هل أترك وظيفتي وأتفرغ لبيتي أم أصبر وأواصل؟
2013-02-21 10:48:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رغم أن زوجي ميسور ماديا دفعني للعمل دفعا، وعندما تم قبولي في العمل كمعلمة في إحدى المدارس فرحت جدا في البداية, خاصة مع إيماني بالدور الدعوي الذي يمكن أن أقوم به, علاوة على تسهيل العلوم، لكني صدمت بأن الطالبات لا يعرن نصائحي أي اهتمام, ولا يأبهن بالمعلومات التي أقدمها لهن، الإدارة تحبني, وتجدني متفانية في عملي.
دوما يبكيني الحديث كلكم راع, وكلكم مسؤول عن رعيته، ففي مقابل هذا التفاني في العمل أجدني مقصرة مع ابنتي الوحيدة -هي في السابعة من العمر ولا تحفظ من القرآن إلا الفاتحة والمعوذات- ولم أفكر في الإنجاب بعدها لأحافظ على الوظيفة، خاصة وأن الإدارة ترفض وتناهض فكرة الإنجاب.
استخرت الله حول تركي للعمل, والتفرغ لأسرتي، وأريد منكم المشورة، فلا خاب من استخار, ولا ندم من استشار, هل سيعتبر تركي للعمل نكرانا وتبطرا على نعمة الله؟ فالكثيرات غيري يتمنين العمل، كما أنني أصبحت أستطيع شراء كل ما أريد لي ولابنتي بعد أن كنت أتعب من كثرة الطلب من زوجي دون أن يعيرني اهتمام.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أم مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك أختنا الفاضلة، ونحمد لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا الحرص على الخير، ولا نريد لأمثالك أن تترك هذه المهنة العظيمة –مهنة التعليم– أما ابنتك فسوف يُهيأ الله تبارك وتعالى لها ولك من الأمر رشدًا وخيرًا، فاجتهدي في أن توفقي بين الواجبات، ولا ننصحك أبدًا بترك هذه الوظيفة لما لها من آثار، فبعد أن كنتِ أمًّا لبنت واحدة أصبحت الآن أُمًّا لبنات المسلمين، وهذه فرصة كبيرة للإنسان من أجل أن يدعو إلى الله تبارك وتعالى.
ومما يعينك على هذا الأمر: الحرص على تفهم طبيعة الفئات العمرية وطريقة إسداء النصح للبنيات، ونحن نريد من تشعر بمثل هذا الشعور، فإن هناك من لا تبالي بوظيفتها، ولا تهتم إلا بالدرهم والدينار الذي تقبضه نهاية الشهر، ولكن إذا وجدنا من أمثالك من تحرص على الخير، تحرص على تقديم الدعوة، من تتألم عندما تتأخر الهداية والاستجابة في بناتها، فإن هذه دلائل خير كثيرة.
ومن الجانب الآخر أيضًا: نحن لا نريدك أن تتركي العمل لأنك سترجعين للمربع الأول، والبنت تحتاج إلى عناية، تحتاج إلى رعاية، ويؤسفنا أن قصّر بعض الرجال في واجباتهم، فالإنفاق واجب على الرجل حتى وإن كانت المرأة من أصحاب الأموال، فإن عليه أن يقوم بمسؤولياته، وينفق على الزوجة وعلى الأولاد، وكفى بالمرء إثمًا أن يُضيّع من يعول، وحتى إذا كان فقيرًا فإنه ينبغي أن يعتقد أن هذا على سبيل الدَّين، والشريعة لا تُجبر المرأة أصلاً على أن تُنفق على نفسها أو على أولادها، لأن هذا من مسؤوليات الرجل، كما قال الله: {الرجال قوامون على النساء} ما هي المؤهلات يا رب؟ {بما أنفقوا من أموالهم} من ضمن هذه المؤهلات الإنفاق، وهذا مؤهل أساسي لكي يكون الرجل قيمًّا على الأسرة، أن يتولى هو الإنفاق والصرف على أسرته.
لأجل ذلك نحن ندعوك إلى اغتنام مثل هذه العطلات –عطلة الربيع– وغيرها في تعليم البُنية الصغيرة، حتى لو جئت لها بمن تعلمها، فإن الرسالة التي تؤديها كبيرة، ولن تأخذ هذه المعلمة إلا دريهمات معدودة، مع أننا نفضل أن تنظمي وقتك ليكون هناك وقتًا لتعليم هذه البُنية التي نسأل الله أن يُنبتها نباتًا حسنًا.
وطالما أنت في قطر –ولله الحمد– نحن ننصحك بالتواصل مع مركز (مريم بنت عمران) لأخذ برنامج المعلمة الناجحة والمعلمة الداعية، فستستفيدين جدًّا من هذه البرامج، وهي موجودة في سيديهات، من أجل أن تطوري المهارات في التعامل مع البنيات، ومن أجل أن تطوري أيضًا طريقة التعامل مع هذه البُنية الصغيرة، فإن العبرة ليست بتفرغ الإنسان، ولكن المهم هو في الكيفية التي تستخدم بها هذه الفرص التي تُتاح له.
إذن نحن ننصح بالاستمرار كمعلمة، ونحذر من ترك هذه الوظيفة، لأن الإنسان إذا رُزق من شيء ينبغي أن يلزمه ويستمر عليه ويحافظ عليه، ونحن يزداد حرصنا على استمرار أمثالك من الحريصات على الهداية والنصح.
ونسأل الله أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يهدينا، وأن يجعلنا سببًا لمن اهتدى، هو ولي ذلك والقادر عليه.