كيف نتصرف مع أخطاء الموظفين التي تضر بالآخرين؟
2012-10-03 08:27:03 | إسلام ويب
السؤال:
منذ حوالي أسبوعين حوّل البنك بالخطأ مبلغاً ليس بالكبير ولا بالبسيط إلى حسابي، اتصلت بهم لأبلغهم بهذا الخطأ، اتصلت بهم حوالي عشرين مرة أسأل ماذا حدث معهم؟ ولماذا إلى الآن لم يسحبوا المبلغ المودع خطأ؟ وفي كل مرة يرد علي موظف مختلف، ولكنهم يقولون إنه لم يكتشفوا خطأ إلى الآن، وهم يدققون في الأمر.
سؤالي: إذا كان جوابهم أنهم لم يكتشفوا خطأ، أو إذا تأخروا كثيراً في الإجابة وأهملوا الموضوع، ما هو موقفي حيال هذا المال؟ وخاصة أنني لو قمت بملاحقة الموضوع ورفعته إلى جهات عليا في البنك سيتضرر أشخاص قد يكتفون بدفع المبلغ من جيبهم، عوضاً عن معرفة مدرائهم بخطئهم، أرجو منكم الإجابة، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً وتقىً واستقامة، وأن يرزقك الحلال وأن يبارك لك فيه، وأن يباعد بينك وبين الحرام، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فالمطلوب منك أن تظل في متابعة البنك قدر الاستطاعة حتى تتضح الحقيقة، وحتى لو اقتضى الأمر أن ترفع الأمر – كما ذكرت – إلى جهات عليا في البنك؛ لأن هذا المبلغ قطعًا ليس ملكًا لك، وهو ليس ملكًا لهؤلاء الموظفين الذين حوّلوه بالخطأ، وإنما هو ملك لرجل من المساهمين، أو من عملاء البنك، وبالتالي سوف يُحرم من حقه الشرعي الذي جاءك بالطريق الخطأ وأنت يقينًا لم تعرفه، ونحن نعرف أن الأخطاء قد تكون دروسًا بليغة في حياة الناس، فقد يستفيد الناس من أخطائهم أكثر مما يستفيدون من صوابهم، ولذلك عليك أن تواصل حتى وإن تضرر في ذلك بعض الموظفين – كما ذكرت – لأنه سيكون عبرة وعظة لغيرهم، فنحن أُناس مسالمون – في الغالب – أموالنا ورواتبنا تنزل في البنك ونُحسن الظن في هذا البنك وتلك المؤسسات، ظنًّا منا أن هناك نوعًا من الدقة المتناهية، أما أن تُودع أموال في حسابات بعض الأفراد وتتحول إلى غيرهم والناس يحسنون الظن بهؤلاء القوم وهم يعبثون أو لا يهتمون، مما يترتب عليه ضياع حقوق الناس، فأرى أن هذا من الظلم البيّن ومن الجُرم الكبير.
ولذلك أتمنى أن توصل الأمر إلى الجهات العليا في البنك عند عدم الاستجابة، حتى وإن ترتب على ذلك أن يتضرر بعض هؤلاء المقصرين المتهاونين الذين أنا أعلم يقينًا أنهم لم يتعمدوا ذلك، ولكنهم أخطأوا، وجاء الأمر من باب الخطأ وليس من باب العمد جزمًا، ولكن أقول لك: إن الإسلام يعاقب من قتل خطئًا، رغم أنه لم يقصد الخطأ، وفي ذلك حتى ينتبه الناس، لو أن كل إنسان زعم وادعى أنه قتل فلانًا خطئًا وأنه لن يؤاخذ لقتل الناس عمدًا وقالوا إننا أخطأنا، ولذلك سد الإسلام هذا الباب سدًّا منيعًا، وجعل قاتل الخطأ معاقب، نعم هو أخف في عقوبته من القاتل العمد، ولكنه في جميع الأحوال معاقب.
فكذلك أيضًا هؤلاء نحن نعلم يقينًا أنهم لم يتعمدوا ذلك، ولذلك هم لم يُتهموا لا بالخيانة ولا بالسرقة أو غير ذلك، وإنما غاية الأمر أنهم مقصرون وأنهم لم ينتبهوا الانتباه الكافي واللازم، لأن هذه أموال والأموال عزيزة على أصحابها، وقد تكون هذه الأموال لأفراد هم في أمس الحاجة إليها، فتضيع أموالهم عليهم نتيجة عدم انتباه موظف جالس يتكلم في الجوال أو لعله يتكلم مع صديق أو لعله يتابع أمرًا مع شخص آخر، ويكتب رقمًا مكان رقم فتتحول الأموال إلى جهات ليست لها بأهل، والله أعلم كم عدد هذه المرات، وكم حجم هذه الأخطاء، فأنت قد اكتشفت هذا بطريق الصدفة، ولكن من الممكن أن يكون هناك من حُوّلت إليه الأموال ولم يتكلم، فضاعت الأموال على أصحابها ولم يستطيعوا أن يأخذوا حقًّا أو باطلاً من هؤلاء الموظفين.
فأنا أرى بارك الله فيكَ ضرورة مواصلة التتبع حتى يتضح الأمر، وحتى تعود الأموال لصاحبها، لأنه مما لا شك فيه أن لها صاحب، فتعود هذه الأموال لصاحبها، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى وإن ترتب على ذلك إلحاق الضرر ببعض الموظفين.
أسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك على مواصلة المسيرة حتى يصل الحق إلى أهله، وحتى توضع الأمور في نصابها، هذا وبالله التوفيق.