الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعبت من نفسي ومن كل شيء فأنا أشعر بالملل بدون أصدقاء.

السؤال

السلام عليكم.

أنا متعب جدا، لا أعرف من أين أبدأ، يمكنني التحدث لسنة كاملة ولا أكتفي، ليتني أموت لكي أرتاح، فأنا وصلت لمرحلة نظرة من شخص أو كلمة حتى لو بالمزاح أحزن منها طوال يومي، لا أعرف ماذا أفعل؟

أشعر طوال اليوم بالحزن، والكآبة، وبضيق في صدري، أفكر كثيرا في حياتي التي لا معنى لها، أشعر أن لا أحد يحبني، والدليل أن أي شخص أتعرف عليه خلال أسبوع أو أقل يتركني، التقيت بشخص أعرفه قال لي: لماذا فلان تركك؟ قلت له لا أعلم ولا يهمني، فضحك وقال: يبدو أنك مكروه جدا؛ لأن جميع أصحابك تركوك، هذه الكلمة قتلتني ألف مرة، أعلم أنها صحيحة، ولكني لم أتصور في يوم من الأيام أن يقولها لي أحد.

أظن حتى أهلي يكرهونني والدليل تصرفاتهم ونظراتهم، لطالما كانت العائلة هي المدمر الأول للإنسان، ولكننا خجلنا من قول هذا، أنا لا أستيقظ لمشاركة عالمي، أستيقظ أبحث عن مكان للاختباء عن من حولي، منذ أسبوع رأيت صديقي القريب مع أصدقائه ليتني مِتُّ قبل أنْ يمسنِّي هذا الشعور.

وصفتم لي دواء (زولفت)، وتناولته لمدة شهر ونصف، ولم أستفد منه، وحاولت أن أذهب للنادي للرياضة فلم أجد أحدا يعيرني اهتماما أو ينظر إلي، شعرت بالملل وحدي، وتوقفت، لو أنني أعرف كلمة أعمق من كلمة انطفأت لقلتها، فأنا لم أشعر من قبل بانطفاء روحي مثلما أشعر بها الآن، أنا لست بخير، ولا أظن أنني سأكون بخير أبدا، وكأن الخير لا يعرف لي طريقا.

أشعر أن هذه الأيام بطيئة وحزينة جدا، وأفكر كثيرا، أفكر في الذي حصل، والذي يحصل، والذي من الممكن أن يحصل، وأفكر في الأشياء التي لن تحصل، وأشعر أنني أتعذب كما لو كان شبابي قد انتزع مني وقد عِشتُ في الدُنيا تسعين عاما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي الكريم: أي مشكلة في الدنيا إذا لم يستطع الإنسان حلَّها بعد محاولات عديدة؛ هذا لا يعني أنه لا يوجد حل، الحل موجود لكن الإنسان لم يصل إليه، وعليه يجب أن يُحاول حتى يصل إليه.

مشكلتك الأساسية من وجهة نظري هي نظرتك السلبية لنفسك، وتُسقط أحكام سلبية جدًا على نفسك من خلال مشاهداتك حول العالَم الخارجي.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن تكون نظرتك إيجابية لنفسك، يجب ألَّا تُقلِّل من ذاتك، يجب أن تعرف أن الله تعالى قد كرَّمك، وإن كنت وجدتَّ بعض الرفض من هنا وهناك فإن هنالك أماكن وأشخاصا لا يمكن أن يرفضوك، إخوانك المصلون في المساجد، جيرانك، زملاؤك في الدراسة.

ويا أخي الكريم: ليس من الضروري أن تندفع اندفاعًا نحو الناس، لا، الناس يأتونك من خلال أشياء معينة أيضًا، كما ذكرنا: صلاة الجماعة، الرياضة الجماعية، والقيام بالواجبات الاجتماعية، الواجبات الاجتماعية المتمثلة في زيارة المرضى، حضور المناسبات كالأفراح، تقديم واجبات العزاء، صلة الرحم، المشاركة في أنشطة ثقافية وعلمية، الانضمام لأحد حِلق تحفيظ القرآن ... هذه أماكن طيبة وأنشطة طيبة، يحفُّها الخير والأمان، ومَن يرتادونها لا يرفضون الناس.

فلابد أن تقوم أنت بجهدٍ من جانبك، والإنسان لابد أن يرتقي بنفسه، ويُقدّر نفسه تقديرها الحقيقي، نعم لا نُضخّم أنفسنا، لأن هذا ليس بالصحيح، لكن يجب ألَّا نُحقّر أنفسنا أبدًا. ويجب – أيها الفاضل الكريم – أن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، ركَّز على هذه النقطة.

وعليك بالدعاء، عليك ببر والديك، هذا يجعل الدنيا تأتيك مُقبلة بكل جمالها وبكل أريحيتها. فأنت تحتاج أن تُغيِّر نمط حياتك، وهذا هو الذي أنصحك به، وما دام الدواء لم يفدك فلا داعي لاستعماله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً