هل للرهبة التي أعيشها الآن علاقة بالعنف الذي تعرضت له من والدي؟
2012-06-14 08:49:12 | إسلام ويب
السؤال:
أحمد الله أن ساقني إلى هذا الموقع.
مشاكلي كالتالي:
1- أني أحب أن أشارك الناس، وأتفاعل معهم في أمور الحياة العادية، ولكني لا أقدر على ذلك، منذ سنوات طويلة، أصبحت كأني صغير أمام الناس حتى أمام من هو أصغر من، لا أستطيع الكلام معهم، فأختار العزلة، فليس لي علاقة حتى مع أقرب الأقرباء، لكني مشتاق أن أشاركهم وأصلهم...
2- موضوع اللغة، والكلام أصبح عندي صعبا حيث لا أستطيع أن أعبر عن ما في نفسي كما يعبر الناس عموما بسهولة وبانتظام.
3- النسيان الكثير.
4- تلقائيا أقع في التفكير عن شيء ما، ولو كنت بين الناس.
5- إذا تكلم معي أحد في موضوع فبعد أكثر من دقيقتين، أو ثلاثة لا أستطيع أن أركز معه، بل يطير فكري إلى شيء آخر، ولا أسمع إلى من يكلمني وهو يظن أنني سامع له.
6- عندي احمرار على الوجه مستمر منذ أكثر 5 سنوات بعد أن كان أبيض.
7 - أشعر بآلام في أنحاء الجسم، ونحيف لا أزيد، ولا أنقص، يحرجني سؤال الناس لماذا أنت نحيف؟
8- كان الناس في السابق يحبونني كثيرا، ويرشحنوني لبعض الرئاسات، لأنهم ينظرون إلى ظاهري فقط، ولا يعرفون مشاكلي الداخلية، فلما لم أتقن الإدارات الناس تركوني، وأنا أيضا قررت أن لا أترأس الإدارات مع وجود أقوى مني، وليس ذلك مشكلة عندي، لكن الناس عموما ذهبوا عني وتركوني بسبب عدم تفاعلي معهم كما ينبغي.
*كل ما أريده الآن أن أجد قدرة أن أتكلم، أن أتفاعل ، أن أشارك الناس.
أود أن أشير إلى بعض الظروف التي مررت بها في حياتي لعل لها علاقة مع هذه المشاكل:
1- نشأت في بيت لم أجد فيه حنانا، كان والدي عنيفا بكل معنى الكلمة، فكان هناك قهر ورعب طوال الليل والنهار، وطوال سنوات الصغر، وكذا الضرب لأتفه الأسباب حتى أذكر (أعزكم الله) أني كنت أبول خوفا منه، ومن ضربه...(لا أريد أن أتوسع فأنا لا أدعو لوالدي إلا بالخير لآن له فضائل وما ضربني إلا ليؤدبني في اعتقاده، فلله الفضل).
2- كان والدي أكثر عنفا على والدتي من عنفه علي، وأبصرت المسكينة كيف ...وأحيانا نضرب جميعا في آن واحد، بل إن عنفه ضد والدتي كان حتى وأنا موجود في بطن أمي..لا أريد لا أتوسع ( عفا الله عن والدي؛ لأن له جوانب خيرة كثيرة).
3- بعد عمري 12 سنة ألحقني والدي بمدرسة خارج القرية لمدة 6 سنوات كنت أدرس مقيما فيها، واجهت هنا أيضا مشاكل من أهمها: أن زملاء فصلي قرروا أن يهجروني جميعا لخطأ فعلته كما يظنون، ولكني لم أفعله (وهو شكوى عن أحدهم عند المدير) عاقبوني على ذلك بهجري إلى أن تخرجت من المدرسة، فتضايقت من هذا كثيرا كثيرا، فكنت في عزلة عن الزملاء في هذه الفترة.
هل لهذه الظروف التي مررت بها علاقة بمشاكلي الحالية؟ وما العلاج إذا؟ جزاكم الله الجنة.
(أرجو ممن يقرأ هذا أن يدعو لوالدي بالخير فقط؛ لأنه والدي مهما فعل).
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سامح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
أخي ما عددته من أعراض منها الآن هي في الحقيقة دليل على أنك تعاني من قلق اجتماعي هذا القلق أو الخوف الاجتماعي أفقدك الثقة في نفسك والمقدرات لديك متوفرة، وكذلك الكفاءة النفسية، لكن نسبة لضعف تقدير الذات لديك بدأت تجد صعوبة كبيرة جداً في التعامل مع الآخرين، وبدأت تظهر عليك الأعراض الفسيولوجية للرهاب الاجتماعي، والتي تتمثل في الشعور باحمرار الوجه، ولديك مشاعر سلبية كثيرة أنك ليس محطة ثقة الآخرين، وإن الناس قد تنتقدك .
أيها الفاضل الكريم هذه صورة واضحة جداً لخوف اجتماعي بسيط مع أفكار سلبية تلقائية سيطرت عليك، إذا نظرنا إلى الأسباب فليس من الضروري أن تكون هناك أسباب، ربما تكون بعض العوامل قد لعبت دوراً في الإصابة في مثل هذه النوع من القلق الاجتماعي.
أهم عامل أراه هو أن بعض الناس لديهم نوع من الاستعداد الجيني أو الغريزي أو الوراثي لمثل هذه الحالات، وفي ذات الوقت ربما يكون قد مروا بخبرات سلبية سالبة في أثناء الطفولة وهذه قد تكون متعلقة بالتنشئة، أو التعرض لخوف في أثناء الصغر أو هكذا، لا أريدك أبداً أن تنظر إلى عوامل التنشئة التي مررت بها نظرة سلبية، فلا شك أن والدك، وكذلك والدتك لم يريدا بك سوء، إنما هو اختلاف في المنهج التربوي، وهذا شائع جدًا في مجتمعاتنا عموماً الأسباب أو العوامل قد تكون غير موجودة.
ما ذكرنه من عوامل ربما ساهم في هذه الحالة التي تعيشها الآن، وهي ليس بحالة سيئة كل المطلوب منك هو أن تنظر لنفسك نظرة إيجابية صحح مفاهيمك الخاطئة، ولا أعتقد أن الناس ينظرون لك بالسلبية التي تتصورها، وفي ذات الوقت ضع لنفسك برامج يومية تقوم على مبدأ الفاعلية، وغير نمط الحياة، وأهم وسائل لتغيير نمط الحياة هي التواصل الاجتماعي، هذا التواصل يكون في نطاق محصور في بداية الأمر في محيط العمل، والجيران، والتفاعل مع المصلين حين تؤدي الصلاة، زيارة الأرحام، الانخراط في أي نشاط ثقافي، أو اجتماعي، ممارسة رياضة جماعية وعلى الأقل برامج مشي يومية، أو كل يومين مع أحد الأصدقاء، وهكذا، وهذه مداخل جيدة للتفاعل الاجتماعي، وأنا أؤكد لك أن الآخرين لا ينظرون لك سلبياً.
ما تلاحظه من احمرار في الوجه، وخلافه هذه تفاعلات فسيولوجية بسيطة تحدث للناس، من المهم جداً أخي الكريم أن تكون لك مقدرة جيدة لإدارة الوقت، الإنسان إذا أدار وقته بصورة صحيحة، ولم يدع مجالاً للفراغ يستطيع أن يغير حياته كلها بصورة إيجابية جدا.
إذا تمكنت من مقابلة أحد الأطباء النفسيين، فهذا جيد، وإن شاء الله فيه خير، وإن لم تتمكن أعتقد أن تناولك لأحد الأدوية المضادة للمخاوف، والقلق والمحسنة للمزاج سوف يكون ذا فائدة وجدوى في حالتك، وأفضل هذه الأدوية عقار يعرف باسم لسترال، واسمه العلمي سيرتللين، ويسمى تجارياً باسم زولفت، وهو لا يحتاج إلى وصفة طبية، الجرعة المطلوبة في حالتك هي صغيرة، وهي نصف حبة أي ( 25) مليجرام يتم تناولها ليلاً لمدة أسبوعين بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء هو دواء سليم، والجرعة التي وصفنها لك صغيرة جداً، طبعاً لكل دواء آثاره الجانبية – السيرتللين ربما يزيد درجة الاسترخاء والنوم لديك قليلاً في الأيام الأولى للعلاج، أيضا ربما تتحسن شهيتك للأكل بعض الشيء، وبعض الناس قد يزداد الوزن لديهم لكنه ازدياد قليل، وقد يحدث لك أيضا تأخر في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، لكن قطعاً الدواء لا يؤثر على هرمون الذكورة لدى الرجال.
أسأل الله لك العافية والشفاء التوفيق والسداد.