السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أريد أن أسأل عن سؤال يحيرني، ويتعلق بالشلل النفسي، وهو مرض الرهاب الاجتماعي الذي أحببت أن اسميه بهذا الاسم لأنه بالفعل شبيهٌ بالشلل؛ لأن الشخص المصاب به يكون معاقاً إعاقة نفسية، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً بسبب هذا المرض، والإعاقة الجسدية أرحم بكثير من هذا الداء.
ولقد قدر الله أن أكون أحد المصابين بهذا المرض، هذا بالإضافة إلى الوسواس القهري، ولكن هذا -ولله الحمد- تأقلمت معه كثيراً (ترتيب، نظافة، اهتمام زائد) أمور بسيطة يتأقلم عليها الإنسان وتصبح جزءاً منه، فهي ليست بالمشكلة الكبيرة حين نقارنها بمرض الرهاب الاجتماعي.
وأنا أعاني من الوسواس القهري منذ 10 سنوات تقريباً، ولكن -ولله الحمد- الأمور في تحسن -إن شاء الله-، ولكن مرض الرهاب أُصبت به منذ 8 سنوات، وهو الذي قصم ظهري، وأسأل الله أن يعافيني منه.
أنا لا أريد أن أتطرق إلى مسألة العلاج لأن من يريد العلاج عليه أن يتوجه إلى العيادة النفسية، وألا يهمل نفسه، ويطلب العلاج وهو جالس على كرسي يريد أن ينزل عليه الشفاء؛ لأن هذا مستحيل.
سؤالي: هل الوالدان لهما علاقة بما أعانيه من الرهاب الاجتماعي أو ما يعانيه غيري؟ وأرجوكم عدم الانحياز إلى الوالدين، فلا أحد يكره والديه مهما كانت الأسباب، ونحن نعلم أهمية الوالدين، والله -عز وجل- قد أولى الوالدين أهمية خاصة سواء في حياتهما أو بعد مماتهما، وأوجب حقهما، لذلك نحن نحترم الوالدين، وأنا أقول هذا الكلام لأن هناك بعض الاستشاريين النفسيين لا يجاوبون بطريقة علميه خوفاً من أن يؤلبوا الأبناء على الآباء، ويتسببوا في كره الأبناء لآبائهم، فنحن نعلم أن جميع الدراسات والنظريات تؤكد أن للوالدين سبباً مباشراً فيما يعانيه الأبناء من الرهاب الاجتماعي، يعني شخص كبير قارب على الزواج ويتجنب الذهاب إلى المناسبات أو إلى الأماكن العامة وهو لا يعلم ما هو الذي يدفعه إلى الخوف، الخوف من ماذا، منهم؟ هم بشر مثلك لا يأكلون، وهو مسكين يعاني ويموت باليوم مائة مرة.
هذا بالطبع سلوك اكتسبه الشخص منذ الطفولة، ولا أحد يستطيع أن ينكر هذا، وخصوصاً عندما لا يكون هناك أي أسباب جينية وراثية في الأسرة، ويتأكد هذا الشيء أكثر عندما يكون هذا الأب معروفاً بقسوته حتى بين أسرته وجماعته، فهو كان يضرب لأتفه الأسباب حتى لمجرد أن الابن أخطأ في صب الشاي للضيوف وسكب الشاي على الأرض فيضرب، وكذلك يُضرب أمام أقربائه، أليست كل هذه أسباب قوية تعزز من ظهور مرض الرهاب في الابن.
كيف نزل هذا المرض على الابن، أنزل عليه من السماء؟ بالطبع لا، لأننا نحن نعلم أن لكل شيء سبباً، وأذكر أني قرأت في كتاب له علاقة بالصحة النفسية قاعدة تقول: (Nothing comes from nothing)، أي لا شيء يأتي من لا شيء.
أنا أتكلم عن سلوك مكتسب كالخوف ولا أتكلم عن وسواس قهري أو فصام أو أمراض أخرى؛ لأن هذه الأخيرة قد أشارت الدراسات إلى أنها قد تكون نتيجة عوامل بيولوجية.
كما أني أعلم علم اليقين أنه حتى عندما يعرف مريض الرهاب أن لوالديه -وخصوصاً الأب- علاقة بمرضه فهذا لن يحل المشكلة بل يزيدها تعقيداً لأنه حتى مع مرارة الألم النفسي والمعاناة النفسية التي يعاني منها المريض وتذكر طفولته الصعبة، وأن أباه كان يضربه ويحقره فهذا لن يغير شيئاً مما حدث، ويجب أن يمضي ويستمر في طريقه وينسى الماضي بكل آلامه إذا أراد فعلاً أن يتخلص من مرضه.
أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم، وأنتظر ردكم بخصوص هذا، وأتمنى أن يكون رأيكم علمياً، فوالله إني أثق فيكم وفي موقعكم.
جزاكم الله خيراً على جهودكم.