الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مترددة في إكمال الزواج بسبب صفات لم تعجبني في الزوج.. انصحوني

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة، عمري 22 سنة، وقد أنهيت دراستي الجامعية بمعدل امتياز، ودائماً لا أرضى إلا أن أكون في القمة، تقدم لخطبتي شاب بعمر 27 سنة، وهو قريب لأهل زوج عمتي، من أول مرة جلست معه عرفت أنه ليس لديه طموح، وأصابني التردد! لكن أهلي أخبروني أنه بعد الزواج يمكن أن يتغير ويفكر في شراء بيت، والعمل بوظيفة أخرى، فقبلت به على أمل أنه سيتغير، وكتبنا الكتاب لكنه دائماً يلمح أنه لا يريد العمل بوظيفة أخرى، مع أن لديه الوقت الكافي جداً لها، وسأسكن بالإيجار في محافظة أخرى، لكن يزعجني أنه ليس لديه خطة واضحة للحياة، مع أنني تحدثت كثيراً معه!

لكن يوماً بعد يوم أشعر بالنفور منه، ولا يعجبني الحديث معه، ولا طريقة تفكيره، وعندما يأتي إلى بيتنا أشعر بالهم، ولا أصدق متى يذهب، أشعر أنه غير مناسب لي من ناحية التفكير أبداً، وبدأت أشعر بالإحباط معه، مع أنه يحاول أن يرضيني، وأن لا يغضبني، ولكن لا أشعر أني متلهفة للزفاف، وأظل أفكر بالانفصال وأشعر بالارتياح!

لجأت إلى الله كي يزول هذا التردد الذي بداخلي، وأن يحببني فيه، وألتزم الأذكار، والاستغفار، والدعاء، ولكن لم يتغير هذا الشعور بداخلي!

أصبحت محبطة وغير سعيدة، وأخاف أن أظلمه معي؛ لأنني حتى لم أعد أطيق الحديث معه عندما يزورنا، وعندما يأتي وقت الصلاة لا يخبرني أنه يريد أن يصلي، وعندما ذكرته مرة، قال لي: لم يعد وقت لأدائها وسأعيدها بالمنزل أو أجمعها!

مع أن الجميع يخبرني أنه لين وذو خلق، لكنني أكتشف فيه جوانب أخرى، وأصدقاؤه ألفاظهم سيئة فقد رأيت ذلك على هاتفه!

بماذا تنصحونني؟ وماذا أفعل؟ وأيضاً إذا أخبرته أني أريد الانفصال عنه أعتقد أن عائلة أبي لن يعجبها الأمر، وخصوصاً عمتي!

أشعر أنني أستحق شخصاً لديه طموح، ويفكر بعقلانية، وأشعر معه أني شخص أفضل!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابتداء لا يحق لأحد أن يجبرك على الزواج بمن لا تريدين، ويحق لك متى ما علمت استحالة الحياة مع شخص -حتى ولو كان متديناً- طلب الانفصال منه؛ نقول لك ذلك: حتى لا يعمد الشيطان إلى إيهامك بأنك قد تورطت بهذ الزواج، وأصبح مفروضاً عليك ولا مفر منه؛ لأن هذا الشعور سيحملك على تضخيم السيئات، وعدم رؤية أي فضل له، وهذا ما يريده الشيطان منك؛ لذا ابتداءً ضعي في حسابك أن الأمر بيدك، وأنك متى ما أردت الانفصال حق لك ذلك.

ثانياً: آفة التعجل في الاختيار، أو اتخاذ القرار السيء أن الندم بعده لا يعيده، وأن ما كان ممكناً أصبح مستحيلاً؛ لذا دائماً ما نقول لأخواتنا: لا تتعجلن قراراً اليوم، ما دام يمكن أن يؤجل للغد.

ثالثاً: الزواج -أختنا- لا يبنى على جميع ما تريدين، بل على مجموع ما تريدين، وهذ نقطة هامة لا بد من فهمها: لن تجدي في شاب واحد كل ما تريدين؛ هذا أمر محال، كما لن يجد الشاب فيك كل ما يهوى، هذا كذلك محال؛ لذا العقل يقتضي دراسة الإيجابيات بدقة، ثم السلبيات، ثم الموازنة في السلبيات بين ما يمكن أن يعالج وما يمكن أن يتعايش معه؛ فإن كانت الإيجابيات أكثر من السلبيات، مع وجود الدين والخلق؛ فهذه نقطة عبور تدفعك للموافقة، وإن كانت السلبيات أكثر مع رقة في الدين والخلق؛ فهذا يوجب عليك التفكير والاستشارة أكثر.

رابعاً: أول ما ينبغي تقييم الزوج عليه ثلاثة أمور على الترتيب:
1- الدين والخلق: وكلام الناس الذين يعرفونه معتبر.
2- شكله العام: هل مقبول، أو منفر لك؟
3- علاقته بأهلك: هل هي توافق، أم صراع؟

بعد هذه الثلاثة كل السلبيات هي في إطار المراجعة والتقييم؛ فإن كان الشاب صاحب دين وخلق، حريصاً على صلاته، وسيرته بين الناس حسنة، وشكله العام مقبول لك، وعلاقته بأهلك ومجتمعه جيدة؛ فإن هذا الشاب حري عدم التفريط به، خاصة إذا أضفنا أنه يحاول أن يرضيك، تلك صفة جيدة تضاف إلى ما سبق.

خامساً: ما ذكرته من أمور سلبية نحن نتفق معك فيها، لكنها ليست كافية في ترك مثل هذا الشاب، في ظل عزوف الشباب عن الزواج من ناحية، وفي ظل قلة المعروض الجيد من ناحية أخرى؛ لذا ننصحك بالتريث، وعدم الحديث عما ذكرته لنا من رغبتك في الانفصال عنه، حتى تحسمي أمرك.

ننصحك أختنا بما يلي:
1- كتابة الإيجابيات والسلبيات في ورقتين منفصلتين، والتمعن في قراءتهما جيداً.
2- استشارة أهل الدين والعقل من محارمك، والسماع منهم.
3- الاستخارة قبل الموافقة، أو الرفض.

افعلي الثلاثة؛ فإن قضى الله لك هذا الشاب زوجاً فهو الخير، وإن صرفه عنك فهو الخير؛ فالاستخارة لا يعقبها إلا الصالح لك وله.

وأخيراً: تذكري أنك لن تجدي في كل شاب ما تريدين، فلا تجعلي الشيطان يستدرجك من هذه الزاوية.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يختار لك الخير، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً