الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتألم للآخرين لدرجة البكاء، فكيف أتخلص من هذه الحساسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع الرائع، حقًا لقد انتفعت به كثيرًا، بارك الله فيكم.

أريد أن أستشير حضراتكم عن مشكلة أرهقتني في حياتي، أنا إنسانة حساسة بعض الشيء، أتألم لآلام الآخرين جدًا، وإذا شكى لي أحدهم أشعر أني أعيش هذه المشكلة مع هذا الشخص، وأحاول حلها بكل ما في وسعي.

كما أني أتأثر بأقل مجهود، فمثلًا: كانت أختي تحكي لي عن صديقة لها، مرت بموقف صعب في المدرسة، وفُضحت بين أصدقائها، فبكيت، وشعرت بضيق في صدري، وحزنت كثيرًا لهذه الفتاة، وإذا شاهدت مقطعًا حزينًا أو مؤثرًا في فيلم، أو حتى كرتون، تدمع عيناي.

أعطيكم هذه الأمثلة لتوضيح الوضع، وأريد التخلص من هذه الحساسية الزائدة؛ لأكون امرأة قوية مثل الصحابيات، لا أمانع من نفع الناس والتأثر معهم بقلبي، لكن أقول لنفسي دائمًا: لا داعي للبكاء، أنا لست طفلة! أريد أن أنفع هذه الأمة، لكني أشعر أن هذا عائق أمامي في بعض الأحيان.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماريا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، ودعاءك للقائمين على هذا الموقع، داعين الله تعالى بالقبول منا جميعًا.

أختي الفاضلة: كم من الجميل أن تكون عند الإنسان القدرة على التفاعل مع الآخرين، وما يُعرف بالقدرة على التعاطف، فهذا أمر طيب أمرنا به الإسلام، وهذا واضح أنه موجود عندك -ولله الحمد-، حيث إنك تشاركين الناس آلامهم، وربما أفراحهم أيضًا.

ولكن ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، ولعلك تعانين من زيادة الحساسية هذه التي أسميتها، وفي التعاطف مع الآخرين! ولكن -أختي الفاضلة- دعيني أذكر لك أنه من خلال العلوم النفسية هذه صفة حسنة عند الإنسان، تدل على أنه قادر على النجاح في حياته، وفي التعامل مع الآخرين، سواء كان إنسانًا عاديًا، أو زوجة، أو أمًا، أو زميلة في العمل، فهذا كله أمر طيب.

الأمر الثاني أختي الفاضلة: البكاء لا يعني الضعف، فأحيانًا يمر بالإنسان موقف، سواء كان في الواقع أو في مشهد سينمائي أو غيره، يتفاعل معه الإنسان لا إراديًا، فتسيل بعض دموعه، جميل أنك تريدين أن تكوني قوية مثل الصحابيات -إن شاء الله تعالى-، ولكن هذا لا يعني أن الصحابيات ما كن يبكين، فلا شك أنهن أيضًا مررن بمواقف تبكي الحجر، فكيف لا تبكي الإنسان.

لذلك أولًا: أرجو منك أن تعيدي النظر، فليس كل بكاء ضعفاً أو عدم جدية، أو غيرها من الأفكار السلبية؛ فبعض البكاء يسمى البكاء الجيد، حيث إنه يساعد على تفريغ العواطف والمشاعر المكبوتة، هذا بالإضافة إلى تنظيف العيون.

ثانيًا: إذا كنت منزعجة من هذا، فخففي من متابعتك للأمور المحزنة المؤثرة، فكثير من الناس ممن يتأثرون بشدة من بعض المقاطع المؤلمة على وسائل التواصل الاجتماعي، يحاولون تجنبها، -وأنا منهم- أحيانًا تأتيني مقاطع، أحاول أن لا أشاهدها؛ لأنها مزعجة، ومؤلمة جدًا.

أدعو الله تعالى لك -أختي الفاضلة- أن ينزل على قلبك الطمأنينة والسكينة، وأن يوصلك إلى ما تريدين من الاتزان النفسي، بالقدر الذي تحبينه، داعيًا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً