الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يتوب ويتحلل من أخطأ في حق والدته دون قصد؟

السؤال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

عندي تساؤل حول صديق لي، هو شاب متدين، بار بوالديه، قال لي: إنه حضر شجارًا بين أخيه وشخص آخر، لكن أثناء تفريقهما والحيلولة دون ذلك استعصيا عليه، ولم يولياه اهتمامًا، فغضب غضبًا شديدًا، فقام بسبهما وقذفهما عن طريق (الأم).

هو الآن منزعج حتى إنه مرض، وفُطر قلبه، ويشعر بمرارة وفظاعة ما فعل، وندم ندمًا شديدًا. فهل هذا يسمى عقوقًا لوالدته؟ وماذا عليه أن يفعل لكي يتوب توبة نصوحًا؟ هل عليه أن يتحلل من أمه على ما فعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، وحرصك على منفعة صديقك وصاحبك، ونسأل الله أن يتوب علينا وعلى صديقك، وأن يوفقنا للخيرات.

لا شك أن هذا الصديق الطيب الصالح وقع فريسة لغضبه، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوصي بعدم الغضب، فقد صح في البخاري أن رجلاً جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: (أوصني يا رسول الله، قال: لا تغضب، فكرر عليه الطلب ثلاث مرات، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في كل مرة يقول: لا تغضب).

والمعنى: لا تتخذ أو لا تتعاطى الأسباب التي تؤدي بك إلى الغضب، وإذا غضبت لا تسمح للغضب بأن يسيطر عليك، ويحكم تصرفاتك، فينبغي للإنسان المسلم أن يكون على بصيرة من هذه الأمور، يتجنب الأسباب التي تؤدي به للغضب، وإذا حدث لديه الغضب يتخذ الأسباب التي تدفع عنه هذا الغضب، مثل الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والوضوء، وتغيير الهيئة والمكان، ونحو ذلك.

وعلى كل حال، فإن ما وقع فيه بلا شك إساءة ومعصية حين سب أم الرجل، وأولى وأعظم بالجرم والإثم أن يسب أمه، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (لعن الله من لعن والديه)، ونهى عن أن يسب الرجل أباه وأمه، بأن يتعرض لذلك بسب الآخرين فيسبون أباه وأمه، والنصوص في هذا كثيرة، وهو مما لا شك فيه أنه من العقوق؛ لأن السب إيذاء، وقد نهى الله تعالى عن إيذاء الوالدين بكلمة أف، فكيف بما هو فوقها.

ولكن إذا وقع الإنسان في هذا الذنب، فالواجب عليه أن يتوب، والتوبة هي محو الله تعالى بها الذنب مهما كبر، فقد قال -سبحانه وتعالى-: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم)، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فالتوبة تمحو الذنب، فعليه أن يتوب، بأن يندم على فعله ذلك، ويعزم على عدم الوقوع فيه في المستقبل، مع الإقلاع عنه.

ونرى أنه لا ينبغي أن يخبر أمه بما فعل؛ لأن هذا لن يزيد الأمر إلا سوءًا، ولن يزيدها إلا إساءة، فينبغي أن يكثر من الدعاء لأمه ولوالديه عمومًا، ويحسن إلى أمه، ولا حاجة لأن يخبرها بأنه سبها؛ لأن هذا الإخبار تترتب عليه مفسدة، ولا يرجى منه مصلحة.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً