ابني منطو ويرفض الخروج من البيت، فهل حالته طبيعية؟
2012-09-19 08:43:09 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني يبلغ من العمر 12 سنة، هو في الصف الخامس الابتدائي حالياً، كان يُعاني منذ بداية دراسته من صعوبة الالتحاق بالمدرسة، وكرهه الشديد لها، وظل على هذا الحال طيلة السنوات الماضية، ومنذ أربع سنوات تقريباً بدأ بالانطواء على نفسه، والبكاء دون سبب، كما بدأ باللعب بمفرده، وأحياناً يتحدث مع نفسه أثناء اللعب، ويتخيل وجود أصدقاء معه في البيت لا وجود لهم في الحقيقة، ويخبر أخته بعدم الحضور؛ لأن أصدقاءه يختفون عندما تحضر، كما أنه يرفض الخروج من البيت، وهو متعلق بشدة بأفلام الكارتون الخيالية، وفي إحدى المرات وجدته يلعب في إحدى غرف البيت المظلمة في منتصف الليل.
سؤالي هو: هل ابني يُعاني من مرض ما، أم هي حالة طبيعية، وهل يتطلب الأمر عرضه على الطبيب، وكيف لي أن أساعده؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الصعوبة التي واجهها ابنك فيما يخص الالتحاق بالمدرسة ليس ناتجًا من كرهه للمدرسة، ولكنها ناتجة من تخوفه من الفراق، فراق المنزل وأمان البيت والتواجد مع الوالدة مثلاً، وهذا معروف بقلق الفراق، وكثير من الناس يُخطئ ويعتقد أن الطفل لا يود الذهاب إلى المدرسة أو أنه يكره المدرسة، على العكس تمامًا معظم هؤلاء الأطفال تجدهم أطفالاً جيدين وطيبين ومتميزين، ومقدراتهم العقلية والمعرفية جيدة جدًّا، لكن الإشكالية تأتي في أن الطفل قد يستأثر بنوع خاص من المعاملة الوجدانية التي جعلته لصيقًا لأمان البيت، ومن ثم يصعب عليه قبول البدائل الأخرى، والتي تتمثل في هذه الحالة من الخروج من البيت والذهاب إلى المدرسة.
هذا الابن -حقيقةً- تحول لديه قلق الفراغ إلى نوع من الانطواء والانزواء النفسي كما ذكرت وبدأ يسرح بخياله، ويعرف أن الطفل حتى عمر ست إلى سبع سنوات قد يختلط لديه الواقع بالخيال، لذا تجد الكثير من الأطفال يتحدثون مع أنفسهم أو يخاطبون لعبهم أو شيء من هذا القبيل، وهذا أمر نعتبره عاديًا فيما يتعلق بالمراحل التطورية للأطفال.
هذا الطفل من وجهة نظري يحتاج إلى أن نكسر الجدار الذي وضعه حول نفسه وأصبح يعيش في عالمه الخاص الذي اختلطت فيه الحقائق بالخيال، وأصبح يسرف حقيقة في خيالاته للدرجة التي نعتبرها غير محمودة، وهذا يتأتى من خلال إخراج الطفل من هذا الوضع، أن نضع له برنامجاً يومياً، هذا البرنامج بالطبع يتطلب ذهابه إلى المدرسة، وأن يكون هنالك تواصل مع المدرسة، ولا بد لمرشد الفصل أن يعطيه عنايةً خاصة، أن يكون جالسًا في الصفوف الأولى، أن يشارك في النشاطات المدرسية -خاصة الرياضية- هذا يُساعده كثيرًا ويبني من مهاراته، وعلى نطاق البيت: لا بد أن ندربه أن يهتم اهتمامًا خاصًا بمتعلقاته الشخصية، مثل ملابسه، وترتيب فراشه ومتعلقات المدرسة، هذا مهم جدًّا.
وأيضًا نجعله مُحبًا للقاء مع الأطفال الآخرين، وهذا من خلال تكوين صدقات مع أبناء الجيران أو أقربائكم، أو الطلاب في داخل مدرسته.
لا شك أن ظروف العراق مقدرة جدًّا، والإنسان يكون أكثر توجسًا وخوفًا على أبنائه، لكن حاولوا أن تبحثوا في أقرب وأفضل وسيلة لأن يختلط هذ الابن -حفظه الله- بأقرانه، لأن التفاعل والتواصل الاجتماعي مع الأنداد والرفاق وسيلة مهمة جدًّا لتنشئة الأطفال.
جلوسه لأفلام الكرتون فترات طويلة ليس محببًا، ويجب أن نقلل من مدة جلوسه لهذ الأفلام وتركها، من خلال صرف انتباهه إلى نشاطات أخرى، وحين يجلس لمشاهدة أفلام الكرتون يجب أن يكون مشترطًا، كأن نحدد له وقتًا معينًا، ومن الأفضل أن يجلس معه أحد الكبار، ويشاركه في محتوى الفلم، ويحاول أن يوجه خياله بصورة صحيحة.
الحادثة التي حدثت للطفل وأنه وجد يلعب في إحدى غرف البيت المظلمة في منتصف الليل، هذا جزء من تمكن الخيال، وأصبح هو الذي يتحكم في تصرفاته وفي سلوكه، ولا أعتقد أنها دليل على وجود مرض نفسي معين، أعتقد أنها هي مكون انطوائية الطفل وسرحانه والشرود بخياله في عالمه الصغير الخاص به.
إذا كان بالإمكان عرض ابنك على طبيب نفسي فهذا سوف يكون جيدًا؛ لأن التوجيه والإرشاد النفسي مفيد، وهنالك علاج معين يعرف بالعلاج عن طريق اللعب، هذا يفيد الأطفال كثيرًا في بناء مهاراتهم، ويجعلهم أكثر مقدرة على التعبير عن أنفسهم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.