تعلقت بفتاة ثم خطبت غيرها...لكني ما زلت أحبها!!
2013-07-02 00:27:33 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب متدين وملتزم جدا, وهبني الله نعمة التقرب إليه والحمد لله.
كنت أحب فتاة جدا, وقبل أن أتكلم معها عن الخطبة استخرت الله عز وجل, وبعدها تكلمت معها عن خطبتي منها, كنت أشعر بالراحة والسعادة, وشيء بداخلي يقول لي هذه الفتاة لك, وهي من ستتزوجها, وهذا ما جعلني أتشجع لأتكلم معها.
بعد قرابة الشهر لا أعلم ما الذي حصل معي, رأيت شكلها قد تغير, وأنني لا أحبها, رغم أنها جميلة جدا, وكنت مقتنعا بالزواج منها, والفتاة كانت صالحة ومتدينة, وتتميز بالأخلاق والأدب والجمال.
كنت أعرفها منذ زمن طويل, وما كان يربطني بها أي علاقة, لكني كنت أكنّ لها بداخلي مشاعر خاصة وجميلة دون إخبارها, غابت عني قرابة السنتين والنصف لم أرها, بعد ذلك (شاءت الأقدار) أن أراها , فرحت وحمدت الله, وأحسست أن الله أعادها إليّ, وصارحتها بعد ذلك بمشاعري وأني أحبها.
بعد ذلك بقيت معها ثلاث سنوات في علاقة, بسبب ظروفي المادية التي منعتني أن أتقدم لها في تلك الفترة, وفي هذه الثلاث سنوات لم أكن أكلمها بشكل كبير, ولم أتماد في العلاقة خوفا, ولكن كنت أحبها, وطلبت منها أن تنتظرني حتى أحسن وضعي وقد صبرت, وانتظرت حتى كلمتها عن الخطوبة.
لا أعلم ما الذي حصل معي, فجأة لم أعد أحبها, ولم أعد مقتنعا بها, وعندما قلت لها ذلك لم أكن أشعر بتأنيب الضمير, أو بالتعب النفسي, ويعلم الله أننا تبنا إليه وندمنا على العلاقة, ويعلم الله أني لم أكن ألعب بها, كنت أريدها زوجة لأنها بنت صالحة.
بعد فترة قصيرة جدا خطبت فتاة أخرى رسميا, وأنا الآن مرتبط بفتاة ثانية, لكن لم أنسها, وبداخلي ما زلت أحبها, وبعد أشهر كلمتها وطلبت منها أن تسامحني لأن ضميري لم يعد يحتمل ويؤنبني, وقد تعبت جدا, لم أرتح لأنني أفكر بها, وأنها لن تسامحني.
أعلم أنني جرحتها كثيرا, وصدمتها, وأنها مكسورة, وأخاف من الله أن يعاقبني؛ لأنني جعلتها تنتظرني سنين, وكلمتها عن الخطبة, وبعد ذلك تركتها مجروحة حزينة, وكلما تذكرتها لا أتذكر إلا الحسن الطيب.
هل هذه نتيجة الاستخارة؟ لماذا رأيتها فجأة غريبة وغير مقتنع بها؟ والآن ضميري يؤنبني, بداخلي مشاعر غريبة, هي لن تسامحني, وأخاف أن تدعو علي لأنني ضيعتها, وضيعت مستقبلها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يزيدنا وإياك صلاحًا وهدىً وتقىً واستقامة, كما نسأله جل وعلا أن يمُنَّ عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإنه من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة أن يؤمن الإنسان بقضاء الله وقدره، لأن هذا ركن من أركان الإيمان كما لا يخفى عليك، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم– أخبرنا بقوله: (إن الله قدَّر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة) ومن هذه المقادير الأرزاق، ولقد قدر الله تبارك وتعالى لكل عبد رزقه في كل شيء.
ولذلك نجد أن المال رزق، وأن الصحة رزق، وأن الأولاد رزق، وأن الجمال رزق، وكذلك الأزواج، فالزوجة رزق قدره الله تبارك وتعالى لصاحبه، ولذلك إذا كان للإنسان رزق أو نصيب في امرأة معينة فإنه سيصل إليها مهما كانت التحديات، وإذا قدر الله ألا تكون له فإنه لا يمكن أن يصل إليها حتى وإن كانت أقرب الناس إليه.
ولذلك هذا الذي حدث بينك وبين هذه الفتاة هو قدر الله تبارك وتعالى، لأنها ليست لك إلى الآن، فإن الله تبارك وتعالى شاء أن يُغيّر هذا التعلق القلبي بها إلى نوع من عدم الرغبة والراحة، وأنت تعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، كما أخبر النبي الحبيب -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك عليك أن تستغفر الله تبارك وتعالى، وأن تتوب إليه من هذه الهنات التي حدثت بينكما، لأنها مما لا شك فيه لم تكن شرعية، ولم تكن موافقة لهدي الله تبارك وتعالى، ولا لسنة نبيه محمد -عليه صلاة الله وسلامه– فاحمد الله تعالى أن الأمور لم تزد عن هذا الحد، واعلم أن هذه –كما لا يخفى عليك– من بركات الاستخارة، لأنها قد تكون فيما يبدو لك صالحة ومناسبة لك، ولكن في علم الله تبارك وتعالى تكون على خلاف ذلك، فكم من امرأة في قمة الجمال والأخلاق والأدب وكل شيء إلا أنها قد تكون عاقرا لا تُنجب، فتضطر أن تتزوج عليها أو تطلقها، وكم وكم وكم وكم....، فما دمت قد استخرت الله تبارك وتعالى وصرف الله قلبك عنها فاتركها.
أما فيما يتعلق بتلك المدة التي مرت عليكما وانتظارها لك هذه الفترة، فنسأل الله أن يعوضها عنها خيرًا، ويُبدلها خيرًا منك، وأنت عليك أن تدعو لها بذلك: (اللهم ارزقها زوجًا صالحًا خيرًا مني وعوضها عما فقدت خيرًا) لعل هذا أن يكون نوعًا من جبر خاطرها فيما بينك وبين الله تبارك وتعالى.
ثم -بارك الله فيك– كلمة (شاءت الأقدار) التي وردت في كلامك: هذه عبارة ليست دقيقة، بل والأحرى ليست صحيحة، لأن الأقدار لا تشاء، وإنما الذي يشاء إنما هو الله تبارك وتعالى، ولذلك قل (شاء الله) هذا هو الأصل، أما (شاءت الأقدار) الأقدار أساسًا مخلوقة لله تبارك وتعالى ليست لها مشيئة ولا إرادة، ولكنها عبارة يتداولها الناس ويظنون أنهم بذلك يتعبدون إلى الله تبارك وتعالى بتفويض الأمر إليه، ولكن في حقيقة الأمر أن هذه العبارة غير دقيقة، وهذا النص غير مستقيم شرعًا.
أخي الكريم الفاضل -بارك الله فيك-: ما دام الله تبارك وتعالى قد منّ عليك بأختٍ أخرى قد ارتبطت بها ارتباطًا رسميًا شرعيًا فحاول واجتهد قدر الاستطاعة كلما جاءتك ذكريات الأخت السابقة أن تستعيذ بالله تعالى، وأن تطردها من ذاكرتك، لأنه مما لا شك فيه أنها ستظل في ذاكرتك لفترة طوية، لأنك مكثت معها أيضًا فترة، وكنت متعلقًا بها فترة ليست بالقليلة، وهذه الذكريات لا تُمحى من الذاكرة أصلاً، وإنما كل الذي يحدث أنها تدخل إلى مستودعات داخلية تظل دفينة محبوسة، بمعنى أن هذه الأخت لو رأيتها بعد عشرين سنة سوف تتذكرها لأنها موجودة في ذاكرتك، كغيرها من الأشياء التي تتذكرها أنت بعد فترة من الزمن والتي تتذكرها كثيرًا، فقد يكون هناك طالب من الطلبة يدرس معنا في المرحلة الابتدائية ونراه (مثلاً) بعد تخرج من الجامعة بسنين، فتتذكره عندما تراه، أو عندما تسمع صوته.
إذن هذه الذكريات لا بد منها، ولكن حاول أن تطاردها قدر الاستطاعة ولا تستسلم لها، وحاول أن تتقي الله تبارك وتعالى في نفسك، وأن تجتهد في إعانة هذه الأخت التي ارتبطت بها على طاعة الله تبارك وتعالى، وأن تحاول أن تعوض نفسك عن هذه التي فقدتها بالأنس بالله تبارك وتعالى وبمزيد من القرب منه سبحانه وتعالى، واحمد الله تبارك وتعالى على نعمة الطاعة ونعمة الإعانة عليها، وسله تبارك وتعالى المزيد، وأشغل نفسك فيما يعود عليك بالخير في الدنيا والآخرة، ونسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يبارك لك في مخطوبتك، وأن يجعلها عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يرزقك منها الذرية الصالحة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.