أفكر أثناء الكلام مع الناس وأفقد القدرة على التركيز ..فأرشدوني
2012-05-02 08:21:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سأحاول إن شاء الله أن أوجز كثيراً فى عرض مشكلتي.
كنت حتى سنة أول ثانوي سليماً، إلى أن ابتدأت وحدتي في السنة التي تليها، وابتدأت معها مشاكلي النفسية، فقد كنت في الثاني ثانوي لا أحب إلا الكلام في الدين والسياسة فقط، لذلك كنت أجلس صامتاً طوال الوقت، ولا أتكلم إلا في هذين الموضوعين، وحينما دخلت ثالث ثانوي أصبحت لا أستطيع أن أصاحب أحداً، فتركت الكلام في الدين والسياسة كي أستطيع أن أصاحب الناس، ولكنني لم أستطع، ومن بعد ذلك اكتشفت أني أصبحت مريضاً نفسياً.
حالتي الآن:
- عندما أرى أحداً يتكلم أحاول أن أركز في كلامه، وأنتبه معه مثلما نفعل في الصلاة، وفقدت القدرة على التركيز.
- عندما أتكلم مع أحد أفكر في مواضيع وأنا أتكلم في نفس الوقت، مما جعلني أتعثر في الكلام وأتتعتع في كلامي، وأجد صعوبة في الكلام.
- أشعر أنني عندما أتكلم مع أحد لا أتكلم معه بقلبي، وإنما أتكلم معه بكلام أتذكره من دماغي وليس كلاماً من عندي أنا، بمعنى أني أرد عليه بشيء من ذاكرتي.
- رأسي يؤلمني، وأشعر بحرقة في آخر رأسي وعلى جانب رأسي، ومكان الحرقان أجد شعري يقف كأن به كهرباء (لكن الحمد لله ذهب مني هذا الشيء منذ حوالى أسبوع).
- أركز في بعض الأشياء، أي أني أصنع من موضوع صغير موضوعاً كبيراً في رأسي، وأحضر أشياء تافهة ليس لها قيمة فى الكلام.
- من كثرة الحزن أجد دمامل تظهر في جسدي وكأنني ألسع بالنار.
مر حوالي سنة ونصف وأنا على هذا، وأحمد ربي على هذا، وأسأل الله أن يصبرني مثل أختي.
أما أختي، فهي لم تقل بأنها مريضة نفسياً، ولكني لاحظت عليه هذا، فأسمعها عندما تصلي تبكي بشدة، وتدعو الله أن يشفيها مما هي فيه، ولاحظت عليها الآتي:
دائماً مكتئبة، وإذا كلمها أحد أحياناً لا ترد عليه، وتذهب إلى الصلاة، وعندما تتكلم تتعتع في الكلام أحياناً، وكلامها أحيانا ناقص، وأحياناً أسمعها تقول: إنها لا تطيق سماع صوتنا، هذا ما أعرفه عن أختى -أسأل الله أن يشفيها ويشفيني-.
عندنا في البيت الكمبيوتر، وهو صديق كل واحد فينا.
نسيت أن أقول: إنني ذهبت لدكتور نفسي، وقال: إن عندي توتراً شديداً واكتئاباً ووسواساً قهرياً، وكتب لي سيجمادون وفيلوزاك، إلا أنني لم أشعر بأي تحسن على الإطلاق، بل زاد اكتئابي 100 مرة، ثم ذهبت إليه مرةً أخرى، وكتب لي اربيبركس وديوروزاك، ولم أجربهم؛ لأنني أشعر أنه يستغلني مادياً.
أحياناً يشفيني الله تماماً 100% ولكن الشفاء يدوم لدقيقة أو لدقيقتين، وعندما أقول لنفسي إنني شفيت أرجع مرة أخرى إلى مرضي! وعندما أشعر بالشفاء فليس معنى ذلك أني أتوهم وإنما أشفى شفاءً حقيقياً، لكن لا يدوم سوى دقيقتين.
كنت أستعمل زولام (منوم) وكنت أشعر بتحسن كبير، إلا أنني خفت من التعود وتركته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حميد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد وصلتنا منذ مدة ليست بالبعيدة استشارة مماثلة لدرجة كبيرة لما ورد في استشارتك هذه، وأنت أوضحت حالتك بتفصيل جيد، والتشخيص النفسي يمكن أن يختلف من طبيب إلى آخر، وبعض الحالات تحتاج لاستقصاء دقيق، واللجوء إلى معايير تشخيصية تتطلب جهداً متواصلاً من جانب المعالج ليجمع أكبر كمية ممكنة من المعلومات، ولا بد أن تكون لديه ملاحظاته، وربما يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات، والتي تسمى بالفحوصات النفسية والإكلينيكية والسريرية، وبعض الأحيان تُجرى أيضًا فحوصات مختبرية.
أنا أقدر جدًّا ما قاله لك الطبيب من أنك تعاني من توتر شديد واكتئاب ووسواس قهري، وحقيقةً من جانبي أقول:
لم ألحظ اكتئاباً حقيقياً، ربما يكون هنالك شيء من عسر المزاج، لكن القلق الوسواسي لديك وعسر المزاج قد يكون عرضًا ثانويًا جدًّا كإفراز لقلق الوسواس. هذه ليست تشخيصات متعددة، هذا تشخيص واحد لكن له مكونات وجزئيات معروفة لدى المختصين.
العلاج يتمثل في:
أن تثق في مقدراتك، وأن تركز على أهداف حياتية، وبالطبع التميز الدراسي يجب أن يكون هو مقصدك في هذه المرحلة، والإنسان يستطيع أن ينجز الكثير إذا نظم وقته وتجاهل سلبياته، والوساوس يتم التعامل معها من خلال التحقير والتجاهل، أما القلق فيعالج من خلال الاسترخاء، والتعبير عن الذات وعدم الاحتقان، والترويح والترفيه عن النفس بما هو مباح ومتاح، وأن يكون التفكير تفكيرًا إيجابيًا، ووجود القدوة والنماذج الطيبة كالرفاق الصالحين، هذا أيضًا مطلوب ومهم جدًّا.
الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، والدعاء والذكر، مكونات أساسية جدًّا للتخفيف من وطأة القلق أو إزالته وكذلك تحسين المزاج.
هذه هي الأسس العلاجية بالنسبة لما تعاني منه، وإن كان هنالك توتراً شديداً وعدم ارتياح تام فهنا لا مانع أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والتوتر والوساوس والمحسنة للمزاج، مثل عقار ديروزاك الذي وصفه لك الطبيب ، وهو دواء جيد، لكن بعض الأدوية قد لا توافق جميع الناس، كما أن الدواء يتطلب الصبر على استعماله، وأن تكون جرعته صحيحة.
إذاً: إذا رجعت لطبيبك فهذا قرار سليم وجيد، وأعتقد أنه يمكن أن تعرض عليه حالة أختك أيضًا ليقوم بمعاينتها، ومن ثم يضع الخطة العلاجية التي تناسبها.
إن لم تستطع أن تذهب إلى الطبيب فأعتقد أن دواء مثل مودابكس – موجود في مصر – سيكون مناسباً، وهو دواء بسيط وجيد جدًّا وسليم، يمكن أن تتناوله بجرعة نصف حبة – خمسة وعشرون مليجرامًا – ليلاً، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، وبعد شهر اجعلها حبتين في اليوم، يمكن تناولها كجرعة واحدة في المساء، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، ومدة العلاج هي ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
المودابكس دواء سليم جدًّا وفاعل جدًّا، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة بسيطة.
كما ذكرت لك: توجد أدوية كثيرة أخرى، وإن شاء الله تعالى بتطبيقك لما ذكرناه من استرشاد وتناول الدواء الذي وصفناه أو أي دواء مشابه سوف يتحسن مزاجك وينتهي القلق والتوتر والوساوس، وهذا سوف يحسن كثيرًا من طاقاتك النفسية والجسدية ومقدرتك على التركيز والتواصل الاجتماعي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.