أبي يجهل كيفية التربية الجنسية الصحيحة لأخي الوحيد، فكيف أوضح له ذلك؟
2012-09-26 10:59:08 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي أخ صغير عمره 7 سنوات، تكفلت بتربيته بوجود أبي وأمي- والحمد لله -، ولكن عندي مشكلة بسبب جهل أبي بالتربية الجنسية الصحيحة، فهو يثير انتباه أخي لأعضائه وخاصة أنه جاء بعد 4 بنات، مثلاً يطلق تسمية معينة ويسأل كيف حال...؟
وأخي ينزعج في بعض الأحيان، ويحاول أن لا يراه أبي عارياً خوفاً من أن يلمسه، لا تفهمني خطأ يا دكتور، أبي لا يؤذي أخي ولكن يجهل أن ما يفعله خطأ!
أرشدني ماذا يمكنني أن أفعل؟ مع العلم أن أبي لا يستجيب لنصحي، وأخاف أن يؤثر عليه هذا الأشياء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة أمة الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
بداية نشكر لك - ابنتنا الفاضلة – على هذا الحرص على الخير، ونشكر لك القيام بالتربية والتوجيه، فإن الفتاة تُحسن القيام بهذا الواجب، لأن فارق السن بينها وبين شقيقها الصغير ليس بذلك الكبير، وينبغي أن نربي أبنائنا لزمانٍ غير زماننا، ونحن مشاكلنا التي تواجهنا هو الفارق الكبير بين الوالد والولد، وبين الجد والحفيد الذي يربيه، وهذا لعله يحتاج إلى وقفات، ومن المسائل التي تُزعج أهل التربية، خاصة عندما يكون عند الناس بعض المفاهيم الخاطئة ما يتعلق بالرجولة والأنوثة، فهناك مجتمعات يتكلموا فيها مع الصغير عن الزواج، وأنه سيتزوج فلانة، وفلانة ستتزوج فلان، وفلانة جميلة، وفلان كذا، إلى غير ذلك من الكلام الذي يُفتح به آفاق كبيرة عليهم.
ولكن أنا أعجبني وأسعدني حياء الطفل وهروب الطفل من هذه المواقف وحرصه على ستر عورته، وأسعدني كذلك حرصك على التوجيه والإرشاد، وإذا كنت مُحرجة من الكلام مع الوالد فإن الطفل عندك فاقتربي منه وانصحي له، وكوني أنتِ الموجِّه، وكوني أنت من يُقدِّم له الهدايا والحلوى والمساعدة، وعنده سيكون التأثر بك والاستجابة بما يصدر منك من توجيهات، خاصة وأن توجيهاتك توافق الشرع وتوافق الفطرة التي فطر الله هذا الصغير وسائر الناس عليها، فإن ستر العورة وصيانتها والمحافظة عليها من الأمور التي لا يتخلى عنها إلا إنسان مطموس الفطرة، وحتى الأب فإنه لا يقصد هذه المعاني البعيدة، ولكن أحيانًا الإنسان بجهله يفعل أشياء قد تفتح آفاق، ولكن في الحالة هذه نشعر أن الوضع - إن شاء الله تعالى - تحت السيطرة طالما كان التوجيه موجود، وطالما كان هذا الطفل يشعر بحرج شديد من هذا الموقف، ونتمنى أيضًا أن تواصلي كما قلنا النصح والتوجيه والإرشاد.
ونريد أن نقول: في هذه السن الطفل أصلاً ميّال إلى أن يعرف الفروق وهي بالنسبة له معروفة، وأيضًا هذا المجتمع الذي فيه مثل هذه الأشياء سنجد أنه بعد فترة فيه أيضًا معاني الغيرة والكلام عنها، فهي عبارة عن أخطاء فقط في التوجيه من هؤلاء الكبار في السن الذين يحتاجون إلى من يُبيِّن لهم أهمية وخطورة ما يحصل، خاصة في هذا الزمان، فلأن كان مثل هذا الكلام مقبول في أزمنة مضت وكان عين الشاب وعين الفتاة محصورة فإن هذا الكلام سيكون بخطورة بمكان، لأن أصلاً وسائل الإعلام ومواقع النت والمواقع المشبوهة وأهل الفسق وأهل الشر سعيهم في نشر هذه الثقافة، والإسلام لا يمانع من تعليم الثقافة الجنسية شريطة أن يكون ذلك في توقيتها المناسب والعمر المناسب من الشخص المناسب المحبوب في بيئة آمنة، في إطار وغطاء شرعي، كذلك حبذا أن يكون في إطار تعليمي، كذلك أن يكون هذا الذي يعلم جادًا، ونحن دائمًا أن نفضل أن يكون هذا الذي يتولى هذه التربية والتوجيه في مثل هذه الأمور من العاقلين أو من الفاضلات، ويُفضل أن يكون أبًا أو أُمًّا أو معلم أو معلمة فيهم الأدب والأخلاق، لأنهم أقرب الناس بالنسبة للإنسان.
وأرجو أن تُدركي أن الشريعة دائمًا حريصة على ستر العورة، فنعلِّم صغائرنا إذا دخلوا الحمام أن يُغلقوا الباب، ونُبيّن لهم أن هذه المنطقة محظورة لا يجوز للإنسان أن يكشفها أمام إنسان، ولا يجوز أن ينظر إلى عورة إنسان آخر، ونبيّن لهم أن الشريعة تأمرهم أن يستأذنوا - وحتى الصغار جدًّا- في ثلاث أوقات {قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء} والهدف من ذلك هو ألا يطلع هؤلاء الصغار على أمور ربما يتضرروا منها بعد ذلك، {فإذا بلغ الأطفال الحلم فليستئذنوا} فعلى الجميع أن يستأذن قبل الدخول، حتى على الأب وعلى الأم، ونحن كآباء وأمهات أيضًا نربي عندهم هذه الثقافة، وإذا أراد الطفل أن يغيِّر ثيابه أو يُبدِّل ثيابه فندعوه أن يبتعد عن أعين الناس، وإذا أراد أن يقضي حاجته كذلك يبتعد ويُغلق على نفسه الأبواب.
المهم: الإسلام له منهج متكامل، فإذا سرتِ على هذا المنهج وحاولتِ معالجة ما يحصل من أخطاء بطريقة لطيفة. ونتمنى أن تجدي من كبار السن من يوجه نصيحة للأب، لأن الرجل دائمًا يأخذ عن الرجال، ويأخذ عن أقرانه، وإذا كان لك صلة بالدعاة فيمكن أن تنبهي الدعاة – أو إمام المسجد – حتى يتناول مثل هذه الأمور بطريقة غير مباشرة ودون أن يعرف أحد، لأن في هذا عون للناس على الاستجابة لهذه الدعوة إلى الفضيلة وإلى الخير، فبعض الرجال يصعب عليه أن يسمع من امرأة، لكن يسهل عليه أن يستمع إلى رجل يوجه وينصح في مثل هذه الأمور.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية.