كيف أتخلص من مراقبة واعتبار رأي الناس؟
2013-06-02 06:08:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
جزاكم الله خيراً على ما تقدمونه للأمة الإسلامية من خير، وبارك فيكم، ورزقنا وإياكم تمام الإخلاص في القول والعمل.
مشكلتي تتلخص في أني أتصرف تصرفات، حين أراجعها أرى أني ما فعلتها إلا رياءً للناس أو مفاخرة أمامهم، وأنا على يقين بذلك لا لأني أخاف من الرياء، وأشعر أحياناً أن هذا طبع لدي منذ الصغر أني أحب أن أري الناس ما يحبونه فيّ، وأحياناً أحاول ألا أخالف الناس في آرائهم قدر المستطاع، وحين أراجع ما حدث أرى هذا ضعفاً، وأدرك أن ما قلته ليس ما اعتقدته.
على الرغم من أني حاولت كثيراً وفكرت وقلت لنفسي أن الناس لن يضروني ولن ينفعوني، وأنهم سيقفون موقفي يوم القيامة وسأقف موقفهم، وأعلم أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وأعلم أن الرياء يحبط العمل عند الله تعالى، وهذا أكثر ما يخيفني.
سألت أحدهم فقال لي: خوفك هذا يعني أنه ليس لديك رياء، لكنني متأكد من أني لا أكون أنا نفسي حين أظهر أمام الناس، وأني أرائي لهم سواء بالأعمال الدينية أو الدنيوية.
أرجو أن تساعدوني في حل هذا الموضوع، لا في طمأنتي، وجزاكم الله عنا كل خير في الدنيا والآخرة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهنيئًا لك بهذه النفس التي تلومك وتحاسبك على الكلام، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، يسأل نفسه دائمًا لماذا وكيف، لماذا السؤال عن القصد؟ وكيف السؤال عن الأداء والعمل؟ فلا نجاة للإنسان إلا بأن يُخلص لله، وأن يؤدي عمله على هدىً وخطى النبي – عليه صلاة الله وسلامه – وكان قائل السلف يقول لنفسه: (ماذا أردتُ بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟) لأنه لا يبقى بين يدي الله إلا ما أريد به وجه الله تبارك وتعالى.
ولكننا نريد أن نؤكد لك أيضًا أن وجود الإنسان بين الناس له ثمن وتنازلات لا بد أن يقدمها، فقد لا يُعجبك لبس الناس أو طريقة كلامهم أو طريقة حوارهم، لكن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، والدين لا يمنع المؤمن أن يوافق الناس ويسايرهم إذا كانوا على الطاعة، أما إذا كانوا على معصية فإن هذا هو الممنوع، هذا هو الذي يقال، لم لم تقل فيه كذا؟ فيقول: (أي رب مخافة الناس، وخشية الناس، وحياء من الناس) فيقال: (فإياي كنت أحقَّ أن تخاف) في الأمور التي فيها مخالفات لا يسكت عن النصح، ولا يجامل في معصية، لكن في الأمور العادية كونه يجامل ويساير ويُداري الناس، هذا المعنى مطلوب حتى من الناحية الشرعية، أما إذا وقع الناس في معصية، إذا وقع الناس في مخالفة، فلابد أن يُعلن النصيحة، لا بد أن يعلن أنه بريء من هذا الذي يحصل، لا بد أن يرد الناس بالنصح إلى الله تبارك وتعالى.
وقد أحسن من قال لك: (إن خوفك هذا دليل على الخير الذي فيك) ونعتقد أن هذا الخوف هو البداية الصحيحة والناجحة للوصول إلى الحق والصواب، وهنيئًا لمن أصبح الباطن عنده كالظاهر، والظاهر عنده كالباطن، وأصبح الذي في لسانه هو الذي في قلبه، ووافق ظاهره ما في باطنه ونفسه، فإن هذه كمالات ينبغي أن نسعى جميعًا إلى الحصول عليها.
لكن مجرد الموافقة في أمور عادية لا تقدم ولا تؤخر هذا لعله من الحكمة، والناس يحبون من يوافقهم ويسايرهم، ولكن هذه المسايرة والموافقة والمجاملة تُرفض إذا كانوا في معصية لله تبارك وتعالى، أما إذا كانوا مطيعين لله تبارك وتعالى فلا مانع من أن يسايرهم ويضحك معهم في الأمور المباحة التي لا تُقدم ولا تؤخر ولا تُلحق ضررًا بأحد، أما إذا كانت هناك معصية فعلى المسلم أن ينصح، فإن استجابوا فهذا ما نريد، وإن لم يستجيبوا فعليه أن يهجر المكان ويتوجه إلى خالق الأكوان.
نسأل الله لكم التوفيق والسداد.