الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة لكن والدي رفضاها بحجة عدم التزامها دينيًا

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب تعرفت على فتاة منذ سنتين، وكان مقصدي الزواج، بدأنا في الخروج معاً، وتعرفت على أهلها، وبعد فترة عرضتها على والديَّ من أجل خطبتها، لكنهما رفضا؛ بحجة أنها ناقصة الدين والخلق، بسبب ملابسها، ولأنها غير محجبة، وكذلك طبيعة عملها الذي يفرض عليها الاختلاط بالرجال.

قلبي تعلق بهذه الفتاة كثيرًا، وأخاف أن أظلمها بعد وعدي لها بالزواج، وكنا معاً لمدة طويلة، وفي نفس الوقت لا أريد المشاكل مع والدي.

الفتاة تريد أن نعقد قراننا دون علم أمي وأبي، وأنا رفضت الفكرة، وأعيش في حالة من تأنيب الضمير وحالة من الضيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونحيي شعورك تجاه الفتاة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، ونسأل الله أن يتوب علينا جميعًا لنتوب، وأن يهدينا جميعًا شبابًا وفتيات لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنَّا سيئ الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرفُ سيئها إلَّا هو.

طبعًا نتمنَّى دائمًا من شبابنا أن يحرصوا في أول شيء على إشراك الأهل في البداية، وليس في النهاية، وعرض الفكرة من بدايتها على الأسرة؛ حتى يضمنوا إمكانية الإكمال، ونسأل الله أن يُعينك على إقناع أسرتك، واستخدم الفضلاء والعقلاء لأجل أن يُقنعوا الأسرة بالقبول بالفتاة المذكورة.

أمَّا بالنسبة للفتاة: فنتمنَّى أيضًا أن تحرص على ارتداء الحجاب، وتفادي الملاحظات التي يذكرها الأهل، ليس لأن الأهل هم من ذكروا هذه الملاحظات، لكن لأن الله يُريدها، ولأن هذا من شريعة الله، فلا يجوز للمرأة أن تعمل إلَّا وفق الضوابط الشرعية، ومن أوّلها الالتزام بالحجاب الشرعي، والبُعد جهدها عن أماكن الرجال، يعني: هذه من الآداب والمطالب الشرعية، قبل أن تطلبها الأسرة، قبل أن يطلبها الوالد أو الوالدة هي أشياء مطلوبة شرعًا، وهي من ضمانات النجاح، والتديُّن في المرأة (فاظفر بذات الدين)، وكذلك في الرجل (إذا أتاكم من ترضون دينه وخُلقه) هذه قاعدة النجاح.

لذلك عليك أن تعمل في اتجاهين:
الاتجاه الأول: السعي في إقناع الأهل، وتحسين صورة الفتاة عندهم، وتحسين صورة أهلها.

الاتجاه الثاني: الاجتهاد مع الفتاة، إذا كانت تريدك ينبغي أن تحرص على أن تقترب أكثر وتُحسّن من حجابها، وتقترب لربّها، وتُصحح مسارها؛ لأن هذا ينفعها في الدنيا والآخرة، وهذا يضمن لكم أيضًا أسرة مستقرة، تُخرجُ أطفالًا صالحين وصالحات.

إذا رفضت الفتاة أن تتقدّم من الناحية الشرعية، وتُحسّن التزامها، وأيضًا ترتدي حجابها، وتجتهد في التقرُّب إلى الله تبارك وتعالى، فلا لوم عليك، ولا لوم على الأسرة؛ لأن الأسرة من حقها أن تتدخّل إذا كان هناك خلل في الدّين.

إذا كانت الفتاة متدينة، فعند ذلك يمكن أن يتزوج الإنسان، ويمضي في سبيله؛ لأنها صاحبة دين، لكن الآن طاعة الوالدين مطلوبة؛ لأنهم يأمرون بشيءٍ فعلاً فيه مصلحة شرعية، وكون الفتاة لا تلتزم بحجابها ولا بسترها، ولا تلتزم أيضًا بضوابط العمل في حال عملها، فبالتالي أرجو أن تبدأ مع الفتاة، وتُخبرها بأنك لن تستطيع أن تواصل إلَّا إذا تحسّنت من الناحية الشرعية، وعندها هي مَن تعرف قيمتك، فإمَّا أن تُقدم على هذا الخير، وتحمد الله الذي جاءها بمن يقودها إلى طاعة الله، وإلَّا فأنت في حِلٍّ من تلك الالتزامات، بل خيرٌ لك وخيرٌ لها أن تتوقفوا من البداية قبل أن تحصل مشكلات بعد ذلك.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونطالب الطرفين بالتوبة النصوح، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن العلاقة التي لم يكن لها غطاء شرعي - وربما حصل فيها تجاوزات - تحتاج إلى توبة نصوح، ونبشّرُكم بأن التوبة تجُبُّ ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً