السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا فتاة جامعية متفوقة دراسياً، من أسرة متدينة متفتحة جداً ومحافظة، وأعاني منذ طفولتي من عدم الثقة بالنفس، وشعور دائم بالنقص، وأن كل من حولي هم أفضل مني، وأني لا أستحق الحب أو الإعجاب أو السعادة، ولا أعلم سبباً لذلك، ولا أتذكر أن هناك أي شيء قد حدث لي في صغري، ولكني عندما كنت صغيرة لم تكن أمي - التي أحبها كثيراً - تزرع في داخلي الثقة بنفسي، بل كانت عن طريق الخطأ تشعرني بأني أقل ممن حولي، أو تحاول أن تجاملهم على حسابي، فلم أشعر أبداً بأن هناك ما يميزني، بينما كانت أمي تمدح أصحابي كثيراً وتنبهر بهم.
كما أن والدي كان يخاف علينا كثيراً، ويرفض خروجنا من البيت، وزيارة الناس، فنشأت مع إخوتي ولدينا ضعف شديد في القدرة على مواجهة الناس، ونشأنا على الخوف منهم، والرهبة من أي موقف اجتماعي، وهو ما أثر كثيراً على شخصيتي، وحاولت أن أواجه كل هذا عندما التحقت بالجامعة، وقررت أن أغير من نفسي، وتعبت كثيراً، وأقحمت نفسي في مواقف كثيرة حتى اكتسبت بعض الثقة على الأقل أمام الناس، وصرت أستطيع التأقلم معهم، ولكن رغماً عني لأني لم أستطع أن أعيش مسلوبة الإرادة وخائفة، واستطعت تكوين العديد من الصداقات، واختلقت لنفسي شخصية غير حقيقتي، شخصية مرحة متكلمة فيها كل الصفات التي يحبها الناس، وكأني أرتدي قناعاً ليس لي.
ومشكلتي هي أنني نجحت في إرضاء من حولي، ولكني خسرت نفسي، ولم أعد أشعر أن لي هوية، وإنما فقط أجيد التمثيل، وصارت الحياة بالنسبة لي تساوي رأي الناس في، حيث لو واجهت انتقاداً من أحد، أو شعور بأني لست مرغوبة، فإن معنى ذلك نهاية العالم بالنسبة لي، وأن هذا الشخص يكرهني وكل الناس يكرهونني، فأصاب باكتئاب حاد، وشعور بالإحباط، وأكره نفسي كثيراً.
وأعيش دائماً في دوامة من التفكير في الكلمات والتصرفات والانتقادات التي تحدث في المواقف الاجتماعية التي أحاول تجنبها قدر الإمكان، ولكن المشكلة الكبرى التي تؤرقني الآن أنني خطبت لشخص رائع أحبه حباً شديداً، ورغم أنه يحاول بكل الطرق أن يظهر لي حبه واهتمامه في إطار الشرع إلا أنني لا أستطيع تصديق أنه يحبني، ودائماً أبكي لأن هناك شيئاً بداخلي يقول لي أنني لا أستحق هذا الإنسان، وأنه سيأتي اليوم الذي يمل مني ويتركني، وأفسر كل تقصير منه على أنه قد كرهني، وكل تصرف منه أحاول تفسيره على أنه قد ندم ويتمنى لو يتركني ولكنه محرج، وفي النهاية أكتشف أنه لم يكن يقصد أي شيء، فماذا يمكنني أن أفعل؟!
علماً بأني لا ينقصني شيء على الإطلاق ولله الحمد، ولكنه شعور بالنقص مترسخ في ذهني، وأتمنى لو أقضي لحظة واحدة في سعادة وراحة بال، ولا أفكر في أي شيء، ولكني أعيش في عالم من أحلام اليقظة لا أكاد أفيق منه، وأشعر فيه بمتعة كبيرة، وأتعجب من تخيلاتي في أحلام اليقظة، حيث أعيش دور الضحية المظلومة أو المريضة، وأن هناك من يعذبني، وأحياناً من يشفق علي أو يخاف علي، وفي الواقع أكره وأرفض تماماً كل ما أتخيله في أحلام اليقظة، فما تفسير ذلك؟!
أفيدوني وجزاكم الله خيراً.