هي عدم الرغبة في مغادرة المنزل، وشيء من تجنب لقاء الناس، وربما هي حالة من الارتباك والرهبة الاجتماعية، ولذلك فأنت تشعرين بالضيق وعدم الراحة.
كما ذكرتُ؛ أن الغالب أن لديك ربما حالة من الخجل أو التردد أو الرهاب الاجتماعي؛ حيث تتجنبين لقاء الآخرين في المدرسة أو الأقرباء. وربما لسبب ما، سواء عرفناه أو لم نعرفه، عندك هذا الخوف من الابتعاد التجمعات. فالموضوع ربما ليس له علاقة بالمدرسة والدراسة بحد ذاتها، وإنما بموضوع رهبة الخروج من البيت، وهذه حالة معروفة ونشاهدها باستمرار عند الشباب والشابات، ولعل كثرة الاسئلة والأجوبة في هذا الموضوع على هذا الموقع وغيره ليشير إلى مدى انتشار مثل هذه الحالات.
كثيرا من الأحيان ما ينتج عن هذا الرهاب وبسبب نتائجه من العزلة وتجنب الناس، كثيرا ما يترافق مع تقلبات المزاج، وكما ورد في سؤالك، وهذا المزاج يهدأ عادة عندما يتحسّن هذا الرهاب، وتعود الأمور إلى مجاريها.
من أهم طرق علاج هذا الرهاب والخوف، هو العلاج السلوكي والذي يقوم على إعادة تعليم الشخص بعض السلوكيات والتصرفات الصحيّة كبديل عن السلوكيات السلبية، فبدل تجنب الأماكن والمواقف المخيفة أو المزعجة، فإنه يقوم بالتعرض والإقدام على هذه المواقف والأماكن حتى "يتعلم" من جديد كيف أن هذه المواقف والأماكن ليست بالمخيفة أو الخطيرة كما كان يتصور سابقا. ويشرف عادة على هذه المعالجة الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي، والذي يحتاج أن يكرر جلسات العلاج عدة مرات.
لكن ليس بالضرورة على كل من يعاني من الخجل الاجتماعي أن يذهب للأخصائي النفسي، فكثير منهم يعالج نفسه بنفسه، والمطلوب منك الآن العمل على اقتحام مواقف الاختلاط بالناس والتعامل معهم، وعدم التجنب، فالتجنب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا. إنك كلما طال تغيبك عن اجتماعات الناس، كلما صعب عليك العودة من جديد، والنصيحة أن تعودي غدا، إن لم يكن اليوم، وليس بعد الغد!
ستعودين، ومن الطبيعي والمتوقع أنك ستواجهين بعض الصعوبات في بداية الساعات الأولى من العودة، وربما الأيام الأولى، ولكن ما هو إلا يوم أو يومان حتى تبدئي بالشعور بالراحة والاطمئنان والثقة بالنفس، وبراحة الضمير والشعور بالنجاح والإنجاز، أنك تجاوزت هذه العقبة، وسترين وخلال فترة قصيرة كيف أن ما كنت تخشينه من بعض المواقف في المدرسة من مواجهة الناس ليست مخيفة كما كنت تعتقدين.
فهيا فأنت ما زلت في نهاية المرحلة الثانوية، وبنشاطك وحبك للحياة وللدراسة لاشك ستكونين من المتفوقات، ولكن.... لابد أولا من حضور المدرسة والعمل!
الخبر السعيد أنك لمّا كنت نشيطة في المراحل السابقة، وهذا واضح من خلال كتابتك المنمقة للسؤال، فهذا يجعل نشاطك الآن، وعودتك لما كنت عليه، أكثر إمكانية للتحقيق.
طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يمكنك القيام بها، وأذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:
• حددي أولا ما هي الأعمال، والأفضل ما هو العمل الذي تريدين القيام به، عندما تتاح لك فسحة من الوقت، هل هي الدراسة؟ وأي مادة وأي كتاب وأي فصل...؟ فعندما تحددين ما هو مطلوب منك، ما هو العمل الذي تريدين أن تجلسين عليه ساعة أو ساعتين، والتفرغ لهذه الدراسة.
• ادرسي مع صديقة لك، وبحيث تلتزمين بالجلوس معها طول مدة الدراسة، وكما تفعلين مع أمك.
وهكذا ترين أن هناك وسائل كثيرة يمكننا من خلالها أن ننظم أمور حياتنا، وبحيث نسيطر على ظروفنا ولا نجعل "ظروفنا" تتحكم بنا، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، وكما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما يحتاج صبرا وعزيمة، "ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة" (التوبة: 46).
وللفائدة راجعي علاج أحلام اليقظة سلوكيا: (
281321 -
273281 -
280938 -
281321)، علاج الرهاب سلوكيا: (
269653 -
277592 -
259326 -
264538 -
262637 ).
وفقك الله وجعلك من الناجحات المتفوقات.