الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أرد الجميل لزميلي الذي يزورني ولا أزوره؟

السؤال

لدي صديق مذيع يجيء إلى بيتنا زيارة كل فترة، وقد جاء نحو 6 مرات، وأنا أحب أن أرد له الزيارات، ولو بزيارة واحدة، وهو لا يأتي من ذات نفسه وإنما حين أقول له: تعالَ فيجيء، جزاه الله خيراً.

أنا أقول لوالدتي سآخذ أخي ونذهب لزيارة صديقي، فتقول: لا تذهب، ما دام هو يجيء فيكفي، وأنا أحب أن أذهب لزيارته، ولو في أي حفلة أو مناسبة.

قال لي إنه يسكن في الطابق الخامس، أي في آخر دور، ولا يوجد (مصعد) فقال لا تأتي فقد تتعب، فقلت سأقدم له أي هدية وكأني بذلك زرته.

أخي وزوجته ووالدتي يقولون لي: لا تذهب إليه، ماذا تعمل إذا ذهبت إليه فهو يجيء لزيارتك، علماً بأني سألت أخاً في الله قال لي: لا بد أن تبادله الزيارة كما يزورك، وأخ في الله قال: خذ أخاك واذهبا لزيارة صديقك، فهو يقدم احتفالات دينية، وليس فيها حفلات موسيقى.

إنه يقدم احتفالات دينية، فيها قرآن، ودروس إسلامية، فما رأيكم بالموضوع؟ ما هو الأفضل والأحسن؟ جزاكم الله خيراً.

أنا متضايق جداً لشعوري بالتقصير معه بهذه الطريقة، فأنا حين أراه وأقول له تعال لزيارتنا فإنه يجيء، فهل تكون الزيارات مقابل الزيارات في الشرع الإسلامي -أنا حين أزور صديقاً فإنه يبادلني الزيارة-؟

إني حين أدعو لزيارتي ولا أزور من زارني أشعر أني أمارس معه الإذلال، لذلك أنا أسأل ومنتظر منكم إجابة ترشدوني فيها، ما الذي أعمله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نتفهم شعورك بالرغبة في رد الجميل لصديقك المذيع الذي يزورك في منزلك بناءً على دعوتك له، والإسلام يحثُّ على حسن المعاملة ورد الجميل؛ فقد قال الله تعالى: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).

ثانيًا: مسألة الزيارة في الإسلام لا تقتصر على الذهاب إلى منازل الناس فقط، فزيارة المريض، أو الزيارة في المناسبات الخاصة، أو حتى التواصل مع الناس بالهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، كلها تعتبر أشكالًا من الزيارة والمعاملة الحسنة.

ثالثًا: إذا كان السبب الوحيد الذي يمنعك من زيارته في منزله هو عدم وجود المصعد والتعب من الصعود، فيمكنك البحث عن وسائل أخرى للتواصل معه وتقديره، مثل دعوته للخروج معاً لتناول وجبة، أو الذهاب معاً لأماكن تقضون فيها وقتًا جميلًا.

رابعًا: في حالة كونه يقدم احتفالات، فحضورك لهذه الاحتفالات يعتبر طريقة جيدة لدعمه وتقديره، وفي الوقت نفسه تستفيد أنت أيضًا من المادة التي يقدمها، طالما كانت هذه الاحتفالات في حدود المشروع والمباح.

خامسًا: النية تلعب دورًا كبيرًا في أعمالنا، إذا كانت نيتك صادقة وترغب حقًا في رد الجميل وليس مجرد الظهور بأنك ترد الجميل، فإن الله يعلم بذلك، الأهم هو صدق النية والرغبة في تقدير الآخرين، عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما.

في النهاية، لا يعتبر ما تفعله "تسخيرًا" للأخ المذيع إذا كانت نيتك صافية وترغب في رد الجميل، ولكن من الأفضل أن تحاول أن تجد وسائل مختلفة لتقديره ودعمه، سواء بزيارته أو دعوته لأماكن أخرى.

يسر الله أمرك، وزودك التقوى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً