الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع والدي بالموافقة على زواجي بشخص أخطأت معه؟

السؤال

السلام عليكم

أنا بنت، أعجبت بشاب وأحببته، وهو أيضاً أحبني، ووقعنا في خطأ الارتباط، والكلام الذي يقع فيه أغلب جيلنا حالياً.

المهم أن أخي تجسس عليّ، وقام بقرصنة هاتفي، وقرأ كل الشات والكلام الذي بيني وبين الولد، والحقيقة أنني أخطأت فيما كنت أبعث له من صور دون حجاب، وكانت لحظات إغواء من الشيطان، وكنت أقابله، وكل هذه أخطاء-أعترف بها-، واستغفرت الله منها، وتبت إليه.

المهم أن الشاب تقدم لأهلي، ولكن أهلي رفضوه تماماً، ووالدي قال: لو هذا آخر واحد في الدنيا لا أزوجك له، وهذا من قبل أن يقعد أبي مع الشاب أو يتعرف إليه، بل رفضه بمجرد مكالمةٍ هاتفيةٍ فقط، والسبب ليس مشكلة في الشاب، فالشاب طيب، ومحترم جداً، ولكن المشكلة أن أبي رفضه بسبب الأخطاء التي عملتها، وهو يعتقد أنه مكسور أمام الشاب.

علماً بأن الشاب كان طالبًا للحلال من أول ما كلمني، وقال لأبي: إنه يريدني في الحلال، لكن أبي رفض أن يعطي له فرصة حتى يتعرف إليه.

ماذا أفعل لأقنع أهلي؟ الشاب وعدني أنه سيتقدم مرة ثانية نهاية السنة، ولكن أبي أقسم بالله أنه لا يعطي له فرصة.

نحن أخطأنا واستغفرنا، ونطلب الحلال، لكن أبي يرفض ذلك، لماذا الزواج ليس بأيدينا وإنما بأيدي الأهل الذين يرفضون؟ إما لأجل العادات والتقاليد، أو لمصالح خالصة؟ أليس هذا من الظلم؟! لماذا لا نستطيع أن نختار الشخص الذي سنعيش معه بسعادة ونتحمل نتيجة اختيارنا؟

أنا قلبي مكسور، وأريد هذا الشاب بشدة؛ لأنه حقيقة شاب طيب، لكن أبي لا يعطي له فرصة!

أدعو الله كل يوم أن يلين قلب أبي وقلوب أهلي، فماذا أفعل غير ذلك؟ ماذا أفعل كي أقنع أهلي؟ فالشاب سيتقدم مرة أخرى، لكن ماذا أفعل إذا رفضه أبي مرة أخرى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يختار لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه: فدعينا ابتداء نذكر لك قصة حقيقية لفتاة طيبة مهندسة أحبت زميلاً لها في أول سنة جامعية، ثم تطور الأمر إلى الخروج معه دون أن يحدث بينهما -على حد قولها- محرمات كبرى، ثم إن الشاب تقدم لوالدها بعد التخرج لكن الوالد بعد ما سأل عنه رفضه، فهربت الفتاة واختارت حياتها بيدها، ثم بعد أربعة أشهر تغير هذا الزوج إلى جلاد بمعنى الكلمة:

1- اتهمها أولاً بأنها قليلة الأصل، بالطبع لأنها هربت معه وتزوجته دون موافقة ممن رباها وعلمها وأنفق عليها، وهل هناك من تخون أهلها لتكون وفية لزوج تعرفت إليه فقط منذ سنوات.
2- طردها من بيتها بعد مشاكل في النفقة، ولم تستطع الرجوع إلى أهلها فقبلت قدمه، ليدخلها.
3- أهل زوجها على موقف سلبي منها، ويدفعونه لطلاقها لأنها عندهم هي سبب الشقاء والبلاء الذي حل عليه.
4- حملت الفتاة وبعد حملها تدهورت حالتها الصحية، لم ينفق عليها، ولم يتحمل الدواء، ولما صرخت بعد عامٍ ونصف من المعاناة طلقها وطردها.

هذا ما صنعه الزوج بالفتاة التي راسلتنا تطلب المساعدة، وكان جوابنا لها تواصلي مع والدك فوراً، مهما فعل فهو أبوك، لا ندري بعد ذلك ما حدث لها، وإن كنا نتوقع تلك النهاية المحزنة.

أختاه: إن الزواج الذي يبنى على ما حرم الله لا يدوم بسلامة ولا بسلاسة وهدوء، ولو اطلعت على بعض الاستشارات المنشورة وسمعت بعض التجارب الواقعية لعلمت ذلك، ومن حق الوالد أن يقيم الوضع، ويقرر بالقبول أو الرفض؛ لأنه أخبر بالحياة منك، وأعلم بدروبها، وهو أحرص الناس عليك، وأحنهم وأرفقهم بك.

أختنا الكريمة: إننا ننصحك بعدة نصائح:

1- اعلمي أن أقدار الله ماضية، ومن كتبه الله زوجاً لك سيكون ولو منعه أهل الأرض، ومن لم يقدره زوجاً لك لن يكون ولو اجتمعت كل الدنيا لإتمامه، هذا ما نعتقده ويعتقده كل مسلم، وهذا ما يهدئ روعك ويطمئنك، بل ويزيدك اطمئناناً أن تعلمي أن أقدار الله الماضية لا تكون إلا بحكمة، والخير فيها وإن لم يفهم صاحبها، ولعل هذا بعض ما نفهمه من قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)؛ لذلك أكثري من الدعاء أن يرزقك الله الخير، واعلمي أن الله سيقدر لك الخير ما دمت على طريق الاستقامة.

2- ننصحك الآن بقطع التواصل فوراً مع هذا الشاب، ولا تستمعي لهذا الصوت الذي يتردد في أذنك من أن هذا مستحيل، وكيف الحياة بدونه، والموت أرحم، ولا أتخيل زوجاً غيره، كل هذه الكلمات يقذفها الشيطان في قلب كل فتاة، والزواج لا يبنى على العاطفة بقدر ما يبنى على الدين والخلق.

3- لا بأس أن يتقدم الشاب ثانية ولكن اجتهدي أن تعرفي الأسباب في رفضه، فإن كانت أسباباً غير صحيحة فاجتهدي في إزالتها، وإن كانت حقيقية فاستمعي إليهم فهم أدرى بحمايتك، واعتبري بما كان، فالعرب تقول: من لم يعتبر بغيره، اعتبر به غيره.

4- لا بأس أن تتحدثي مع الوالدة إن كان الشاب كما ذكرت تائباً من ذنبه، ومتديناً، وصاحب خلق، ولا بأس كذلك أن تحدثي من له وجاهة عند والدك، ويمكن أن يسمع منه، الشاهد افعلي كل ما تستطيعين فعله لإقناع الوالد، مع الدعاء والتضرع لله تعالى، فإن وافق فالحمد لله، وإن رفض فالحمد لله، وأغلقي الباب، واعتبري بما ذكرنا لك.

نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح التقي النقي الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً