هل يجوز أن أخذ من مال أبي الذي لا ينفق علينا رُغم غناه؟
2012-04-10 08:23:22 | إسلام ويب
السؤال:
أنا وعائلتي المكونة من 4 بنات و 3 أولاد وأمي، نعاني من أبي من عدة نواح، منها أن أسلوبه معنا سيء جداً، حيث -أقسم بالله- أنه يعامل حيواناته أفضل من معاملته لنا ويهتم بطعامها أكثر منا, وغير ذلك أنه لا يصرف علينا، علما بأن مدخوله السنوي بدون معاش تقاعده لا يقل عن 50 ألف ريال.
وحينما نطلب منه المال يحلف بأنه لا يملك شيئاً، علما بأنني بأم عيني رأيت أوراق كشف أرصدة وغير ذلك، مما يدل على أن لديه القدرة المادية على أن يصرف علينا, وغير ذلك أنه يجعل أخي الأكبر الذي يشتغل في شركة حج وعمرة يسدد عنه بعض الفواتير ويشتري طعام المنزل، وراتبه لا يزيد عن 2500 ريال، وفوق ذلك يعطي والدي شهريا 1000 ريال من أجل دين يسدده.
أريد أن أسأل هل يجوز أن أخذ من ماله بدون علمه؟ أو هل أستعمل بطاقته الائتمانية التي يخبأها عنا؟ علما بأننا حاولنا معه بشتى الطرق، حتى أننا جعلنا بعض الناس تتدخل في الموضوع، ولكن لا فائدة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، وجمعنا بكم في الفردوس الأعلى.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ iris حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يهدي والدك للقيام بما أوجب الله عز وجل عليه، ونصيحتنا لك ولإخوانك أن تستمروا في بر الأب والإحسان إليه، فإن الإحسان كفيل بإذن الله تعالى بأن يغير النفوس، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه بأن الكلمة الطيبة تقلب العدو صديقًا، فكيف بالوالد الذي أنتم بضعة منه وفلذات كبده، فلا تيأسوا أبدًا من تغير أحواله، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
استعملوا الرفق واللين في التودد إليه والتحبب إليه، وتذكيره بعظيم الأجر والمثوبة فيما ينفقه على أبنائه وزوجته، وأن ذلك مهما كثر فإن الله عز وجل يُخلفه عليه بأعظم من ذلك وأكثر، وأن كل ما يُنفقه مكتوب له مدخر له ثوابه عند الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد - رضي الله عنه - : (إنك لن تُنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها، حتى ما تجعله في فِيِّ امرأتك).
وبهذا النوع من الكلام نحن نتوقع -أيتها الكريمة- أن الأب سيغير مواقفه، ويستحسن مع ذلك الاستعانة ببعض من له كلمة مسموعة ومؤثرة عليه. وعلى فرض أنه لم يستجب لكل هذه الوسائل في التأثير عليه وكان فعلاً كما وصفت يمتنع تمامًا من الإنفاق عليك وعلى إخوانك، الذين لا يقدرون على الكسب، وعلى أمك وهي زوجته، ففي هذه الحالة يرى كثير من العلماء أنه يجوز أن تأخذوا من ماله بقدر النفقة، ولو لم يعلم بذلك، كما أذن النبي - صلى الله عليه وسلم – لهند - رضي الله تعالى عنها – أن تأخذ من مال أبي سفيان لما اشتكت إليه شحه وبخله في الإنفاق عليها.
ولكن مع هذا نحن نحذر أيتها البنت العزيزة من أن يجعل الشيطان هذا بابًا لكم في الاعتداء على مال أبيكم بغير حق، فإن ماله حرام عليكم إلا فيما وجب من الإنفاق، وهذا الإنفاق لا يكون إلا على الصغار من أبنائه الذين ليس لهم مال، أو على الكبار الذين لا يقدرون على الكسب لمرض أو لجنون أو نحو ذلك، وكذلك البنات اللاتي لا يقدرن على الكسب، فإن هؤلاء نفقتهم على أبيهم، وهذه النفقة بالمعروف، أي بالقدر الذي يتعارف عليه الناس، في هذه الحدود لكم أن تأخذوا النفقة.
فنوصيكم بأنكم إذا اضطررتم لهذا الأسلوب أن تتحروا الورع وتأخذوا ما لا بد لكم منه، وتتجنبوا الوقوع في أخذ مال الأب بغير حق، فإن مال المسلم على المسلم حرام كما وردت بذلك النصوص الكثيرة.
نسأل الله تعالى أن يقدر لكم الخير حيث كان.