أبي يعاملنا بقسوة، ولا يعدل بين أمي وزوجته.. ما توجيهكم؟
2012-10-30 10:55:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمي إنسانة هادئة، ولديها ولدين و6 بنات، صبرت على أبي، وكان عصبياً في أمور تافهة، ومتقلب المزاج، وجميعنا نخاف منه، وأخي الكبير فقد شخصيته بسبب ضربه وكرهه له.
تزوج أخي وعاش فترة بسيطة مع أهلي، ثم انتقل لبيت بمفرده بسبب أن زوجته كانت تصرخ في وجه أمي، أصبحت أمي تخاف منها، وأنا و3 من أخواتي تزوجنا في مدينة بعيدة.
أبي بعد كبر سنه أصبح كثير الزواج، وآخر فتاة تزوجها كانت في عمرنا، وهي الوحيدة التي أنجبت له ولدين، ولكنها كانت عصبية مثل أبي ودائما يصرخون، وأمي أصبحت خادمة لهم تطبخ لهم الأكل وهم يأكلون، وهي تشاهدهم، ولقد حاولت التفاهم مع أبي بأنها تعبت من شغل البيت، وأنه لا بد أن يتقسم الشغل بينها وبين زوجته، فقام يهددها بالطلاق، ويمن عليها بمشاهدة بنتيها وزيارتها.
عندما أتت في وقت ولادتي، وكانت عندي، ولكن أم زوجي كل ما رأتها تقول لها: يكفي أذهبي لقد كلفت على ولدي بما أني أعيش لوحدي، وإذا ذهبت لأختي الثانية زوجها يصبح عصبي المزاج، فتفهم أنها ثقيلة عليهم فترجع إلى بيتها سريعاً.
أما أبي فلا نستطيع أن نفتح له موضوع ظلمه لأمي؛ لأننا نخاف أن يؤذي أمي، وفي نفس الوقت نخاف منه! كنت كل سنة أسافر لأهلي، وبعد زواجه الأخير عندما ذهبت سببت لي مشاكل بيني وبين أبي.
الآن لي سنتان لم أرهم، وأنا في خاطري أن أرى أمي حبيبة قلبي، عفوا على الإطالة، ولكن ماذا أفعل انصحوني، علما أن راتب أخي قليل، ولا يكفيه، وزوجته مثل زوجة أبي لا ترحم، فماذا أفعل في حقها؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم تامر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل الأمور، وأن يغفر الذنوب، نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يرزقك بر هذه الوالدة، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا الوفاء للوالدة، فإنه يدل على خير فيك، وكم تمنينا لو أن إخوانك وأخواتك جميعًا - وهذا ولله الحمد عدد كبير - حملوا نفس المشاعر، واستطاعوا أن يحتالوا لإخراج أمهم من هذا الوضع، ولو لبضع أشهر من السنة، فإن وجودها هنا مدة، وهناك مدة سيخفف عليها من وطأة الآلام التي تجدها، والمعاناة التي تعيش فيها.
أما زوجة الوالد - هذه الشريرة - التي ترضى أن تعمل المرأة الكبيرة، وهي تأكل فإنها لن تنال خيرًا، كما أن الوالد وتقصيره في حق الوالدة لن ينال خيرًا إلا إذا سامحته الوالدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب، وأن يعين الوالدة على الصبر.
وأرجو أن تسمع منك التشجيع، أن تسمع منكم ما يُخفف عليها، وأن تجتهدوا في التواصل معها بقدر جهدكم واستطاعتكم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينكم على البر، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
إذا كان هناك من هو قريب من الوالد - من إخوانك أو أخواتك - فعليه أن يتولى الكلام مع الوالد، ليس انطلاقًا من كلام الوالدة، ولكن بعد الزيارة، والمشاهدة بنفسها، تبدأ تناقش الوالد في بعض الأمور، ولا تجعل الوالدة هي التي تدافع عن نفسها، لأن دفاعكم عنها له أثر كبير عند الوالد، بخلاف لو أنها قالت: (أنا تعبتُ ولا أريده) ونحو ذلك.
كذلك ينبغي التواصل مع زوجة الأب، تذكيرها بالله تبارك وتعالى، بأن عليها أن تقوم بواجباتها، وأن والدتكم في مقام أمها، تذكيرها بهذه المعاني، فإن هذا أيضًا لا يؤثر على الوالدة، لكنه سيؤثر على الفتاة، وحتى لو علم الوالد وسمع فإنه عند ذلك لن يلوم الوالدة على ما قالته تلك البنت من بناته.
وحقيقة الإنسان يستغرب ويتعجب من حال بعض الناس عندما يكبر في السن كيف يأتي بهذه الجهالات؟ كيف يقصر في حق الزوجة؟ وكيف يظلم زوجته التي عاش معه ردحًا من الزمن؟ ونستغرب أكثر في حال الزوجات الصغيرات، كيف أنها تقبل هذا، ألا تخاف رب العالمين؟ ألا توقن أن ما تفعله وما ترضاه لزوجها بأن الآخرين سينقلبون عليها وعليه، لأن هذا ظلم، والظلم مرتع مبتغيه وخيم.
ومع ذلك فإن هذا الكلام بيننا، ولا نريد للوالدة أن تسمع هذا الكلام، ولكن نريد أن تعمل ما في طاقتها وما في وسعها، ثم بعد ذلك تحتال - أكرر: تحتال - عليها، وتذهب للأخ شهرا أو أياما، وتذهب عند تلك البنت أسبوعا أو أياما، وتمر عليكم، ثم تعود إليهم بعد ذلك، ولا مانع من أن تساعدهم أحيانًا إذا استطاعت أن تعمل، شريطة أن يكون ذلك رضًا من نفسها، شريطة أن يكون ذلك بالرغبة في خدمة الزوج الذي هو في النهاية أيضًا زوج لها.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينها على الخير، وأن يمنحها القوة والعافية، وأن ينتصف لها ممن ظلمها، وأن يرد الوالد إلى الصواب وإلى الخير.
وأرجو كذلك أن تتذكروا أن بركم للوالد وإحسانكم له من واجبات هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فإذا شعر الوالد أنكم له بررة، فإنه عند ذلك سيسمع الكلام منكم، ويسمع النصح منكم، ويسمع ما تقولوه في حق الوالدة وحاجتها إلى المزيد من الراحة في آخر عمرها.
وبعد ذلك لا مانع من أن نكون واقعيين، فإن استطاعت أن تساعد بشيء فعليها أن تفعل ذلك، وهذا لها فيه مصلحة، أما أن تجلس الفتاة دائمًا، والوالدة هي التي تعمل دائمًا لخدمتهم، فهذا ما لا يليق عرفًا، ولا يليق شرعًا، ولا تستسغيه المجتمعات التي فيها شيء من الخير فضلاً عن بلادنا التي نعيش فيها في رحاب العقيدة، وفي ظلال هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
بُشرى للوالدة لكونها مظلومة، ونخاف على الوالد وزوجته من الظلم، فإن الظلم مرتع مبتغيه وخيم، فذكروا الوالد ولو بطريقة غير مباشرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمكم السداد والرشاد، ونكرر شكرنا لك على هذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل للوالدة من أمرها فرجًا ومخرجًا، هو ولي ذلك والقادر عليه.