تزوجت برجل لم يعدل بيني وبين زوجته، فأرشدوني
2012-03-06 09:30:35 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سيدي الشيخ الفاضل: مشكلتي تتلخص في كوني تزوجت برجل غير عادل, فأنا الزوجة الثانية, وقد وعدني قبل الزواج بأن يعدل بيني وبين زوجته, وبعد مدة تزوجني دون أن تعلم زوجته الأولى بهذا الزواج, وعندما علمت عوضًا أن يجعلها أمام الأمر الواقع, هجرني مدة كي يرضيها, علمًا أني كنت حاملًا في تلك الفترة.
وقد تعذبت كثيرًا وتحملت؛ لأني لم أكن أريد الطلاق, ولكنه زاد تجبرًا وعنادًا هو وزوجته, أنجبت ابنتي, وبعد الولادة بأشهر طلقني كي يرضي الزوجة الأولى التي اشترطت عليه هذا الشرط, وقبل انتهاء العدة أعادني لذمته وشرط عليّ مرة أخرى ألّا يعدل, وأن لا تعلم زوجته بالأمر لأنها حامل الآن, ولأنها مريضة بالضغط والسكري.
بعثت لها رسالة أذكرها أن التعدد حلال, وأن تتقي الله, وترضى بالقضاء والقدر, فأجابتني بكل استهتار أن أتركها وشأنها وألتهي بثمرتي, وكانت تقصد ابنتي, للأسف زوجي يخاف منها, وعليها؛ لأنها دائمة التظاهر بالمرض عندما يتعلق الأمر بي, ولا يخاف أن يأتي مائلًا أمام الله, ولكن هل هذا هو الحل؟ فقد ضاعت حياتي بسبب امرأة لا تخاف الله, حسودة, ومصرة على دماري, وبسبب تحيز زوجي للظلم, وبسبب ضعفي!!
في بعض المرات أجدني أدعو عليه وعليها في جوف الليل, ومرات أسامح, أرجو أن تساعدني -يا شيخ- بالنصيحة, وأنا أطمع بأكثر من ذلك, فأتمنى لو تتدخل وتنصح زوجي وزوجته, إن لم تمانع فسأبعث لك بأرقامهم عسى أن يجعل الله لنا خيرًا, والسلام.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ KHADIJA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نحن نتفهم - أيتها العزيزة - ما تعانينه بسبب عدم مساواة زوجك بينك وبين ضرتك، ولكن هناك حقائق - أيتها الأخت - ينبغي أن تكوني متفهمة لها حتى توقفي عن نفسك هذا الألم، وحتى تعيني نفسك في الخروج من هذه المآزق وحتى تحافظي فيها بقدر الاستطاعة على بعض مصالحك, وإن لم تتوفر جميع المصالح، فهذا شأن العقلاء عمومًا, وشريعتنا جاءت بمثل هذه الحقوق أيضًا، فإن لم نتمكن من جلب جميع المصالح التي نتمناها ونريدها؛ فلا أقل من أن نحافظ على ما نقدر عليه منها، وإذا لم نتمكن من دفع كل المفاسد فلا أقل من أن ندفع الكبار منها.
الحياة الزوجية في ظل التعدد لا تخلو أبدًا من مشكلات, وأحيانًا تكون مشكلات كبيرة -أيتها الأخت- فإن الغيرة بين النساء أمر رُكز في الفطر، فالمرأة تغار سواء كانت صالحة, أو غير صالحة، ولكن النساء يتفاوتن بالعمل بمقتضى هذه الغيرة، والمسلمة يجب عليها أن تقف عند حدود الله تعالى، فلا يجوز لها أن تتجاوز ما حدّه الله تعالى.
ومن هذه التجاوزات الكبيرة: كون المرأة تسأل زوجها وتطالبه أن يطلق ضرتها، وهذا بلا شك مع كونه معصية لله تعالى هو اعتداء على ضرتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره: (لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإن لها ما قُدِّر لها).
قال العلماء في هذا الحديث أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به, وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل) ظاهر في تحريم ذلك كما يقول العلماء.
فهذه المرأة وقعت فيما حرم الله تعالى عليها بسؤالها زوجها أن يطلقك، ولكن نصيحتنا لك -أيتها الأخت- أن تقابلي هذه الإساءة بالإحسان، وكوني على ثقة بأن الله عز وجل سيتولى عونك ونصرك, وسيخفف عنك آلامك النفسية بحرصك على مقابلة إساءة الناس بالإحسان إليهم.
فنصيحتنا لك أن لا تشتغلي بالدعاء على هذه المرأة, أو على زوجك، فخير من ذلك أن تشتغلي بالدعاء لهما بأن يجنبهما الله عز وجل شرور أنفسهما، ويلهمهما العمل بالخير لأنفسهما وللآخرين، فهذا الدعاء إن استُجيب فهو أنفع بإذن الله تعالى.
أما فيما يخصك أنت مع زوجك، فنصيحتنا لك – وهي نصيحة من يحب لك الخير, ويتمنى لك السعادة – أن تحاولي الصلح مع زوجك بقدر الاستطاعة, ولو بالتغاضي عن بعض حقوقك، فهذه نصيحة الله تعالى في كتابه للمرأة إذا خافت من زوجها الإعراض عنها والنشوز، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} فخير من الفراق أن تتنازلي أنت عن بعض حقوقك سواء في المبيت, أو في غير ذلك من الحقوق التي تستطيعين التنازل عنها؛ لتبقي في ذمة زوجك فتحافظي بذلك على أسرتك, وعلى تربية بنتك في ظل الأسرة المتماسكة، فهذا خير من الفراق.
وإذا نصحت زوجك بهذه النصيحة وأخبرته بهذا فإنه هو الحل الأمثل عوضًا عن الطلاق، فإن هذا الشيخ الذي أفتاه ربما أراد منه أن يخلصه من الوقوع في ظلمك أنت، فإن الظلم يكون مع الإمساك، أما إذا طلقك فإنه سيتخلص من عواقب الظلم، لكنك إذا تراضيت مع زوجك على ما تصلان إليه من الحلول بإسقاط بعض الحقوق للحفاظ على باقي الحقوق الأخرى فهذا خير من الفراق، ونسأل الله تعالى أن يؤلف بينك وبين زوجك وبين هذه المرأة.
ووصيتنا لك أن تجتهدي أنت في الإحسان إلى زوجك, واستمالة قلبه بحسن التبعل له, والصبر على ما يصل إليك من أذىً، ومحاولة إعانته على الخروج من الضغط الذي قد يكون عليه بسبب زوجته الأخرى، وخير من يعينك على تحقيق مقاصدك هو الله عز وجل الذي بيده قلوب العباد يقلبها كيف يشاء، فحسّني علاقتك بربك, والجئي إليه بصدق واضطرار، وأكثري من ذكره واستغفاره، وأكثري من دعائه لاسيما في الأوقات التي تُرجى أو يشتد فيها رجاء الإجابة، وستجدين أثر ذلك في حياتك سكينة وطمأنينة.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.