الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الخوف والقلق والوسواس؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من قلق ووسواس منذ 15 عاما، وصف لي طبيب الأعصاب دواء كان مفيدا جدا، اختفت الأعراض التي كنت أعاني منها من تنميل وقولون وخوف وتوقع المصائب.

أثناء الحرب السورية وقصف الطائرات عادت لي تلك المخاوف والوساوس، وأعاني حاليا من خمول وانفعالية، وعدم التركيز، ووساوس متنوعة، وتشنج في الجسم، وخصوصا اليدين والقدمين والأكتاف، حتى أن ضغط الدم ارتفع لمدة ثلاثة أيام وكان 17/10، ثم عاد طبيعيا.

بسبب النزوح أعاني من عدم القدرة على التأقلم مع هذا الواقع، وأتمنى العودة إلى مدينتي، ولكن ذلك مستحيل، بحثت في العديد من المواقع، واشتريت العديد من الأدوية، لكني أخاف من استعمالها.

أحيانا أحاول إخراج نفسي مما أنا فيه، ولكن سرعان ما أعود إلى الحزن، وتوقع شيء ما سيحدث لي، والشك في من حولي، وخصوصا في عملي، فأرجو منكم المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

لا شك أن أحد تبعات النزوح السلبي أنه قد يؤدي إلى صعوبات نفسية تتمثل في عدم القدرة على التكيف - كما تفضلت وذكرت ذلك - وعدم القدرة على التأقلم أو التطبّع أو التواؤم، ويظهر في شكل أعراض قلقية وأعراض اكتئابية بسيطة، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك الآن، لديك خلفية أن شخصيتك تحمل الطوابع الوسواسية، وكذلك القلق، وطبعًا أثناء الحرب كانت الأعراض قد ظهرت لديك جليّة.

أيها الفاضل الكريم: الآن أنت مطالب أن تفكّر بصورة إيجابية، مهما كانت تبعات النزوح إلَّا أنه -الحمد لله- لديك عمل، لديك مأوى حتى وإن كان مؤقتًا، فلا تتشاءم، وحاول أن تتفاعل مع من حولك، مع أسرتك، مع الأصدقاء، رفقة المسجد دائمًا رفقة طيبة، حاول أن تمارس رياضة، كرياضة المشي فيها فائدة كبيرة جدًّا، اقرأ، اطلع، هذا - أخي الكريم - يجعلك تتوائم وتتكيف بدرجة معقولة جدًّا.

وبالنسبة للأدوية: نعم هنالك أدوية ممتازة، فاعلة، وأنا أعتقد أن عقار (بروزاك) والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين) سيكون دواءً جيدًا جدًّا بالنسبة لك، يُضاف له جرعة صغيرة من عقار يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد).

البروزاك دواء يُحسّن المزاج، يُحسِّن الدافعية، يزيد من الطاقات النفسية والجسدية، وهذا يعني أنه سوف يتصدّى للخمول الذي تعاني منه -إن شاء الله تعالى-، لكن لا بد أن تصبر على فعالية الدواء، لأن البناء الكيميائي يتطلب مُضي بعض الوقت، وعليك الالتزام القاطع بالدواء.

تبدأ في تناول الفلوكستين بجرعة كبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) يوميًا، تتناولها بعد الأكل، يمكن تناولها نهارًا أفضل من تناولها ليلاً، لأن البروزاك قد يزيد من اليقظة، استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم اجعل الجرعة كبسولتين يوميًا - أي أربعين مليجرامًا - وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء، كما ذكرتُ لك البروزاك سليم، غير إدماني، غير تعوّدي، وهذه أحد ميزاته الكبرى.

أمَّا الدواء الآخر - وهو الدوجماتيل - والذي يُساعد كثيرًا في علاج القلق والتوترات والتشنجات العضلية الجسدية والقولون: تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا في الصباح لمدة أسبوع، ثم تجعلها كبسولة صباحًا وكبسولة مساءً لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة صباحًا لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله، وهو أيضًا دواء فاعل وممتاز وغير إدماني وسليم.

هذا ما أودُّ أن أنصحك به، وكما ذكرتُ لك سلفًا اجعل دائمًا مشاعرك وتفكيرك في السبيل الإيجابي، والطريقة الإيجابية، ولا تجعل طريقًا للسأم أو لليأس ليُهيمن ويُسيطر عليك، الحياة طيبة، والحياة فيها خير كثير -إن شاء الله تعالى- مهما تكالبت الظروف وكثرت العثرات، وعليك بالدعاء - يا أخي - سلاحٌ عظيمٌ جدًّا لتفريج الكُرب والهموم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً