الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أكثرت من شرب الكافيين وأصبت بنوبات الهلع والخوف، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، كنت نشيطة ومحبة للحياة، وفي أحد الأيام منذ 3 أسابيع تقريبًا أكثرت من شرب النسكافيه، شربت كأسين بالحجم الكبير وفنجانين صغيرة، وشربت أيضًا في اليوم نفسه مشروب الطاقة لأول مرة في حياتي.

مر يوم العمل على ما يرام، وعند عودتي للمنزل وجدت بأن أحد الناس ظلم والدتي، فانفعلت بالنقاش والدعاء عليه، لدرجة أحسست بها أن نبضات قلبي تتسارع ولم أكترث للأمر.

وفي المساء وقت الخلود للنوم لم أستطع النوم تلك الليلة، وشعرت بأن نبضات قلبي مرتفعة، وجسمي ليس هو جسمي، وللأسف هلعت، وشعرت بأنها سكرات الموت، وعندما أخذني أهلي إلى الطوارئ، كنت الهث لهثا بالسيارة، وعند وصولنا كل النتائج سليمة ورجح الطبيب بأنها نوبة هلع.

بعدها أصبت بوسواس الموت والقلق، و- الحمد لله- حاربت وسواس الموت وتجاهلته قدر الإمكان، وبعد يومين وأنا نائمة في بداية نومي في الليل صحوت فزعة ومرعوبة بسبب الإزعاج في الغرفة المجاورة، وعادت نوبة الهلع من جديد، مع تسارع نبضات القلب، وذهبت إلى الطوارئ وكل شيء سليم.

شعرت بأنني أقلق أهلي وأمي خاصة، حاولت معالجة نفسي، وأنا أعاني من نوبة الهلع وتكرارها مع الدوخة وتسارع نبضات القلب، تأتي بشكلٍ مفاجئ، مرة بالنهار ومرة في الليل، وأكثر وقت يكون في الليل، وأنام دون حول مني ولا قوة.

ما هو العلاج اللازم؟ هل هناك أمل في الشفاء نهائيا؟ المشكلة أنني سعيدة -الحمد لله-، والنوبة تأتي فجأة بدون سبب واضح خاصة في الليل، ساعدوني.
شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي حدث لك هو نوع من الانسمام حين تناولت الكافيين بكثرة، ويُعرف أن الكافيين له تأثير شديد جدًّا على الجهاز العصبي اللاإرادي، وكل الأعراض التي حدثت لك، من زيادة في اليقظة، وزيادة في الانفعالية، وعدم النوم، ناتج من ارتفاع مستوى تركيز الكافيين في الدم لديك، وهذا أيضًا أدَّى بعد ذلك إلى استثارة ما نسمّيه بنوبات الهلع أو الهرع، ربما يكون أصلاً لديك شيء من القابلية لهذه النوبات، وتناولك للكافيين بتلك الدرجة والكميات التي ذكرتِها في ذاك اليوم جعل الخلايا الجسدية النائمة تستيقظ، وهي الخلايا الخاصَّة بالهلع والهرع.

العملية عملية فسيولوجية بحتة، و-إن شاء الله تعالى- أنت لستِ مريضة، يجب أن أؤكد لك ذلك، والهلع والهرع والخوف من الموت هو نوع من قلق المخاوف، الذي يمكن للإنسان أن يتجاوزه تمامًا من خلال: التجاهل، وتحقير الفكرة، وتجنّب المثيرات، مثلاً: الكافيين هو مثير واضح جدًّا، فيجب أن تتجنّبيه، أو تُقلّلي تمامًا من شُرب الشاي والقهوة.

وأنصحك أيضًا بممارسة رياضة المشي، سوف تكون مفيدة جدًّا لك. أيضًا تطبيق تمارين استرخائية، تمارين التنفُّس التدرُّجي، وتمارين قبض العضلات وشدِّها ثم إطلاقها، مفيدة جدًّا.

أيضًا الالتزام بالأذكار، أذكار الصباح والمساء على الأقل، تنقل الإنسان إلى مزاج عظيم جدًّا وحالة استرخائية وكثير من الطمأنينة، وكوني حريصة على ذلك، وطبعًا الصلاة يجب أن تكون في وقتها، ويجب أن تحافظي أيضًا على وردٍ من القرآن يوميًا.

عيشي قوة الآن (الحاضر)، وعيشي الحياة بأمل ورجاء، وكوني مبدعة في عملك، وأحسني إدارة الوقت كما قلنا هذا كلُّه -إن شاء الله تعالى- يجعلك في حالة من الراحة التامّة -بحول الله تعالى-.

عليك أيضًا بالتواصل الاجتماعي، وأن تقومي بواجباتك الاجتماعية، لا تتخلّفي أبدًا عن واجب اجتماعي: تلبية الدعوات، تفقُّد الأهل، زيارة المرضى، هذا كلُّه ممتاز وجميل، ويؤدي إلى تأهيل نفسي إيجابي.

حتى نتأكد تمامًا أننا قد أغلقنا باب الهرع والقلق لديك أودُّ أن أصف لك دواء، بما أنك صيدلانية سوف تعرفينه تمامًا، الدواء هو الـ (اسيتالوبرام)، والذي يُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس)، أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة، ولمدة ليست طويلة.

هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وحبة أخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، يمكنك أن تبدئي في تناول نصف حبة التي تحتوي على عشرة مليجرام –أي خمسة مليجرام– يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تناولي حبة كاملة -عشرة مليجرام - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها -خمسة مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم -خمسة مليجرام- يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

كما هو معروف السيبرالكس دواء نقي جدًّا، ولا يُؤدّي إلى الإدمان أبدًا، ولا يُؤثِّرُ أبدًا على الهرمونات النسائية.

أرجو أن تُطبقي الإرشادات السابقة التي ذكرتُها لك، وتناول الدواء قطعًا سوف يكون قيمة إضافية إيجابية أيضًا، لتبلغي إن شاء الله تعالى أفضل درجات الصحة النفسية الإيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً